سعد باسلوم

الخدر العاطفي والعقلي

الأربعاء - 28 ديسمبر 2022

Wed - 28 Dec 2022

الخدر العاطفي أو العقلي هو حالة من الإحساس والشعور بالفراغ واليأس والانعزال أو الخوف من المستقبل أو عدم التمكن من التواصل مع الآخرين بشكل طبيعي، ويجعل الشخص غير قادر على اختبار مشاعره بشكل كامل وصحيح، ويشعر كأنه معزول أو مجرد من العواطف.

ووفقا لموقع Medical news today هنالك بعض العلامات والأعراض التي ترتبط بالخدر العاطفي، منها الشعور بالانفصال عن الجسد والأفكار والعالم الخارجي، أو إحساس مشوش بالوقت وعدم التركيز بما يحيط بك وصعوبة التواصل مع الآخرين وصعوبة بالغة في تحديد المشاعر الإيجابية والإحساس بالسعادة، وفقد الاهتمام بما حولك والأشياء والهوايات التي كنت تحبها في السابق والميل واللجوء للعزلة والتوحد والبعد عن الآخرين والاحتكاك الاجتماعي.

فهنالك العديد من الأسباب التي تؤدي للإصابة بالخدر العاطفي أو العقلي، فقد يكون بسبب التعرض لصدمة عاطفية أو جسدية قوية كتجربة حب زائفة أو التعرض لموقف عصبي حاد أو حادث أو فقدان شخص عزيز أو وظيفة ما، بعدها يعاني الفرد حالة تسمى باضطراب ما بعد الصدمات التي تصيب الشخص وتعيشه في حالة من الألم خصوصا عندما يرى مكانا أو شخصا أو رائحة ترتبط بذلك الحدث ولو بعد مدة طويلة أو سنوات ما بعد الصدمة.

فهنا يعمد الفرد لكتم ذاكرته العقلية والقلبية بتجديد تلك المشاعر وإظهار حالة مصطنعة من الرضا والارتياح تسمح له بتجاوز هذه اللحظة الزمنية وتجاوز الألم، ولكن مع مرور الوقت يمكن لهذه الحالة المتبلدة من الشعور العمل في عرقلة التواصل والتفاهم مع الآخرين وظهور الكثير من المشاعر السلبية.

ومن أهم العوامل التي تتسبب في الخدر العاطفي والعقلي هي القلق والتوتر الزائدان والضغوط الكثيرة أو الخوف المفرط الذي يجعل الشخص يتجنب المشاعر الإيجابية والسلبية ويميل للتحوط من الكثير من المواقف الاجتماعية بالبعد عنها تماما، مما يوصل الفرد في آخر المطاف لحالة من الخدر العاطفي والعقلي، أيضا الكآبة واضطراب الشخصية الحدية (BPD) الهستيرية أو التحولات العاطفية السريعة، وهو حالة من عدم التحكم في إدارة المشاعر والعواطف، وكذلك الفقد كفقد صديق أو زوج أو حبيب أو قريب، كذلك الأدوية التي قد تكون لها آثار جانبية، خصوصا الأدوية التي تعالج الاكتئاب والقلق قد تؤدي للإصابة بالخدر العاطفي، وكذلك الإساءة العقلية أو العاطفية، تشير الدراسات التي قامت بها جامعة هارفارد عام 2014م إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا للإيذاء العاطفي عندما كانوا أطفالا هم أكثر عرضة للإصابة بخلل في التنظيم العاطفي بما في ذلك الخدر العاطفي أو العقلي، والعنف الجسدي قد يكون سببا في الوصول لحالة الخدر العاطفي كإحدى الآليات للتكيف وتجنب التعامل مع مواقف خطيرة أو مخيفة.

ووفقا لموقع Health line للطب والصحة للعلاج من الخدر العاطفي أو العقلي، هنالك ثلاث طرق للعلاج منه تشمل تغييرا في نمط الحياة والعيش ولكل ما من شأنه يؤدي لخفض التوتر والقلق، مثل القيام بنشاط بدني منتظم كتمارين الاسترخاء والتدليك وتناول غذاء صحي والحصول على قدر كاف من النوم ومراجعة مراكز العافية والأطباء المتخصصين في ذلك، ومناقشة المشاعر التي نحس بها مع شخص مقرب أو صديق أو ممن نثق بهم، والعلاج النفسي بمراجعة طبيب نفسي متخصص في الاضطرابات السلوكية أو المعرفية والأدوية التي من شأنها علاج الاكتئاب والقلق، فليس هناك وصفة دوائية محددة للخدر العاطفي.

وتشير إحدى الدراسات التي طرحت موضوع القلق والتوتر والاكتئاب في المملكة العربية السعودية خلال جائحة كورونا، إلى أن هناك فئات من المجتمع كانت أكثر عرضة من غيرها لمثل تلك الأزمات، كالممارسين الصحيين والنساء اللائي يعشن بمفردهن وأصحاب الأمراض المزمنة، وهذا يسلط الضوء على أهمية وجود برنامج تحسين جودة الحياة والذي هو أحد برامج رؤية 2030، الرؤية الطموحة التي جعلت المواطن والمقيم يعيش تحت سماء بلاد يهتم قادتها بجودة حياتهم ليعمروا ويعيشوا بكل أريحية واطمئنان.

ويظل العلاج الأفضل والأمثل هو الإقبال على الحياة بنفس منشرحة متفائلة متقبلة لكل تقلبات الحياة بنجاحاتها وإخفاقاتها وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى، والثقة التامة بأن القادم أفضل، وأنه ليس هنالك أجمل من أقدار الله فهي كلها خير وإلى خير.

SaadBaslom@