الثعالب العمياء
الأحد - 08 يناير 2023
Sun - 08 Jan 2023
يحكى في الأساطير الإغريقية أن هناك صيادا أصابه الغرور من شدة وسامته، زاد إعجابه بنفسه حتى كره الناس واعتزلهم، بعد أن وقع في حب صورته المنعكسة على ماء البحيرة؛ وبقي عندها يحدثها وتحدثه. يقال إن اسمه كان نرجس أو نركسوس أو ربما نرسيس. المهم أنه مات منبوذا وحيدا كأشهر مصاب بعقدة النرجسية (Narcissistic).
النرجسيون هم من تضخم عندهم (الأنا)؛ يحاولون دائما وبشكل عجيب الظهور بمظهر الأنيق المميز في الملبس والمركب والمسكن والمأكل والمشرب، ليكونوا محط الإعجاب في عيون الناس، فركبهم الكبر والخيلاء، يحبون ذواتهم لحدود المبالغة، شخصياتهم متسلقة ابتزازية، تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الآخرين، وإن كان من أقرب المقربين أو ممن لهم صلة حبلها متين.
النرجسي يدمر كل محاولات المحيطين به؛ الحالمين بالنجاح، فلا يقبل قيام أو اقتراب من يخاف منافسته رغم أن قمم النجاح متعددة وفسيحة وتتسع للجميع؛ ولكنه لا يملك الروح النبيلة التي تقدم هذه التنازلات فهو لا يحب الإيثار حتى لأخيه من أمه وأبيه، ولا يسعى بين الناس بالحق، فتجده دائما يحب الظل عند الكرب؛ ويستبسل في تنظير سياسة المراوغة والبحث عن أنصاف الحلول أو ما أسميها سياسة الثعالب؛ بحجة ما يليق به وما لا يليق، فلا تجده يتعاطف مع أحد؛ لأنه لا يملك علاقات اجتماعية طبيعية ناجحة مع البشر الطبيعيين؛ إذ يرى نفسه خاليا من العيوب والنواقص، يهتم بنفسه وملابسه وأناقته لإشباع رغباته في التفرد عن الآخرين، ولإثارة إعجابهم حتى لو لزم الأمر السخرية اللفظية أو السخرية بالحركات الجسدية ممن يدرك علو قامتهم عليه في قلوب الناس وفي المجتمع، ويستخدم تارة يدا أو عينا أو مط الفم والكتف، أو يحن ويمن بما لفظته يده بعد أن استغنى عنه مما لم يعد له قيمة ولا مقام.
النرجسي لا يطرب إلا لصوت وكلمات الإطراء والإعجاب وقرع الطبول العالي بالمديح والتصفيق الكبير والتصفير الحاد لاهثا لتعويض شعوره بالنقص فهو يقتات على ما سرقه غيره من الزمن القريب ويتباهى بما غفلت عنه عين الرقيب، ويتجاهل وهو ليس بجاهل أن عقول الناس لا تنسى ولا ترحم والتاريخ دون الماضي ويدون الحاضر وسيدون ما يكون في المستقبل.
النرجسيون يعيشون بيننا ويعملون معنا ويسكنون بجوارنا وكم عرفت منهم وقابلت ثم فارقت زهدا في قيمتهم لسهولة تعويضها، فالنرجسي؛ بقدر ما يعنى صراعه الطويل المنتهي على مذبح غرائزه المطلقة في إيذاء غيره وإذلاله والتعدي على أبسط حقوقه المتاحة والمباحة، تكون النهاية موته حتى وقبل أن يلفظ أنفاسه؛ لأنه مسبق لفظ إحساسه بوجوده كإنسان، ولفظ إحساسه بوجود غيره كعنصر تكامل وتكافل؛ فالميزان لا تخطئ فيه كفة على أخرى؛ لقد هزم النرجسي مبكرا حين كسر غيرة شوكة الميزان وفقد صفة العدل مع نفسه ومع غيره.
