مؤرخ أمريكي يتوقع حربا عالمية ثالثة

فيرجسون: التصعيد في أوكرانيا يدفع إلى أكبر من المتوقع بكثير
فيرجسون: التصعيد في أوكرانيا يدفع إلى أكبر من المتوقع بكثير

الاثنين - 02 يناير 2023

Mon - 02 Jan 2023

يصف مؤرخ شهير الحرب بأنها الجحيم على الأرض، حتى ولو كانت حربا محدودة النطاق، ويعدها دمارا لمن يعانون ويلاتها.

وكتب الأسكتلندي الأصل، الأمريكي الجنسية (نيال فيرجسون)، عن حرب أوكرانيا، ومخاوف اندلاع حرب ثالثة، في تحليل نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء، أن الحروب العالمية هي أسوأ عمل قام به بنو البشر ضد بعضهم بعضا، مشيرا إلى مقال كتبه الشهر الماضي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، تحت عنوان: «كيف نتجنب حربا عالمية أخرى».

وذكر كيسنجر في مقاله، أنه في 1914 لم تكن الدول الأوروبية تدرك بما يكفي «كيف عززت التكنولوجيا قوتها العسكرية، وقد ألحقت هذه الدول دمارا غير مسبوق ببعضها بعضا». وفي أغسطس 1916، بعد عامين من الحرب، وسقوط ملايين الضحايا، بدأت الدول المقاتلة الرئيسة في الغرب (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) محاولة استكشاف آفاق إنهاء المذبحة، وقد فشلت مساعيها، رغم تدخل الولايات المتحدة.

سؤال كسينجر

طرح كيسنجر سؤالا مهما في مقاله «هل يجد العالم نفسه اليوم في نقطة تحول مماثلة لـ(فرصة عام 1916) في أوكرانيا، في الوقت الذي يفرض فيه فصل الشتاء وقفا مؤقتا لعمليات عسكرية واسعة النطاق هناك؟».

وتساءل فيرجسون: هل هناك سبيل لإنهاء هذه الحرب، أم مقدر لها أن تشهد تصعيدا لتصل إلى ما هو أكبر من ذلك بكثير؟.

وكما أشار كيسنجر في مقاله، هناك قوتان نوويتان في منافسة على مصير أوكرانيا، إحداهما روسيا، التي تخوض بالفعل حربا تقليدية، ورغم ذلك، تخوض أمريكا والغرب القتال بشكل غير مباشر، إذ توفران لأوكرانيا ما وصفه أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لشركة بالانتير تكنولوجيز أنكوربوريشن لبرامج الكمبيوتر وتحليل البيانات الضخمة، بـ«قوة أنظمة الحرب الخوارزمية المتقدمة».

وقال كارب لصحيفة الواشنطن بوست إن ذلك «يعادل امتلاك أسلحة نووية تكتيكية، في وجه خصم يمتلك أسلحة تقليدية فحسب». فهل تخيل أحد ما الذي يمكن أن يترتب على ذلك؟.

حرب عالمية

يقول فيرجسون إن الحرب اندلعت من جديد، ولكن هل يمكن أن تعود الحرب العالمية؟ وإذا حدث ذلك، من شأنه أن يخلف آثارا على حياتنا جميعا. وأضاف، بأنه في الفترة من1991 و2019، غابت عنا تداعيات الحرب على الاقتصاد العالمي، إذ كانت الحروب التي اندلعت في تلك الفترة صغيرة (البوسنة وأفغانستان والعراق)، «وقد نسينا أن الحرب هي قوة التاريخ المفضلة التي تسبب رفع معدلات التضخم، والعجز عن سداد الديون- بل وحتى المجاعات. وذلك لأن الحرب واسعة النطاق، تقوم في الوقت نفسه، «بتدمير القدرات الإنتاجية، وتعطيل التجارة، وزعزعة السياسات المالية والنقدية».

ولكن الحرب تتعلق أيضا بحشد الموارد الحقيقية، وأيضا بالنواحي المالية، إذ إن كل قوة عظمى يتعين عليها أن توفر الغذاء لشعبها، والطاقة لصناعاتها. وحتى في عهد الاعتماد المتبادل العالي (العولمة)، فإن كل قوة عظمى بحاجة إلى الحفاظ على خيار العودة إلى الاكتفاء الذاتي في زمن الحرب، وهو ما يجعل الأمور أكثر كلفة من الاعتماد على التجارة الحرة والمميزات النسبية.

استخدام النووي

يؤكد أن هناك مشكلتين واضحتين في استراتيجية أمريكا: الأولى هو أنه إذا كانت «أنظمة الأسلحة الخوارزمية تعادل قوة الأسلحة النووية التكتيكية، ربما يجد بوتين نفسه في نهاية المطاف مدفوعا إلى استخدام الأخيرة (النووية)»، إذ إنه لا يملك النوع الأول. والمشكلة الثانية، هي أنه يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد فوضت كييف في تحديد توقيت إجراء مفاوضات سلام، رغم أن الشروط المسبقة التي تطالب بها كييف لا تقبلها موسكو.

وفي الختام، يقول المؤرخ الأمريكي فيرجسون إن كيسنجر على حق فيما يساوره من خوف باندلاع حرب عالمية ثالثة، وقد سبق الحربين الأولى والثانية صراعات صغيرة: حروب البلقان (1013-1012)، وغزو إيطالي لإمبراطورية الحبشة (1936)، والحرب الأهلية الإسبانية (103-1936)، والحرب الصينية-اليابانية (1937)، وربما يبدو الأمر أن حرب أوكرانيا تسير بشكل جيد للغرب حتى الآن، ولكن هذه الحرب قد تكون، في أسوأ سيناريو ممكن، نذير شؤم لحرب أوسع نطاقا.

دروس حروب القرن العشرين:

  1. من المستحيل الانتصار على المزيج الأمريكي من القيادة المالية والتكنولوجية، إضافة إلى وفرة الموارد

  2. لم تتمتع الإمبراطوريات الناطقة بالإنجليزية بقوة ردع كافية، إذ أخفقت المملكة المتحدة مرتين في إثناء ألمانيا وحلفائها عن المغامرة باندلاع حرب عالمية