نمر فهيد السبيلة

تعليم الصيدلة في المملكة العربية السعودية، الواقع والمأمول؟

الاثنين - 12 ديسمبر 2022

Mon - 12 Dec 2022

انتشرت في ثمانينيات القرن الماضي أغنية المطرب عازار حبيب، والتي تغنى فيها بالصيدلي طالبا منه إيجاد حل ودواء للعاشقين والمحبين الذين أصبحت قلوبهم شعلة من نار وقد ورد في مطلعها:

صيدلي يا صيدلي يا صيدلي *** بدي دوا إلها وبدي دوا إلي

وذلك يدل على أهمية مهنة الصيدلة وحاجة المجتمع إليها قديما وحديثا شرقا وغربا.

ومن المعلوم أن مرحلة التعليم الجامعي من أهم المراحل التي يتم فيها تنمية قدرات المتعلم، من حيث بناء المعرفة، واكتساب المهارات والقيم ضمن إطار محدد تقره الهيئات والمنظمات الوطنية المسؤولة عن جودة العملية التعليمية، وبناء على ذلك، شهدت المملكة العربية السعودية- في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله - اهتماما وحرصا بتطوير البرامج الأكاديمية بما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030.

ومن هذا المنطلق بدأت الهيئة الوطنية للتقويم والتدريب في إعداد وصياغة مخرجات التعلم في المؤسسات التعليمية من معاهد وكليات وجامعات حددت فيها طبيعة مرتكزات جودة العملية التعليمية وقياسها، ومن خلال هذه المقالة يتم تسليط الضوء على الصيدلة من حيث: المفهوم، والمجالات والأنواع، كذلك واقع التعليم الصيدلي في المملكة العربية السعودية من حيث: تطوره التاريخي، وكذلك استراتيجيات التعليم والتعلم، ومستقبل التعليم الصيدلي.

أولا- الصيدلة (المفهوم، والمجالات والأنواع، والتطور العالمي)

تعني الصيدلة السريرية (معرفة الاستعمال الأمثل للأدوية وتداخلاتها وغيرها من الأسس التي يحتاجها الصيدلي لخدمة المريض).

ويتفرع تعليم الصيدلة على نطاق واسع إلى أربعة مجالات:

1 - المستحضرات الصيدلانية.

2 - الكيمياء الصيدلانية.

3 - علم الدواء والسموم.

4 - ممارسة الصيدلة السريرية (الصيدلة الإكلينيكية)

ويوجد نوعان من برامج تعليم الصيدلة وهي:

1 - برنامج العلوم الصيدلية: حيث يبدأ الطالب في المراحل الأولى بشكل عام في هذا البرنامج على معرفة العلوم الأساسية مثل: علم وظائف الأعضاء والكيمياء والأحياء والفيزياء واللغة العربية والإنجليزية ثم ينتقل إلى مرحلة جديدة متخصصة في مجال الصيدلة، حيث يتعلم الطالب المعارف والمهارات في طرق تصنيع الدواء، وطريقة اشتقاق المركبات الكيميائية من النباتات، ومعرفة تركيب هذه المواد الكيميائية، ودراسة علم الأدوية بالإضافة إلى معرفة طرق العلاج للأمراض وتفاعلات الأدوية، وبعض الاحتياطات للحوامل والرضع والأطفال وكبار السن والجرعات وتكررها ومدة العلاج التي يحتاجها المريض في كثير من الأمراض المتعارف عليها مثل الأوبئة والفيروسات السكري والضغط وغيرها، وقد انتشر هذا البرنامج انتشارا عالميا لفترة طويلة من الزمن.

2 - برنامج دكتور صيدلي: نظرا لارتفاع معدلات الأخطاء الدوائية (Medication Errors) في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وقلة وعي المجتمع من خلال عدم الاستخدام الأمثل للأدوية مثل الأدوية التي لها دور كبير في تشوهات الجنين والمضادات الحيوية وكثرة استعمال المسكنات التي لها أعراض أو أثر جانبي وغيرها من الأسباب، وللتقليل من هذه المخاطر سعت المؤسسات التعليمية إلى طرح برامج متنوعة تهتم بتطوير ممارسة الصيدلة المهنية والانتقال من مفهوم الصيدلة المبني على اشتقاق الدواء وتركيبه وآلية تصنيعه إلى ممارسة الصيدلة السريرية إذ يهتم بعلاقة الدواء بالمرض من خلال فهم خواص الدواء وآلية عمله في الجسم بطريقة أكثر تفصيلا بما يكفل ويحقق مبادئ السلامة الدوائية.

