عبدالله العولقي

الغرب والاستبداد الثقافي

الأربعاء - 14 ديسمبر 2022

Wed - 14 Dec 2022

نشهد هذه الأيام حملات مكثفة يروج لها الإعلام الغربي من أجل فرض ثقافته كمعيار لبني البشر، فهي الأنموذج الذي ينبغي للآخرين الاحتذاء به، وهي الثقافة الإنسانية التي تتخلف عنها الثقافات الأخرى، هكذا أصبح الغرب يرى ذاته باستعلاء على الآخر!! ولذا تثار على محيا بعضهم سمات الدهشة والاستغراب عندما يرون ردة فعل الآخر تجاه القضايا الأخلاقية كالشذوذ والمثلية مثلا!!

كان الشاعر الإنجليزي روديارد كبلنج قد أطلق عبارة شهيرة: الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبدا، وقد بقيت هذه العبارة تتكرر مع كل أزمة أخلاقية أو ثقافية تثار بين الغرب والثقافات الشرقية عموما، بيد أن بعض المثقفين لا تعجبهم هذه الجملة، فهم يرون أن ثمة مساحات واسعة تتقاطع بها الثقافات الإنسانية، ويلتقي بها الشرق والغرب، ومن غير المنطقي أن تظل التفاتاتنا متركزة نحو مساحات الاختلاف فقط.

كان الأديب الألماني الشهير «جوته» أول من حاول التقريب الثقافي بين الشرق والغرب، وله دراسات عميقة وأبحاث مستفيضة تجاه الآداب الآسيوية والفارسية، ولكن العربية حازت على النصيب الأكبر من اهتمامات رمز ألمانيا الكبير، ولا يزال الألمان يحتفون به كل عام، وقد أطلقوا اسمه على أشهر معاهدهم الثقافية والتي تنتشر حول العالم وتختص بتعليم اللغة الألمانية في آسيا وأفريقيا.

أيضا، في كل مرة تثار قضية الشرق والغرب تبرز أطروحة صراع الحضارات للواجهة مرة أخرى، وهي مجموعة أفكار قدمها المؤرخ الأمريكي الشهير صموئيل هنتنجتون كصورة تنبؤية عن الأزمة الحضارية التي ستنشأ لا محالة بين الثقافات البشرية في المستقبل، فهو يرى أن الهويات الضعيفة ستذوب في الهويات الكبيرة ليبقى الصراع المحتد بين ثلاث ثقافات (لغة / دين)، الصينية البوذية والعربية الإسلامية واللاتينية المسيحية، فهذه الثلاث الثقافات تمتلك مقومات البقاء من حيث التاريخ والجغرافيا وعوامل الانتشار والهوية.

هذه الحملة الغربية المثارة حاليا تتواكب مع دعاية فنية للشذوذ والمثلية تقودها وتنتجها سينما هوليود وتنشرها منصة «نيتفليكس»، ومن اللافت للقول أن هذه البضاعة الرديئة تحظى بقبول واسع في المهرجانات الدولية، بل وتفوز بالجوائز على الرغم من ضعفها سينمائيا ورداءتها فنيا، وهذا ما حصل أيضا للفيلم العربي «أصحاب ولا أعز» عندما وجد اهتماما سينمائيا ودعائيا في الغرب رغم ضعفه فنيا ورداءته في الحوار بل وفشله تسويقيا في البلاد العربية.

وفي الختام.. هناك مواقف مشرفة أعلنتها المملكة العربية السعودية والدول العربية والإسلامية باصطفافهم مع الشقيقة قطر لمواجهة الحملات الإعلامية والضغوطات الممنهجة في مونديال كأس العالم والمقامة حاليا في الدوحة، فمن سخرية التاريخ أن الغرب نفسه هو من أسس الفيفا وسن قوانين الرياضة العالمية بتبني نظام عدم تسييس الرياضة، وعدم إقحام التباينات الثقافية في المجال الرياضي، كون الرياضة ميدانا يشترك فيه الجميع بينما هو اليوم من يخترق هذا النظام ويريد أن يستفيد من هذا الكرنفال الدولي بتمرير أجنداته الخفية وثقافته التي تتناقض مع أبجديات الفطرة والغريزة الإنسانية!!

@albakry1814