بندر عبدالعزيز المنقور

الهندسة العكسية استثمار يقلب الموازين الاقتصادية

الاثنين - 19 ديسمبر 2022

Mon - 19 Dec 2022

لا أدري إن كان أحدكم قد سمع من قبل بمصطلح «الهندسة العكسية»، والتي تعد أحد روافد التطور الصناعي، وهي منهجية أو طريقة تساعدنا في أن نفهم كيفية عمل جهاز ما، أو كيف تم صنع منتج ما، وذلك خلال تفكيكه إلى أجزاء، للتعرف على تفاصيل تصميمه وإعادة تصنيعه أو تحسينه، بدون وجود التصميم (المخطط) الأصلي للجهاز أو المنتج.

تعتمد دول العالم - ولا سيما الصين واليابان وكوريا الجنوبية - على الهندسة العكسية بشكل كبير منذ بداية نهضتها الصناعية، الأمر الذي منحهم القدرة على استنساخ منتجات صناعية مختلفة - خاصة المنتجات ذات التقنيات الفائقة علميا وفنيا - والعمل على صناعة منتجات مستحدثة بأقل تكلفة، وبالتالي عملوا على نقل التكنولوجيا بشكل أسرع، واكتساب ميزة تنافسية على الآخرين. ولكن - على حد اطلاعي - لم نتطرق إلى الهندسة العكسية في إستراتيجيتنا الوطنية بشكل جيد، وعدد الشركات التي تقدم مثل هذه الخدمات في المملكة محدودة، وهذا ما أردت أن أدعو إليه في مقالتي.

قبل كل شيء، من الواضح أن لدينا مشكلة كبيرة في قلة الوعي العام بأهمية الهندسة العكسية على الصعيد الوطني. فالهندسة العكسية تفيدنا عندما تكون قطع الغيار من الشركة المصنعة قديمة أو غير متوفرة، أو في حال فقدان الوثائق المتعلقة بطريقة إعادة تصنيع بعض المنتجات وقطع الغيار، إضافة إلى أنها مفيدة في تحليل المنتجات والأجهزة، لأخذ فكرة عن طريقة عملها وإعادة تصنيعها.

يمكن كذلك للشركات معرفة كيفية إصلاح المنتجات الموجودة باستقدام هذه التقنية، وتحديد الأخطاء الشائعة في تصميم المنتجات للمشاريع المستقبلية، كما يمكن للشركة تطوير حلول بديلة وبمميزات جديدة وبتكلفة أقل، ولتحقيق ذلك نحتاج أن نستثمر في هذه التقنية عن طريق تأسيس شركات لتقديم خدمات الهندسة العكسية المتقدمة للقطاع الصناعي في المملكة، ومن المهم جدا رفع الوعي الثقافي لدى الأوساط الصناعية عن أهمية الهندسة العكسية، والتي أرى أنها من أكبر التحديات لدينا، وتعليم الطلاب في المدارس والجامعات خلال مناهج منظمة تتناول الهندسة العكسية بدافع الفضول، لمعرفة كيفية عمل الأشياء والتعلم من أخطاء الآخرين ودعم الابتكار.

وفي الختام، من الواضح أننا نحتاج أن نستثمر في قطاع الهندسة العكسية بشكل أوسع، كمنابع لتوليد التكنولوجيا، ولتطوير بدائل قادرة على منافسة المنتج الأصلي، وزيادة الفرص التسويقية، لذا يجب أن نراجع أسلوبنا في التصنيع الحالي، وأنصح بإلقاء نظرة على أكثر الشركات العالمية فاعلية في الهندسة العكسية ونقل أفضل التجارب إلينا.