من هذا المنطلق سعت جميع المؤسسات والهيئات العالمية إلى رفع مستويات مخرجات التعلم من خلال عدة مجالات تشمل المعرفة والفهم والقيم والعمل على تقويم المخرج تعليمي للصيدلي بشكل فعال يتم بناؤه على عدة مؤشرات يتم قياسها ومراقبة وجودة العملية التعليمية والتي شملت: آلية قبول الطلاب ومستوى أعضاء هيئة التدريس وطرائق التدريس ومصادر التعلم وآلية الاختبارات التي يتم فيها تقييم الطلاب.

إن عملية التطوير ليست سهلة وإنما يجب أن تكون مبنية على دراسات عميقة وشاملة وهذه الدراسات دعت المتخصصين إلى بحث الطرق والسبل التي تعمل على مواكبة التطور.

وللبحث في هذا الموضوع تناولنا الحديث عن أعرق وأقدم كليات الصيدلة في المملكة وتساءلنا، هل مرت بمراحل التطوير مقارنة بالكليات المحلية والعالمية؟

وقد مر تطور علم الصيدلة في العالم بمراحل عديدة؛ فمثلا في أوروبا وبالتحديد في بريطانيا كانت الجمعية الصيدلانية تعنى بترخيص مهنة الصيدلة وكانت في ذلك في عام 1852م وكانت تمنح للصيدلة باسم الكيميائي الصيدلي تحت الاختبار، ويجب على المتقدم اجتيازه حتى عام 1904م، وخلال هذه الفترة تم تطوير برنامج الصيدلة لديهم (M. Pharm) حتى أصبح أربع سنوات حيث كانت جامعة مانشستر (The University of Manchester) أول جامعة تخرج دفعة من الصيادلة بنظام أربع سنوات عام 1970م يهتم بممارسة الصيدلة.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية حدث هنالك تغيير جوهري وجذري لتعليم الصيدلة خلال 200 عام الماضية؛ فمن حيث النشأة كانت أول كلية صيدلة في عام 1821م باسم كلية فيلاديلفيا للصيدلة حيث يدرس الطالب من أربع إلى خمس سنوات؛ ليصبح كيمائيا صيدليا والتي بناء عليه يحق للخريج الالتحاق ببرامج الصيدلة الأكاديميين الإكلينيكية (Pharm. D) هذا لم يطبق إلا خلال الأربعين عاما السابقة.

وقد شهدت التغيرات خلال ستينيات القرن الماضي طرق جديدة لتوصيل الأدوية للجسم ومن ثم الخدمات الصيدلة السريرية كالاستشارات الدوائية للمريض وتداخلات الأدوية مع بعضها البعض بالإضافة إلى الأغذية. ومنذ السبعينيات إلى الثمانينات من القرن الماضي بدأت برامج ما بعد البكالوريوس بالترسيخ والهدف منه رفع كفاءة الخريج في مجال التدريب كممارسة في الصيدلة السريرية وفي التسعينيات من القرن الماضي وصل عدد كليات الصيدلة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 80 كلية طورت برامجها بحيث يصبح ممارسة الصيدلة السريرية (دكتور صيدلي) كدرجة مهنية للمزاولة.

وللنظر بشكل أعمق إلى معايير التطور التي ارتكزت عليها برنامج الصيدلة والنقلة النوعية في التحول خلال القرن الحالي على عدة محاور أبرزها: استراتيجيات التدريس وطرقها وآلية مراجعتها وتقييمها ومستوى كفاءة الهيئة التدريسية بحيث يتم قياسها كمؤشرات بشكل دوري نستطيع أن نعرف من خلالها مستوى جودة العملية التعلمية. لذا يجب علينا فهم هذه المعايير وكيفية رفع كفاءة الجودة التعليمية لبرامج الصيدلة للوصول إلى الهدف المنشود في خدمة ورعاية المرضى بشكل صحيح.

