محي عبدالله القرني

المهارات الرقمية يا وزارة التعليم

الاحد - 08 يناير 2023

Sun - 08 Jan 2023

تعيش مادة المهارات الرقمية العزلة في المرحلة الابتدائية والمراحل الأخرى وتعلن عن مدى تذمرها من ازدراء أقرانها من المواد.

الرياضيات تتفاخر بتأثيرها على الكون وإرثها التاريخي وبمعادلاتها التي اجتاحت الفضاء وتوغلت في هندسة سير قوافل البحار، والعلوم تتباهى بمعاملها الرحبة الواسعة التي تعمقت في عالم الإنسان وسارت مع الحيوان والنبات في رحلة الاكتشاف وعقدت الاتفاقات الفيزيائية منذ عقود مع المعادلات الرياضية لسبر أغوار المجهول.

وزارة التعليم كانت واعية لمتطلبات العصر ولديها الحس المهني بأهمية التقنية ودورها في إحداث نقلة نوعية من خلال تدريب الأجيال منذ الطفولة على الأدوات اللازمة لصناعة المستقبل، ويعتبر ذلك وثبة فكر ناضج لمواكبة الزمن في ظل التغيرات المتسارعة والظروف المحيطة من معارك تقنية تنافسية على مستوى العالم.

صاغت الوزارة المناهج الالكترونية بكل حرفية تتناسب مع المرحلة العمرية بتدرج سلس وممتع مع تزويد الطالب بإثراءات غنية بالمعلومات والشروحات عبر قنوات داعمة للتعليم.

ومع هذه الجهود الملموسة إلا أن الوزارة لم تراعي أهمية الجانب العملي التطبيقي داخل حجرة الدرس تزامنا مع انطلاق المحتوى الرقمي مما له تأثير على جودة مخرجات الناتج التعليمي، فالتدريب لا يؤتي أكله حتى تلامس الأنامل لوحة المفاتيح وتضم راحة اليد فأرة التحكم ويخوض الطالب تيارات الصح والخطأ والتجريب وحل المشكلة بالإعادة مرات عديدة حتى يصل إلى نشوة: توصلت إلى الحل أخيرا.

المناهج مرتبطة بالكمبيوتر المكتبي والمحمول وأجزائهما الرئيسة وملحقاتهما أكثر من برامج الهواتف الذكية وكذلك ارتباطها ببرامج الميكروسوفت واضح وجلي بإكساب الطالب مهارات البحث والنسخ واللصق والطباعة وغيرها من المهارات الأساسية حتى الوصول إلى تعلم لغات البرمجة.

علامات الاستفهام تحلق فوق رؤوس المهتمين بتدريس هذه المواد، وأسئلة حائرة حول لماذا لا يوجد معامل مدرسية تقنية تحول الطابع النظري للمنهج إلى تطبيقي مهني؟ لماذا لا يتم توزيع أجهزة لوحية تدعم جميع برامج الأوفيس وخاصة ميكروسوفت إذا تعذر توفير معامل؟

نعلم وبكل شفافية بأن أكثر الأسر لا يوجد لديها حاسب آلي نظرا لظروفهم المادية التي تقف عليها إدارات المدارس بشكل يومي، كما يتيقن الكثير من معلمي هذه المواد إذا لم يكن هناك تدريب داخل المدرسة فإن نسبة ليست بالقليلة لن تتدرب خارجها وذلك لعدة عوامل فوق استطاعة الطالب وولي أمره.

من أبرز المشاريع والمبادرات التي قدمتها مؤسسة تكافل الخيرية التي تعنى بدعم الطلاب والطالبات المحتاجين هو مشروع (التمكين الرقمي) ففي عام 2015 تم توزيع 13000 جهاز لوحي و2500 جهاز حاسب محمول وطابعة، مقدمة من شركة أرامكو السعودية مع شريحة اتصال بالإنترنت مقدمة من شركة الاتصالات السعودية وفي النسخة الثانية عام 2017 تم تطوير المبادرة بالشراكة مع 8 جهات من القطاعين الحكومي والخاص، حيث تم توزيع 20000 جهاز حاسوب لوحي على طلاب وطالبات تكافل في إدارات التعليم بالحد الجنوبي مع تزويد تلك الأجهزة بمحتوى تعليمي وثقافي.

مثل تلك الإسهامات التقنية والمبادرات الموجه نفعها إلى المدارس وعقد الشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالجانب التكنولوجي ترفع من كفاءة العقول الناشئة وتمهد الطريق نحو عالم جديد يختلف عن عصور سابقة، وهذا دور وزارة التعليم أن ترعى هذا الجانب أهمية قصوى فمادة المهارات الرقمية تعتبر إحدى البوابات المهمة التي من خلالها نرى معالم العالم الحديث بوضوح، وبإتقان تدريبها نصل بالأجيال إلى مستقبل تقني ناجح يقود الوطن إلى نماء دائم يتجاوز حدود المكان والزمان.