محمد علي الحسيني

رأي حول احتفال رأس السنة

الخميس - 29 ديسمبر 2022

Thu - 29 Dec 2022

لسنا نميل إلى منع أو رفض مظاهر الاحتفال برأس السنة، لکننا في الوقت نفسه لسنا مع التمادي في الإسراف بتلك المظاهر، ومنح السيادة المطلقة للنفس في تحديد الاحتفال بتلك المظاهر، کما هو جار حاليا في معظم أرجاء العالم.

التمعن في مکونات الکائن الإنساني، من حيث کونه حصيلة للعوامل العضوية (الغذاء، النوم)، والعوامل الغريزية (حب الذات، شهوة الجنس، حب الظهور... إلخ)، والعامل العقلي، يبين في النهاية، الشخصية الواقعية لأي إنسان، وأن أي واحد منا إذا ما ابتغى أن يعرف شيئا عن شخصيته و إرادته وميوله وأفکاره والمؤثرات الأساسية في توجيهه، فإن سعيه إلى تحليل شخصيته على أساس العوامل السابقة التي تشکل أساس شخصية الکائن الإنساني، ستضعه أمام حقيقة کونه منقادا لأي من تلك العوامل.

الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي خلق الإنسان من»نطفة أمشاج» ممحص بالابتلاء، کما جاء في القرآن الکريم، فإنه هداه النجدين، أي وضعه أمام طريق الخير وطريق الشر، أعطاه الحق في الاختيار. وبطبيعة الحال، فإن اختيار أي من الطريقين يعتمد على خضوعه لأي من العوامل (العضوية أو الغريزية أو العقلانية)، التي تحدد الملامح النهائية لشخصيته، وفي ضوء ذلك، يعرف أي إنسان من هو، وماذا يريد، وإلى أين يتجه في مساره الکينوني ببعديه الخاص والعام.

تلك العوامل و المکونات التي وهبها الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأي واحد منا، مطلوب منا کبشر أن نمنح کل واحدة منها حقها، ولکن دون أن يکون ذلك على حساب عوامل ومکونات أخرى، مع ملاحظة مهمة جدا، وهي أن العوامل العقلية وحدها تقف في جبهة، فيما تقف العوامل العضوية والغريزية في جبهة أخرى معا، وأن غلبة أي واحد من الجبهتين بمقدوره أن يحدد قوة شخصية أي فرد منا، ومن هنا، ومع ملاحظة أننا ندعو دائما لإعطاء کل عامل مکون لشخصيتنا الإنسانية حقوقه المشروعة والمکفولة، في ضوء الموازين المنطقية والطبيعية، دون إفراط ولا تفريط ولا بخس، فإن ذلك من شأنه أن يحدد ملامح شخصية قوية متمکنة لکل فرد منا.

ونعود إلى موضوعنا الأساسي، أي مسألة الاحتفالات برأس السنة، وندعو بکل هدوء ودعة إلى تشذيب وتقنين احتفال أي فرد في ضوء تلك العوامل، لأن الانجراف والانسياق خلف العوامل العضوية والغريزية، دون الاکتراث للعامل العقلي، فإنه يقود إلى حالة من الضياع والحيرة والتمزق والضياع.

sayidelhusseini jkkk@