طلال الحربي

مؤسسة «موهبة» تضيء نور المعرفة

السبت - 24 ديسمبر 2022

Sat - 24 Dec 2022

على مدى أربعة أيام، أضاءت مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والابداع «موهبة»، شموع المعرفة في المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع 2022 في نسخته الثانية، الذي عقد في مدينة جدة من 10-14 ديسمبر الجاري.

وقد اختارت مؤسسة موهبة أن تأخذنا في «رحلة نحو المستقبل الجديد» في محاولة لبناء مستقبل أفضل للإنسانية.

كان واضحا منذ البداية الاهتمام الرسمي بهذا المؤتمر الذي افتتحه أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، صاحب الفكرة الأولى لإنشاء هذه المنظمة الرائدة في 1999 لرعاية الموهوبين والمبدعين، وتمكينهم وخلق بيئة محفزة، وتعزيز شغف قادة المستقبل لتحصيل العلم والمعرفة.

وربما يكون من قبيل المصادفة أن ألأمير خالد الفيصل هو الذي افتتح هذا المؤتمر، فهو نفسه شاعر مبدع ترك بصماته الرقيقة على حركة الشعر في المملكة.

لقد استطاعت «موهبة»، خلال هذا المؤتمر جيد التنظيم، أن تجمع ـ انسجاما مع رؤيتها ـ نخبة من المبدعين والنابغين وقادة الفكر والأعمال من داخل المملكة وخارجها، لتبادل الخبرة والمعرفة من أجل بناء منصة مواهب عالمية؛ لتكون نموذجا رائدا لتجمع كوني للتفكير الجمعي بعيدا عن الصراعات التي تغذي النزاعات والحروب في هذا العالم المضطرب.

في كلمتها أمام المؤتمر، حرصت الأمين العام لمؤسسة «موهبة» الدكتورة آمال عبدالله الهزاع، على إبراز دور العلماء المسلمين، مثل ابن الهيثم، في الإجابة عن الأسئلة العلمية، ليسهموا في مسيرة التقدم العالمي التي شارك فيها علماء آخرون إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه حاليا.

وأكدت، وهي نفسها عالمة أحياء، على اهتمام حكومة المملكة على رعاية الموهبة والإبداع، وإطلاق الطاقات الكامنة في الإنسان السعودي من مختلف الأعمار، وأشادت بدور الشركاء والراعين الاستراتيجيين لمشروع «موهبة» النهضوي، مثل وزارة التعليم وجامعة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وأرامكو وجامعة نيوم.

ودعت الموهوبين المشاركين في المؤتمر إلى تحرير طاقاتهم وكتابة فصل جديد لخير البشرية انطلاقا من هذا المؤتمر.

طوال ثلاثة أيام نقاشية، استمع المشاركون لخبرات مفكرين كبار مثل جيف مولغان، أستاذ الذكاء الجمعي والسياسة العامة والابتكار الاجتماعي بكلية جامعة لندن، وروبرت ساتشر، رائد الفضاء والباحث والجراح الأمريكي، وغيرهما، الذين شددوا على أهمية الذكاء الاصطناعي والتدريب والأشخاص القدوة وتحويل الأفكار من خيال إلى واقع وضرورة التعاون في حل المشكلات متعددة التخصصات.

ظلت النقاشات، التي تخللتها توقيع اتفاقيات شراكة بين «موهبة» ووزارة الثقافة وجامعة الملك عبدالعزيز، تركز على الذكاء الجمعي وتأسيس شركات ريادية ابتكارية، مثل التي تحدث عنها نائب أمين عام «موهبة» الدكتور نزيه العثماني، والشغف وتحمل المخاطر والتحديات التي تواجه العالم مثل الطاقة والتغير المناخي، وما يتبع ذلك من احترار كوني وفيضانات وجفاف وفقر.

لكن التركيز الأساسي انصب على منصة المواهب العالمية، التي يوجد مثيل لها في الهند تحمل الاسم ذاته. تهدف هذه المنصة- النموذج للتفكير العلمي- إلى تكوين فرق عمل إبداعية لاقتراح حلول مستدامة لتشكيل المستقبل الجديد وخدمة التنمية المستدامة، وإلى أن تكون جادة ومحفزة وموفرة للفرص بشكل متساو من خلال استقطاب الموارد وتحديد الرؤية والقيادة والتواصل.

هذه المنصة، كما قال بعض المتحدثين، يجب أن تصل إلى جميع المواهب والمهارات في الدول الأخرى وهذا من شأنه أن يسهم في إحداث التغيير وتحسين جودة الحياة في هذا العالم.

وقد ظهرت بوادر نجاح إنشاء المنصة خلال أرقام متابعة المؤتمر على وسائل التواصل الاجتماعي التي قاربت 127 مليونا، حسب قراءات اللجنة المنظمة.

مئة موهوب من الشابات والشباب من 32 دولة في العالم، تقدمهم الموهوبون السعوديون، سيسهمون في بناء هذه المنصة الرائدة، حسب توصيات المؤتمر الـ9 التي أعلنتها الدكتورة آمال الهزاع، والتي منها إلهام الشباب المبدعين من جميع دول العالم، وتمكينهم من متابعة الأحلام، واستكشاف الفرص واستغلال التكنولوجيا والبيانات الضخمة، وقيادة التغيير في العالم لتشكيل المستقبل الجديد.

يبقى أن نقول: «إن المواهب والعقول تعد ركيزة أساسية من ركائز رأس المال الاجتماعي والاقتصاد الوطني، وقد أكد بعض المتحدثين على ضرورة مراعاة أفضل الممارسات للاستفادة من المواهب العالمية.

وفي المملكة، تروى قصص نجاح لمبدعين سعوديين حوّلوا أفكارهم إلى مشاريع عالمية ناجحة وما كان لهم أن يحققوا ذلك لولا الرعاية والحضانة والتمويل التي توفرها «موهبة» وشركاؤها الاستراتيجيون.

لكن نتاجات هذه المشاريع الابتكارية الريادية يجب أولا أن ينعكس على الوطن الذي رعى نبتة الموهبة والإبداع، وأن تتجذر في ترابنا وألا يحتكرها غيرنا ويجب المحافظة عليها ومنع هروبها».

مما لا شك فيه، أن فكرة المنصة والآمال الكبيرة المتوقعة منها مشروع طموح يأتي ضمن رؤية المملكة 2030، وتوجه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتثبيت مكانة المملكة ودورها على خارطة العالم. «موهبة» رحلة إبداع مستمرة ونتمنى ألا تتوقف.