عميدة جاسم

إعلانات غالية الأسعار!

الخميس - 15 ديسمبر 2022

Thu - 15 Dec 2022

كل شخص في الحياة لديه مهنة يبدع فيها ليكسب منها قوت يومه، هناك من يعمل معلما، أو دكتورا، أو مهندسا، أو طيارا ... إلخ. وكل واحد منهم يعمل ليل نهار ليحصل على راتبة الذي يكتبه الله له في نهاية الشهر، فيبدأ بتقسيمة جزءا جزءا.

جزء للمأكل، وجزء للسفر أحيان، وجزء للكهرباء والمياه، وجزء لمستلزمات الأولاد، وجزء للدراسة... إلخ، ولم يأت الشهر الذي بعده إلا ولا يوجد لديه ما يكفيه لسد حاجاته!. هذا للموظف فقط، فكيف بمن لا يمتلك وظيفة، أو يعمل بعمل معين يحاول أن يكسب منه مالا ولم يجد؟. هناك أشخاص حاولوا أكثر من مرة أن يعملوا من داخل بيوتهم، كأسر منتجة، ولم يصادفهم الحظ.

لم أود التحدث عن الأعمال، وما سيحصل عليه كل شخص وراء تعبه من إنجاز، وإنما منذ أن توقفت عن الكتابة فترة معينة، دخلت في عالم الميديا وما تظهره وتحويه خلالها، فرأيت كثيرا وكثيرا من المعلنين، الذين اجتاحوا المنصات بشكل كبير، فأصبح الواحد منهم يعلن لشخص أو مؤسسة عملا بمبلغ وقدره 100000ريال فما فوق، لا ومع خصم للمتابعين الذين يتابعونه، هذا فقط لمجرد إعلان واحد.

الإعلان مهنة للبعض مثلها مثل المهن الباقية، وهذا لا خلاف فيه، وهناك كثير من الأشخاص يحصل رزقه من وراء ذلك الإعلان، وهذا طبيعي. ولكن الذي لفت انتباهي، أن هناك من يحصل على مبالغ هائلة من محلات تجارية بسيطة جدا، أو يكون ذلك الشخص داخلا في عالم البيع والشراء جديدا، وليست لديه معرفة كاملة بالبيع والشراء، ولا ما يدفعه للمعلن كي تستمر عملية البيع، فيأتي المعلن ويأخذ أضعاف أضعاف ما يحصل عليه طالب الإعلان. هناك أسر منتجة تحتاج من يساعدها ويقف معها.

هناك شباب سعوديون طموحون، دخلوا عالم البيع والشراء جديدا، ويحتاجون من يساندهم ويدعمهم، وليس من يستصعب عليهم عملهم فيتخللهم اليأس والفشل، وراء ما يحتاجونه لمحلاتهم بسبب المبالغ الهائلة التي يطلبها أحد المعلنين، أو ما يحتاجه المعلن من خصومات لمتابعيه. بعض رواد الأعمال أو من دخل في عالم البيع والشراء حالته المادية صعبة جدا، وليس لديه المبلغ الهائل الذي يدفعه للمعلن، كي يظهر بضاعته وتتم عمليه البيع، فيترك ما خطط له، وتبقى بضاعته ولا تباع، وهذا كثيرا ما يحدث حاليا.

أتحدث فقط عن أصحاب الأعمال الذين لا يمتلكون مبالغ سوى المبلغ الذي وضعوه في محلاتهم وفي بضائعهم، التي يرجون من الله أن يأتي من يعلن لهم بمبلغ بسيط، فيساعدهم ويخفف عنهم.

المسألة ليست مسألة عمل فقط، ولكن المسألة مسألة هدر مبالغ طائلة أيضا على إعلانات بسيطة، يحصل منها المعلن على مبالغ هائلة لم يحصل عليها دكتور أو أستاذ من أداء عمله لساعات متواصلة. علينا إعادة النظر حول مبلغ الإعلانات وما يتم دفعه. علينا إعادة النظر وراء قيمة الحاجات التي يتم الإعلان عنها. هناك أشياء بسيطة لا تكلف سوى مبلغ بسيط وهناك أشياء تحتاج مبلغا، ولكن ليس هائلا.

يجب على من يهتم بالإعلانات"منصة إدارة الإعلانات" كشركة أو غيرها، أن يحدد قيمة معينة لأغلى إعلان، وأن يكون سعر الإعلانات بما لا يتجاوز (٨٠٠٠) فقط أو أقل من ذلك. هناك أشخاص يحصلون على ما يعلنون من خلفه ويزيد أيضا، وهناك من يحتاج إلى شربة ماء كي تعينه على بقائه حيا على قيد الحياة.

لنكن عونا لبعضنا ولا نأكل بعضنا بعضا. المبالغ الهائلة التي يتم دفعها للمعلنين بشكل كبير، هناك من يحتاجها أكثر كدور رعاية المسنين، والأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، والفقراء ... إلخ. يحتاجون لها أكثر من غيرهم.

أصحاب المنشآت، أعيدوا النظر في ذلك، ولا تنسوا الرأفة والرحمة فيما بينكم. ديننا الإسلامي دين وسطية لا إفراط ولا تفريط.

فلا نكن مفرطين أكثر مما ينبغي.

الأكثر قراءة