عبدالله قاسم العنزي

مهارات تحرير الدعوى

الأحد - 25 ديسمبر 2022

Sun - 25 Dec 2022

لا يمكن إتقان المعرفة القانونية بدون تدريب على الكتابة القانونية ومهارات الدفاع وكتابة المذكرات، ولذا نجد أن الكثير من الجامعات العالمية تخصص ساعات تدريب عملية لطلاب الحقوق والقانون.

وإن ممارسة القانون ليست شفوية فقط، بل نصت الأنظمة على جواز الترافع كتابيا، وعلى ذلك نجد أهمية وضرورة تدريب المحامي المبتدئ أو طلاب القانون على كيفية كتابة المذكرات القانونية، سواء كانت لوائح ابتدائية أو طلبات عارضة أو مذكرة اعتراض على الحكم.

وإن كتابة المذكرات القانونية واللوائح من صميم عمل المحامين، ويستوجب ذلك ضرورة الاهتمام بتنمية المهارات القانونية والقدرات المهنية للمحامي، حيث إن صحائف الدعوى أو الدفوع أو مذكرات الاعتراض من أهم أوراق المرافعات، وبها تبدأ الخصومة وتفتتح جلسة المرافعة.

وقد استقر القضاء على أن صحيفة افتتاح الدعوى هي الأساس الذي تقوم عليه كل إجراءاتها، فإذا حكم ببطلانها فإنه ينبني على ذلك إلغاء جميع الإجراءات اللاحقة لها.

وإن من أهم خصائص صحف الدعاوى على الرغم من تعددها هي الشكلية فمن ناحية تعتبر صحف الدعاوى أوراقا شكلية بمعنى أنه يجب أن تحرر وفقا للأوضاع التي يطلبها نظام المرافعات الشرعية مع ملاحظة أنه لا يشترط صياغات معينة من باب التيسير على الناس ولكن الأهم أن تكون الدعوى محررة وواضحة.

كما أن صحيفة الدعوى تتميز بكيان ذاتي يجعلها لا تختلط كإجراء بغيرها من إجراءات المرافعات ولها وظيفة أساسية وجوهرية، وهي حمل الدعوى وطرحها على محكمة الموضوع وعلى ذلك إذا لم تكن محررة تحريرا جيدا طبقا للنظام فإنها لا تقبل وترد وقد صدرت أحكام كثيرة في دعوى لم تحرر تحريرا صحيحا لسبب أن المدعي يجهل صياغة ما يريد في دعواه ولذلك تأتي أهمية الاستشارة القانونية على أقل تقدير بحيث يستشار محام في كيفية تحرير الدعوى وآلية تقديمها الكترونيا في موقع ناجز.

ولتوضيح ذلك نورد بعض الوقائع من أروقة القضاء، حيث صدر من المحكمة التجارية في مدينة الرياض في القضية رقم 7761 لعام 1441هـ عدم قبول الدعوى، لأن المدعي تقدم بطلبات عامة لا ترتقي أن تكون طلبا واضحا أمام المحكمة، وعلى ذلك صدر الحكم ومنطوقه على النحو التالي «وبما أن المدعي لم يفصل ويوضح دعواه ويبين ما هيتها ويذكر كل ما يتعلق بالحق المدعى به ولم يحدد طلباته في الدعوى بشكل يمكن الحكم له به، بل كانت عبارته في ذلك عامة وبما أن المتعين تحقيقه – قبل السير في الدعوى – أن تكون الدعوى محررة وفق ما نص عليه الفقهاء، حيث ذكروا أن من الشروط المتعين توافرها في الدعوى هو تحريرها وبما أن الدائرة بسؤالها للمدعي عما هو لازم تحرير دعواه وإفهامه بعدم قبول دعواه بهذه الطريقة وأن عليه تحديد المسائل والوقائع التي يريد مطالبة المدعى عليه بها ولما كان المدعي مستمسكا بطلب مجهول وفق ما هو موضح ومدون في وقائع هذا الحكم حيث إنه لا يصح التقدم بمثل هذه الطلبات العامة التي لا تحدد الحق المدعى به، وبالتالي فإن الدائرة والحالة هذه لا يمكن لها أن تسير في هذه الدعوى ما لم تتحقق شرائطها وفق ما استقر عليه القضاء وأكد عليه نظام المرافعات الشرعية، حيث نصت المادة الـ66 «أن على القاضي أن يسأل المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه قبل استجواب المدعى عليه، وليس له السير فيها قبل ذلك، وإذا عجز المدعي عن تحريرها أو امتنع عن ذلك، فيحكم بصرف النظر عن الدعوى» وانتهت القضية بعدم قبول الدعوى .!

إن تحرير الدعوى لا بد له من أمرين: الإخبار، والذي تذكر فيه وقائع الدعوى والحق الذي تطلب من المحكمة حمايته، والإنشاء الذي يكون فيه الطلب بأن يوضح المدعي طلبه مع الأدلة والقرائن التي تعضد الحق الذي يطالب به، فمن باب النصح لا تستكثر قيمة استشارة قانونية من محام تختصر فيها الوقت على نفسك.

expert_55@