وللتحقق في هذا المجال، اطلعنا على عدة مجالس علمية تعنى بتطوير مهنة الصيدلة فمنها المجلس الصيدلي البريطاني General Pharmaceutical Council (G P h C) ومقرها المملكة المتحدة وهي الجهة المخولة على الصعيد الأوروبي في منح الاعتماد البرامجي في مجال الصيدلة وقياس تطور برنامج الصيدلة، حيث أقرت (في عام 2011 م) عدة معايير هدفها الرئيس مواكبة تطور ورفع كفاءة مهنة الممارس الصيدلي حيث أشاد بذلك عدد من الباحثين وعدد من الدراسات البحثية والتي كان أهمها كتاب ستيوارت وإي ليتندر في عام 2018م وهي تشمل:

سلامة المريض والمجتمع من خلال تقليل مخاطر استعمال الأدوية وذلك بهدف استعمالها بالشكل الصحيح مع المبررات والأسباب.

تقييم ومراجعة التعليم والتدريب بشكل دوري يوضح فيه مخرجات التعلم وماهي الطرق الصحيحة التي يتم فيها تقييم الطلاب بما يحقق المخرج التعليمي المتميز ومتوافق مع احتياجات سوق العمل والتي ألزمت بها جميع كليات الصيدلة. بالإضافة إلى طرائق وأساليب التدريس وتنوعها بما يخدم العملية التعليمية للطالب وكذلك آلية قبول الطالب ولا ننسى كذلك التطوير المستمر للكادر التعليمي والإداري من عن طريق حضور المؤتمرات والندوات.

وأخيرا آلية التدريب للطلاب في المستشفيات والمراكز الصحية والتي يجب أن تحقق أفضل النتائج من خلال قياس مؤشرات الأداء سنويا لترفع من كفاءة الممارس الصيدلي بعد تخرجه في خدمة المرضى.

أما في أمريكا فقد أقر المجلس الأمريكي الصيدليِAccreditation council pharmacy education (ACPE) في عام 1932م عدة معايير حسب ما نشره الباحثان في كتابهما ستيوارت و إي ليتندر في عام 2018م والتي في مضمونها مقاربة ما تم طرحه واعتماده من قبل المجلس الصيدلي البريطاني حيث قسمت على عدة محاور وهي: مخرجات التعلم وهيكلتها وتعزيزها و آلية طرق قياسها في المقررات الدراسية وماهي أفضل الطرق لتقييم الطلاب.

فعلى سبيل المثال مخرجات التعلم تتضمن المعرفة الأساسية في ممارسة الصيدلة وأساسيات الرعاية فكلاهما يحققان سلامة ورعاية المرضى في المجتمع.

أما في كليات الصيدلة في السعودية فالمعيارية مشابهة إلى حد كبير لما تم طرحه سابقا عالميا حتى أن بعض الكليات لدينا تذهب للبحث عن الاعتمادات العالمية مثل المجلس الأمريكي الصيدلي وتحقق معايير الاعتماد الكامل.

وأما لدينا في المملكة فآلية رفع كفاءة مخرجات التعلم والتي بدورها تعكس على جودة الممارس الصيدلي فهي تقع على عاتق المؤسسة التعليمية وبالتحديد الكلية والتي تنظر في التعليم والتعلم (نوعية طرائق التدريس ومصادر التعلم) وطريقة تقييم الطلاب وإدارة ضمان الجودة وأيضا تطوير الكادر الإداري والهيئة التدريسية ومستوى كفاءتهم.

ومن وجهة نظري فإن عملية تجويد العملية التعلمية لدينا أدق وأشمل مما ذكر في أوروبا وأمريكا لأن هذه المعايير تتفرع في عدة محكات ويقاس بشكل دقيق كل محك على حدة، والنتيجة النهائية استيفاء أهداف ومخرجات التعلم للبرنامج والتي سنتلمس ذلك في المستقبل القريب.

