عبدالله محمد الشهراني

حياة الملاح الجوي

الأربعاء - 11 يناير 2023

Wed - 11 Jan 2023

يرى المجتمع حياة الملاح الجوي (طيار أو مضيف) حياة وردية، لا تخلو من متعة السفر واكتشاف العالم، لكن الحقيقة خلاف ذلك. فهي وظيفة ذات مسؤولية عالية، مصحوبة بتحديات اجتماعية وشخصية كبيرة، مقارنة بكثير من الوظائف الأخرى.

سأخص هذا المقال بحياة الملاح الاجتماعية والشخصية، والتي تبدأ عند استلام جدول الرحلات الشهري، الجدول الذي تتشكل عليه حياة الملاح وعائلته أيضا، حيث تكون أول مهمة بعد استلام الجدول، هي إرساله مباشرة إلى (قروب العائلة).

جدول تتضح خلاله أوقات الرحلات والراحة خارج البلاد، وأيام الراحة في البيت، إضافة إلى الأوقات التي يكون فيها الملاح في «حالة انتظار»، لتغطية النقص الطارئ، حتى لا يتعثر سير العمل.

إن أوقات ومواسم الملاحين تختلف عن باقي أفراد المجتمع، إذ من الصعب أن يتمتع غالب الملاحين وعائلاتهم بإجازة صيفية مثلا، حيث من الطبيعي أثناء المواسم أن تكثر الرحلات، وتزداد وتيرة العمل وساعاته، لذا يضطر الملاح وعائلته السفر بعيدا عن أوقات الإجازات الرسمية.

حياة الملاح تتطلب التخطيط والتنظيم الدقيق، حتى يتسنى له إنجاز مهامه الاجتماعية والعائلية والشخصية في الوقت المطلوب، فإن حصل التخطيط ولم يحصل التنفيذ، تراكمت المهام وتأجلت، وربما فات أوانها مسببة ضغوطا كبيرة وكثيرة على الملاح.

كم من ملاح ذرف دموعه والتف حوله زملاؤه في الطائرة، بعدما وصلته رسالة تحمل حزن الدنيا (وفاة أم أو أب أو أخ أو حبيب). وملاح آخر يذرفها فرحا عندما تصله صورة شهادة نجاح ابنه، أو مقطع فيديو يجمع الجد مع الأحفاد بعد صلاة العيد. كم من رسالة اعتذار عن حضور مناسبة سعيدة، أو تغيب عن واجب عزاء أرسلها الملاح إلى أعز أحبابه، وقلبه يتفطر ألما وحسرة. كم يوم في رمضان يفطر فيه الملاح بعيدا عن عائلته. وكم من ملاح لم ير مولوده الجديد إلا بعد يوم أو يومين من ولادته.

تحية تقدير وعرفان لكل الملاحين.

ALSHAHRANI_1400@