أميرة سعد الزهراني

قوة الملاحظة مهارة العلماء والمخترعين

السبت - 24 ديسمبر 2022

Sat - 24 Dec 2022

هل حضرت لقاء ولكنك لم تنتبه إلى أسلوب المتكلم؟ هل تتذكر تفاصيل الأماكن العامة التي تذهب إليها عادة؟ هل تساءلت في الاجتماع عما كان يتحدث عنه الحاضرون؟.

قد نتجاهل بعض الأمور التي تحدث معنا بشكل عفوي ودون قصد، وقد يكون ذلك بسبب ضعف الملاحظة، فخلالها يمكننا التركيز على أدق الأمور بدءا بتعبيرات المحيطين بنا وتصرفاتهم وسلوكياتهم، حيث تعتمد قوة الملاحظة على مدى قدرة العقل على الانتباه ورصد التفاصيل المحيطة بنا، وقد يعرفها البعض بأنها المشاهدة الدقيقة والمنظمة والمقصودة لظاهرة معينة.

ونقول، إن قوة الملاحظة هي الطريقة الأولى لدراسة أي ظاهرة تمر أمامنا، بل إن جميع الدراسات تقوم على أساس الملاحظة، ولا نقصد هنا الملاحظة العرضية العابرة التي تمت عن طريق المصادفة، وإنما الملاحظة المقصودة لكل ما حولنا والمنظمة، والتي تثير فضولنا لمشاهدة ما أثارنا، وعندها تبدأ نقطة الشرارة في البحث والتقصي لما استحوذ على اهتمامنا.

تعد قوة الملاحظة أولى خطوات العلم وصولا للاختراعات والاكتشافات المذهلة، بل وتعد من المهارات والصفات المشتركة لدى جميع العلماء والمخترعين والمفكرين، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما لاحظه العالم ألكسندر فيلمنج من نمو الفطريات في إحدى العينات البكتيرية وقضائها عليها بعدما ترك هذه العينات بمحض الصدفة بدون غطاء، وعندها بدأ البحث والتفكير في كيفية الاستفادة من هذه الفطريات للقضاء على البكتريا، حتى توصل إلى اكتشاف فطر البنسلين الذي يعد من أقوى المضادات الحيوية وأكثرها استخداما في العالم، ولك أن تقيس مدى أهمية هذه المهارة في جميع الاختراعات والاكتشافات، وبهذا نجد أن هذه المهارة البسيطة والتي لا تتطلب منا سوى استخدام الحواس مع استحضار الذهن تقدم لنا عددا من الفوائد، فمن خلالها نصبح أكثر انتباها لما يحيط بنا وبالتالي قادرين على التعلم بشكل أفضل، حيث إن الشخص الذي يمتلك قوة الملاحظة ينتبه لأدق التفاصيل وعندها يكون قادرا على فهم وتحليل المعلومات المحيطة به، كما تساعد هذه المهارة على فهم أعمق لما حولنا من سلوكيات وظواهر، والتعرف على بعض جوانب الحياة والعادات الاجتماعية، بل وتعلم أنماط سلوكية جديدة وهذا ما يجعلنا نخرج من دائرة العمل الروتيني من خلال التدقيق على التفاصيل والبدء بأعمال مختلفة بوعي وانتباه، مما يسهم في تحقيق التطور الذاتي المستمر.

وأكدت بعض الدراسات على أن مهارة قوة الملاحظة تزداد تلقائيا كلما تقدمنا في العمر، ولكنها في المقابل قد تضعف أو تثبط عند إهمال استخدامها، وهذا ما يقودنا إلى التساؤل عن كيفية تطوير هذه المهارة؟ وإليك بعض الخطوات البسيطة التي تساعد في تنميتها وتطويرها ومنها التدرب على ملاحظة ما حولنا بوعي ومراقبة التفاصيل للأماكن والأشخاص وملاحظة حركات الآخرين وسلوكياتهم وتدوين ما تمت ملاحظته مع التركيز على تذكر الأشياء والأشخاص، مما يساعد على تنبيه الدماغ للاهتمام بأدق التفاصيل، كما تلعب ممارسة التأمل دورا في زيادة قوة الملاحظة، فمن خلالها نصل إلى الهدوء وتصفية الذهن بعيدا عن ما يعكره من قلق أو مخاوف أو اضطرابات، فهذه الطريقة تسهم في تسريع العمليات الذهنية والعقلية وتطوير المهارات بشكل عام، كذلك من أسهل التدريبات لتنمية هذه المهارة استغلال الأوقات في ألعاب الذاكرة والتمرينات، كالشطرنج وحل الألغاز والسودكو ولعبة الصور المتشابهة وإيجاد الاختلافات، التي أصبحت موجودة بكثرة في تطبيقات الجوالات، وفي متناول أيدينا.

ومع وصولنا إلى ختام هذه المقالة، ما أطلبه منك عزيزي القارئ أن تتدرب على هذه المهارة التي حتما ستقوى لديك، وستتقنها مع الوقت، فلربما تتوصل خلال ملاحظتك إلى اكتشاف شيء أو اختراع مذهل يسهم في تغيير مجرى العالم بأسره.