عزيزي القارئ: إن هذه المعايير تختلف في بعض الأسس الفرعية في المنظمات العالمية والمحلية للاعتماد البرامجي، ولكن جميعها تتفق في أن رفع كفاءة الممارس الصيدلي يعتمد في الحقيقة على صياغة مخرجات التعلم والطاقم التدريسي وآلية قبول الطالب والتي بدورها تسهم في تطلعات واحتياجات المجتمع لرعاية المرضى.

ثالثا- واقع التعليم الصيدلي في المملكة العربية السعودية (التطور التاريخي، واستراتيجيات التعليم والتعلم، ومستقبل التعليم الصيدلي)

تناولت المقالة الحديث عن كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود؛ باعتبارها أعرق وأقدم كليات الصيدلة في المملكة، والسؤال: هل مرت كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود بمراحل التطوير مقارنة بالكليات المحلية والعالمية؟

نشأت كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود كأول كلية صيدلة في المملكة في عام 1379هـ (1959م) حيث يحصل الطالب على درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلانية بعد خمس سنوات وفصل دراسي بمسمى صيدلي، والذي يعمل فيها في صيدليات المجتمع والمصانع الدوائية وشركات الأدوية، ويعد تعليم الصيدلة في المملكة آنذاك حديثا.

وفي القرن الحادي والعشرين، بدأت شرارة التطوير الأولى في هذه الكلية في عام 1995م؛ حيث عملت الأقسام الأكاديمية بالكلية على مراجعة أساسيات التعليم وطبيعة تقويم جودة العملية التعليمية بهدف الحصول على مخرجات تعلم ذي كفاءة وجودة عالية في مجال الصيدلة بما يتوافق مع تطلعات سوق العمل والجامعات العالمية.

وخلصت لجان التطوير بالكلية على صياغة أهداف عامة، عملت على توحيد المناهج في المؤسسات التعليمية المتطورة في جميع دول العالم؛ مما يساعد على سهولة تبادل الطلاب بين هذه المؤسسات والكلية واتساق اشتراطات الدراسات العليا، بهدف رفع خبرات الممارس الصيدلي في رعاية وخدمة المريض.

وبفضل هذا التطوير لحقت كلية الصيدلة بتطور الصيدلة الحادث في القرن الحادي والعشرين وجعلها في مصاف كليات الصيدلة في جامعات عالمية، حتى استحدثت الكلية برنامج يعنى برعاية وخدمة المريض وهو برنامج دكتور صيدلي.

ويرتكز هذا البرنامج على أسس تعلم ممارسة الصيدلة السريرية أكثر من صرف الأدوية فقط، والجدير بالذكر أن الخريج سابقا كان لا يخضع للاختبارات، فمجرد حصوله على درجة البكالوريوس يحصل على التصنيف من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الطبية، وأقصد بذلك مزاولة المهنة بمسمى صيدلي، ولكن لرفع مستوى الصيادلة عدلت هيئة التخصصات الطبية بعض لوائحها وجعلت الخريج من كليات الصيدلة يخضع للاختبار لمزاولة المهنة سواء في برنامج العلوم الصيدلية أو برنامج دكتور صيدلي، وذلك بهدف رفع كفاءة الممارس الصيدلي لخدمة ورعاية المريض.

وتعد استراتيجيات التعليم وطرائق التدريس ومصادر التعلم من الأسس التي تسهم في رفع كفاءة الممارس الصيدلي، وللتأكد من هذه الاستراتيجيات التي تستخدم فلا بد من عمل الآتي:

قياس مخرجات التعلم على الأقل دورة واحدة للخريجين.

قياس مدى رضا واستيعاب ومشاركة الطلاب في الأنشطة التعليمية المتعلقة بالدورات وورش العمل والفعاليات.

معرفة عدد الاختبارات التي يخضع لها الطالب لقياس مدى تحقيق مخرجات التعلم، وغيرها من المهارات التي يكتسبها الطلاب خلال مرحلة الدرجة العلمية في برنامج الصيدلة مثل كتابة البحث العلمي وإلقاء المحاضرة العلمية.

الوقوف على أداء الخريج لدى المنشآت ومدى تأثيرها على المرضى والمجتمع ومدى رضا جهات العمل عن الخريج.

