خذ قسطا آخر !

العالم ومن فيه يتسابقون في مجريات عديدة ويعيشون تحت ضغوط نفسية وربما ضغوط فكرية أكثر، التفكير تحد صعب ومتغير قد تفكر اليوم كيف تعيش؟ وغدا تفكر لماذا تود أن تعيش؟! البشر سريعو اليأس وقليلو الصبر والتحمل؛ فهم يريدون الحياة، ولكن حين تأتي ينكرون قدومها إليهم، النكران ليس جحودا ونقصانا أوعدم اعتراف كما يظن البعض منا بمعناه العام بل في هذه الحالة هو طلب المزيد وعدم الاقتناع بما وجد، العيش الفعلي هو استغلال كل فرصة تأتي اليوم ثم التمكن من العيش فيها بكل جوانبها ومقوماتها ولحظاتها وعدم التفكير بالغد بل التركيز في الاستمتاع بهذا اليوم بكل تفاصيله وعطاياه.

العالم ومن فيه يتعاملون بأساليب مختلفة وطرق غير متشابهة؛ لكن يبقى التذمر والتسرع اللذان هما العنصر الثابت والمتشابه، يريدون الحياة لكن لا يردون أن يعملوا من أجلها، يسخرون من المثابرين لكنهم يتمنوا أن يعيشوا نمط حياتهم متى ما أردوا الوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم؛ لأنهم عاجزون ولا يستطيعون الاستمرار والسعي والإنجاز مثلهم، فهم فقط يريدون حياة متكاملة لأنفسهم بمجرد تمني منزلة مثابرتهم.

العالم ومن فيه يخشون التأجيل ويتمنون الإنجاز إلا أنهم في الحقيقة عكس ذلك تماما، يضعون قائمة رئيسة ويبحثون عن أكمل الكماليات وربما يظنون في الغد سيعملون ما يريدون لكن يأتي الغد دون عمل أو إنجاز، أصحاب النظر هم من ينظرون بنظرة تهاون أمام الوقت يرون الإنجاز في أعينهم فقط وعند الفعل لا تجد للنظر أو الإنجاز أي معنى، أسوأ قرار هو التأجيل والأشد سوءا منه هو التهاون في تلبية ما تريد وهدر قيمة الوقت دون تلبية وإنجاز.

العالم ومن فيه ينكرون الكذب والنفاق بأنواعه ويتمنون زوال هاتين الصفتين من الحياة إلا أنهم قد يتعاملون به في مصلحة ملحة أو مسألة صعبة حلها ثم يقولون لك «الضرورات تبيح المحظورات»، هل الخداع والطلاء وأن تظهر شيئا عكس ما بك تماما ثم تعبر عنه بأنه ضرورة حتى تطلق بهذا المصطلح؟، نعجب للبعض قد يفارق صديقا بسبب كذبة واحدة لمصلحته، وبالمقابل هو يكذب عشرات المرات ويخدع من حوله لأجل مصلحة معينة أو رياء وسمعة يحظى بهما بين الناس، فقد ذكر عبدالله القصيمي «إن الأخلاق في كل العصور هي إتقان فن التكلف والكذب والتزوير، حتى الإحسان للآخرين والإشفاق عليهم هو عطف على الذات لا عليهم» وذكر في جانب آخر العقاد «ذو الوجهين في كل وجه من وجوهه كذب وطلاء». الوعود ونقضها، الأمانة وجحدها، الكذب وخداعه جميعها بلا شك أمور خطيرة وغير مرحب بها في الإسلام وغيره، الكذب بخداعه صفة تنكرها المجتمعات جميعها وفعل مذموم ينكره البشر ويشمئز ويبعد عن أصحابه كل البعد.

خذ قسطا كافيا وابتعد عن العالم ومن فيه ثم ارسم مسارا آخر حقيقيا ومنطقيا، ستعيش لمرة واحدة فقط في هذه الحياة، ضع أمنياتك في قارب بعيد لا يراه سواك، تمعن النظر في نفسك فأنت قادر على تحقيق ما تريد، لا تنتظر الغد حتى تستيقظ بل عش اليوم بكل تفاصيله، خذ الأمور الرئيسة بعين الاعتبار ثم افعل ما ينبغي تكملته، فالقائمة تطول ولن تنتهي أبدا، فكر واحلم واسع فأنت بحاجة إلى تحقيق أهدافك والوصول إلى إنجازاتك.

dh_3ny@