أخيرا.. يأيها النرجسيون لا تكونوا مثل نبات النرجس ذي الأوراق الخضراء المفلطحة والبتلات القوية والسبلات الجميلة والأقماع الناعسة، التي يعتليها ملمس ناعم شبهت به العيون الفاترة لانكسارها؛ لكنه في الوقت نفسه يقتل النباتات الأخرى التي تنمو جواره، لأن سمه متبلور في داخل تكوينه؛ لا تستبيحوا لأنفسكم استغلال الناس والسخرية منهم، فالزعامة تحتاج الزعماء والحرب تحتاج الأقوياء والثناء يكسب بالسخاء، فلا نامت أعين الثعالب العمياء.
hq22222@
النرجسيون هم من تضخم عندهم (الأنا)؛ يحاولون دائما وبشكل عجيب الظهور بمظهر الأنيق المميز في الملبس والمركب والمسكن والمأكل والمشرب، ليكونوا محط الإعجاب في عيون الناس، فركبهم الكبر والخيلاء، يحبون ذواتهم لحدود المبالغة، شخصياتهم متسلقة ابتزازية، تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الآخرين، وإن كان من أقرب المقربين أو ممن لهم صلة حبلها متين.
النرجسي يدمر كل محاولات المحيطين به؛ الحالمين بالنجاح، فلا يقبل قيام أو اقتراب من يخاف منافسته رغم أن قمم النجاح متعددة وفسيحة وتتسع للجميع؛ ولكنه لا يملك الروح النبيلة التي تقدم هذه التنازلات فهو لا يحب الإيثار حتى لأخيه من أمه وأبيه، ولا يسعى بين الناس بالحق، فتجده دائما يحب الظل عند الكرب؛ ويستبسل في تنظير سياسة المراوغة والبحث عن أنصاف الحلول أو ما أسميها سياسة الثعالب؛ بحجة ما يليق به وما لا يليق، فلا تجده يتعاطف مع أحد؛ لأنه لا يملك علاقات اجتماعية طبيعية ناجحة مع البشر الطبيعيين؛ إذ يرى نفسه خاليا من العيوب والنواقص، يهتم بنفسه وملابسه وأناقته لإشباع رغباته في التفرد عن الآخرين، ولإثارة إعجابهم حتى لو لزم الأمر السخرية اللفظية أو السخرية بالحركات الجسدية ممن يدرك علو قامتهم عليه في قلوب الناس وفي المجتمع، ويستخدم تارة يدا أو عينا أو مط الفم والكتف، أو يحن ويمن بما لفظته يده بعد أن استغنى عنه مما لم يعد له قيمة ولا مقام.
النرجسي لا يطرب إلا لصوت وكلمات الإطراء والإعجاب وقرع الطبول العالي بالمديح والتصفيق الكبير والتصفير الحاد لاهثا لتعويض شعوره بالنقص فهو يقتات على ما سرقه غيره من الزمن القريب ويتباهى بما غفلت عنه عين الرقيب، ويتجاهل وهو ليس بجاهل أن عقول الناس لا تنسى ولا ترحم والتاريخ دون الماضي ويدون الحاضر وسيدون ما يكون في المستقبل.
النرجسيون يعيشون بيننا ويعملون معنا ويسكنون بجوارنا وكم عرفت منهم وقابلت ثم فارقت زهدا في قيمتهم لسهولة تعويضها، فالنرجسي؛ بقدر ما يعنى صراعه الطويل المنتهي على مذبح غرائزه المطلقة في إيذاء غيره وإذلاله والتعدي على أبسط حقوقه المتاحة والمباحة، تكون النهاية موته حتى وقبل أن يلفظ أنفاسه؛ لأنه مسبق لفظ إحساسه بوجوده كإنسان، ولفظ إحساسه بوجود غيره كعنصر تكامل وتكافل؛ فالميزان لا تخطئ فيه كفة على أخرى؛ لقد هزم النرجسي مبكرا حين كسر غيرة شوكة الميزان وفقد صفة العدل مع نفسه ومع غيره.
أخيرا.. يأيها النرجسيون لا تكونوا مثل نبات النرجس ذي الأوراق الخضراء المفلطحة والبتلات القوية والسبلات الجميلة والأقماع الناعسة، التي يعتليها ملمس ناعم شبهت به العيون الفاترة لانكسارها؛ لكنه في الوقت نفسه يقتل النباتات الأخرى التي تنمو جواره، لأن سمه متبلور في داخل تكوينه؛ لا تستبيحوا لأنفسكم استغلال الناس والسخرية منهم، فالزعامة تحتاج الزعماء والحرب تحتاج الأقوياء والثناء يكسب بالسخاء، فلا نامت أعين الثعالب العمياء.
hq22222@