وللتفصيل أكثر عن هذا الموضوع هنالك مجموعة واسعة من نظريات التعلم تشمل الأنواع الأساسية هي سلوكيات البناء المعرفي والبناء الاجتماعي؛ إذ تعد هذه العوامل عوامل مهمة وبحسب ما نشره مقال ازهام وإبراهيم نشر في عام 2018 م، فإن هنالك فجوة بين الممارسين وأعضاء هيئة التدريس في موضوع تحديد فلسفة ونظريات التعلم والتي تشكل ضعفا كبيرا في ممارسة الصيدلة السريرية، وأوضحت الدراسة الآتي:

إن طرق التدريس السلوكية وهو التعلم من المصادر وطريقة تلقي المعلومات منها وحفظها وممارسة التكرار وضع قواعد كالحضور والغياب في المحاضرة وطرح الأسئلة المباشرة وتعزيز الحوافز أو المكافآت ومنح علامات إضافية على المشاركة؛ ترفع من كفاءة الطالب في الممارسة.

أن التعلم من خلال مساعدة الطلاب في دمج المعلومات الجديدة مع معارفهم الحالية والسماح لهم بإجراء التغييرات المناسبة ووضع الخطط لربط المعلومات من أجل استيعاب تلك المعلومات أي بمعنى أنه يركز على التفكير والفهم والتنظيم والوعي في حل المشكلات وعادة يستخدم في مثل هذا الطرح في برامج الصيدلة هي حالات المرضى يقوم الطالب باستنباط الحل ولهذه النظرية أمثلة تشمل: تصنيف المعلومات وربط المفاهيم وكيفية إيجاد العلاج المناسب للمريض نتيجة تعرضه لمرض أو تعارض الأدوية وتقديم المقارنات في مجموعات الأدوية والعلاقة بين الدواء والمستقبلات في الجسم الحيوي ونواتج ذلك على الخلية ومن ثم الجسم كل ذلك يزيد من مهارات الاستذكار والاستنباط لدى الطلاب فهي ترفع من كفاءة الطالب في الممارسة.

إن الترابط الاجتماعي وعلاقته بالقيم الاجتماعية والوطنية والدينية يساهم في إعداد الطلاب لحل المشكلات مثل: ماذا يجب على الممارس فعله تجاه المريض وزملائه أو مسؤوليه في العمل؟ وما الأسس التي تتناسب مع الممارسة في تعاليم ديننا الإسلامي؟

وبالإضافة إلى استراتيجيات التعلم هناك عدة أساليب فعالة في المجال الصيدلة مثل:

ما يتعلق بمشروع البحث والتي يقوم بها الطالب بتطوير استبانة يقوم فيها بالتحقق من بعض المسببات لتعارض الأدوية أو عرض جانبي أو أثر جانبي لدواء معين يتم بنائها طبقا لأهداف الدراسة.

التعلم القائم على حل المشكلة (Problem Based Learning) يسهم في تحفيز التفكير النقدي وتطبيق المعرفة والتكامل في مجال الصيدلة السريرية.

عمل مجموعات في دورة تتعلق بإدارة صيدلية المجتمع، حي يتم توزيع أربعة إلى خمسة طلاب معا ويعملون لإنشاء صيدلية مجتمعية جديدة. حيث تسهم هذه الاستراتيجية سوف في تعزيز التعلم التعاوني ومفهوم الاستشارة قبل اتخاذ القرار.

استخدام نموذج محاكاة في تجربة معملية يحاكي أنشطة وعمليات الصيدلة والمستشفيات مثل محاكاة صيدلية، إنه شكل من أشكال التعلم التجريبي فمثلا يقوم عضو هيئة التدريس بعمل سيناريو للطلاب يحاكي الواقع في مجال ممارس الصيدلة السريري بحيث يحقق تطلعات بناء معرفة المهنيين الصحيين ومهاراتهم ومواقفهم مع حماية المرضى من المخاطر غير الضرورية.

أسلوب المناظرات العلمية كذلك يعد من استراتيجيات التعلم فعلى سبيل المثال إشراك الطلاب في مناقشة القضايا الأخلاقية في الصحة والصيدلة. حيث يساعد دعم مهارات الحوار وطريقة الإجابة العلمية المبنية على مصدر علمي صحيح.

وبعد ذكر كل ما يتعلق بالاستراتيجيات المناسبة للتعلم، يجب علينا فهم الطرق التي يفضلها الطلاب وتعزز مفهوم رفع كفاءة خريج الصيدلة. بناءً على دراسات سابقة أشارت دراسة أسترالية أن نتائج أدوات التعلم التي يفضلها الطلاب البديهية والاستيعاب والحكم.

وفي نفس السياق أوضحت دراسة كندا أن أسلوب التعلم الأكثر شيوعاً بين الطلاب وأسلوب الاستيعاب، وفي الولايات المتحدة الأمريكية الإدراك الحسي والفهم المتسلسل ويتبعها الصور والفيديوهات وهي الأكثر شيوعا لدى الطلاب.

وفي دراسة أمريكية أخرى ورد أن نظام PBL)) يعد من أساليب التعلم المتميزة والمهمة حيث وجد فرقا واضحا بين مقارنة الطلاب الذين طبق عليهم هذا الأسلوب من التعلم مقارنة بمجموعة أخرى لم يتم تطبيق نظام PBL)) عليهم. أما في الدول النامية مثل ماليزيا والبرازيل فقد كان أسلوب التعلم السائد المفضل لدى طلاب الصيدلة هو أسلوب الاستيعاب، يليه المقارنة والتسلسل في تلقي المعلومات. وخلاصة القول أن كل هذه الأساليب مهمة خاصة عند تخطيط المبادرات التعليمية وتنفيذها وتقييمها من أجل خلق بيئة تعليمية فعالة ومعاصرة تحقق النتائج المرجوة في تحسن جودة رعاية المرضى.

وفي الفقرة الأخيرة من هذا المقال سوف نعرض أبرز المحاور التي شملت معايير تطوير برامج الصيدلة وآلية اختيار استراتيجيات التعلم بما يتوافق مع صياغة مخرجات التعلم المنشودة لرفع كفاءة الممارس الصيدلة وأفضل الأساليب للتعلم عالميا وتبقى لدينا ماهي الخطط الدراسية والمقررات الفعالة التي تخدم ما ورد سابقا.

حيث تعد الخطط الدراسية جزءا مهما في توصيف البرنامج حيث يبنى المعرفة والمهارات الإدراكية والقيم من خلال عدة موضوعات يجب تغطيتها على شكل مقررات دراسية تعزز دور الخريج في المستشفيات وأماكن الرعاية الصحية ولعلنا نذكر تطور بعض الخطط الدراسية التي حدث فيها تطور ملحوظ وخصوصا في كليات الصيدلة بالمملكة.

ومن أهم الكليات التي عملت على هذا التطور كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود حيث قام البروفيسور يوسف عسيري بإعداد دراسة نشرت عام 2011م عن برنامج العلوم الصيدلية في جامعة الملك سعود توضح طبيعة ونسب المقررات ضمن المنهاج القديم والتي يجب على الطالب للحصول على بكالوريوس علوم الصيدلة أن يجتاز عدد 175 ساعة معتمدة مع تدريب 12 ساعة معتمدة في الفصل الأخير.

وكانت تحتوي هذه الخطة الدراسية على نسبة قليلة في المقررات السريرية وتشكل نسبة 18 % (19 ساعة معتمدة) من أصل المقررات والمستحضرات الصيدلانية 27 % والنبات الطبية والعقاقير 12% وكيمياء الصيدلية 20 % وعلم الأدوية 27% وتكون مدة التدريب قصيرة جدا قرابة 6 أسابيع في نهاية درجة البكالوريوس. مما استدعى تطوير البرنامج من عام 1995 م كطريقة لتحسين برنامج العلوم الصيدلية بالإضافة إلى اعتماد برنامج دكتور صيدلي حيث يعد البرنامج الأخير الأهم في رفع مستوى الممارس الصيدلي من خلال إعداد مقررات التي تتعلق بالممارسة الصيدلانية والتي تهدف إلى خدمة ورعاية المرضى مقارنة بالمقررات التي تخدم مجال التصنيع وغيرها.

كانت البداية في التطوير في إدخال مواضيع جديدة موجهة نحو المريض، مثل علم الأمراض، والمستحضرات الصيدلانية 23%، والعقاقير والنباتات الطبية 14%، وعلم الأدوية 31%، والكيمياء الصيدلة 12%، والصيدلة السريرية الإكلينيكي 53 % حتى وصل عدد ساعات البرنامج 211 ساعة معتمدة ويشكل التدريب الميداني (سنة الامتياز- clerkship) سنة كاملة (500 ساعة اتصال) وأصبح المقررات السريرية التي تهتم في رعاية وخدمة المرضى، أما بالنسبة لبرنامج العلوم الصيدلية فقد طرأ التطوير على مجموع الساعات المعتمدة والتي أصبحت 177 ساعة معتمدة تتضمن المستحضرات الصيدلانية 35 % وعلم الأدوية 29% مع الحفاظ على نسبة الكيمياء الصيدلية 20 % كما كانت بالبرنامج القديم والسريرية 26 % والنباتات الطبية والعقاقير 16%. وتحقيقا لكفاءة برنامج دكتور صيدلي فقد تم إنشاء قسم عام 1979 م يعنى في المجال الإكلينيكي سمي بقسم الصيدلة الإكلينيكية.

وبدا الفرق جليا الآن وواضحا في موضوع مقررات الدكتور الصيدلي بعد أن أصبح أكثر من النصف بالمائة من مقررات البرنامج التي تهتم بالمجال الإكلينيكي مقارنة ببرنامج العلوم الذي يشكل 35 % في مجال المستحضرات الصيدلانية ومدة التدريب 250 ساعة تدريب مقارنة بتدريب الدكتور 500 ساعة مع ملاحظة اختلافهما في محتوى التدريب الميداني.

والمهم في آلية طريقة طرح هذين البرنامجين في كلية الصيدلة أن الطالب يمر في مرحلة الإعداد وتشكل 33 ساعة معتمدة ومن ثم يلتحق بالكلية ويبدأ بدارسة المقررات إلى 147 ساعة أربع سنوات وبعدها يخير الطالب ما إن يكمل برنامج العلوم الصيدلة (30 ساعة معتمدة) سنه كاملة أو برنامج دكتور صيدلي يدرس عامين إضافيين (64 ساعة معتمدة).

ولا يقتصر الجانب التطويري في هذا البرنامج فقد أصبح الخريج (دكتور صيدلي) يلتحق ببرامج مثل الإقامة العامة في الصيدلة السريرية PGY-1) الصيدلي المقيم والتي يقوم فيها الطالب خوض تجربة التدريب ومزاولة المهنة لمدة سنتين وبعدها يتخرج بمسمى صيدلي مقيم تعادل درجة الماجستير المهنية بعد أن يحقق شروط القبول والتي تمر فيها على عدة مراحل تشمل شروط القبول العامة من أهمها معدل التراكمي لدرجة البكالوريوس ويخضع فيها للاختبار تحريري يقيس فيها المتقدم الأساسيات في مبادئ الممارسة الصيدلة التي وردت في المقررات الدراسية التي تعلمها خلال مرحلة درجة البكالوريوس ومن ثم مقابلة شخصية.

وفي اعتقادي أنه من المفترض على كليات الصيدلة الالتزام بتطبيق متطلبات برنامج دكتور صيدلي بجودة وكفاءة عالية من خلال تطوير أدوات التعليم بشكل مستمر والتي تتمحور حول القدرة على التفكير النقدي، وتحسين مهارات الطلاب بواسطة حل المشكلات واتخاذ القرارات في الحالات المرضية وآلية العلاج الدوائي وتدريب الطالب على إنشاء ونقل وتطبيق معارف جديدة بناء على أحدث الأبحاث في العلوم الصيدلة السريرية؛ والنقطة الأهم في هذا الجانب هي التعاون مع المهنيين الصحيين في الجانب التطبيقي والتي سوف تسهم في تحسين نوعية الطالب وتوضيح نقاط الضعف وفي التعرف على الأسباب التي أدت إلى ذلك بهدف تحقيق خدمة ورعاية المرضى بشكل أفضل والوصول لمجتمع صحي وواعي.

NimerAlsabeelah@