عولمة اللغة!
الاثنين - 12 ديسمبر 2022
Mon - 12 Dec 2022
في مشهد من المسلسل السعودي اللطيف والخفيف جدا «المكتب» المقتبس من المسلسل الأمريكي «أوفيس» يتداول الممثلون في المكتب كلمات إنجليزية في حديثهم العربي بشكل مكثف ومتكلف في إدانة لسلوك مشهور يظهر أخيرا، وهو استخدام مفردات إنجليزية في الحديث العربي وبين العرب أنفسهم بشكل متكرر، وبرغم أنهم كلهم عرب، إلا أنهم يرددون كلمات إنجليزية كثيرة في حديث عربي، ويرددون في آخر المقطع «أي قري» أي «أنا موافق» لتختم إحدى الممثلات هذه للقطة بكلمة «يا شين السرج على البقرة».
وفي قصة أخرى يقوم الشاب العربي في جامعة أمريكية برعاية أستاذ المادة ليلقي عرضا عن موضوع تم اختياره مع أستاذه، وبعد نهاية العرض يلقي الطلاب في مرحلة الماجستير على الطالب بعض الأسئلة، واستطاع الطالب أن يوضح وجهة نظره بلغة إنجليزية بسيطة، وفي تنمر واضح قال أحد الطلاب الأمريكان في سؤال تهكمي مكتوب في ورقة بلا اسم الشخص السائل، «أرجو أن يكون العرض باللغة الإنجليزية» رغم أن العرض باللغة الإنجليزية، لكن كان نقدا للغة الطالب العربي، ولما طرح هذا السؤال على الطالب السعودي أصابه بعض الخجل، هنا تدخل الأستاذ وسأل عن الطالب الذي طرح هذا السؤال، فقام أحدهم وقال أنا: وسأله الأستاذ كم لغة تجيد؟
فقال أجيد اللغة الإنجليزية التي نتحدث فيها هنا وندرسها، رد البروفسور، هذا الطالب يجيد لغتين، بينما أنت لا تجيد إلا لغة واحدة، هو يقرأ بلغتين وأنت لا تقرأ إلا بلغة واحدة، هو استطاع أن يشرح ما يريد بلغة بسيطة ووصلت المعلومة لنا وهذا هدف اللغة، أما أنت فليس لديك لغة ثانية إطلاقا، ولو سافرت لبلد قريب لنا وهو المكسيك لم تستطع أن تتحدث اللغة الإسبانية التي يتحدث بها جيراننا ومعظم الشعب الأمريكي أيضا.
وثمة قصة أخرى، يقول أحد الأصدقاء جلست على طاولة الطعام في الفندق أثناء عشاء عمل، وبطريق الصدفة المحضة استمعت إلى حوار بين اثنين، وكان حديثا عن العمل لكنه باللغة الإنجليزية، كدت أجزم أن هؤلاء أجانب لأنهم لا يتكلمون العربية إطلاقا وبعد مدة التفت فإذا هم عرب، وقد أكد هذا لما جاء ضيف ثالث لهم إذا هم يتحدثون العربية، وكان حديثهم حديثا يوميا وليس حديث عمل، ولا أزال لا أدري ما كان يجبرهم على ذلك.
ويتحدث إلي صديق أمريكي مستغربا يقول أستمع في المقاهي للعرب وهم يتحدثون وهم يدرجون كلمات إنجليزية في حديثهم العربي، ونحن في اللغة الإنجليزية لا ندرج أي لغة أخرى في لغتنا ولا نستخدم مفردات لغات أخرى في لغتنا، فما السبب في ذلك لدى العرب؟ يقول: ورغم أني في السابق كنت ألاحظ هذه في اللغة العربية فقط، لكن بدأت تتسرب القصة نفسها في اللغات الأخرى، ورأيتها في اللغات الأوروبية، حيث تسربت إليهم بعض الكلمات الإنجليزية في حديثهم اليومي.
وفي عرض آخر في كل العمالة الموجودة في بلدنا، لا يوجد أحد يطالب العمالة التي تعلمت اللغة العربية هنا في المملكة أن ترفع المضارع وتبني الماضي وتخرج الاشتقاق الصحيح، وعندما تسأل عن أحدهم هل يجيد العربية، فأنت لا تسأل إلا بمعنى: هل يفهم ما أقول، وهل إذا تحدث أستطيع أن افهم ما يقول وهذا ما يطلق عليه أنه عامل يجيد العربية.
يمكن القول إن الهزيمة النفسية تجاه أي حضارة تتبعها هزيمة نفسيه لغوية، وإلا فإننا حتما لا نحتاج اللغة الإنجليزية في حديثنا باللغة العربية مع بعضنا البعض، وأيضا لو كانت حركة الترجمة قوية لما احتجنا الكتب الإنجليزية أصلا، فإننا نعلم الصعوبات التي نجدها في فك المعاني القوية للكتب الفكرية باللغة العربية أو ما نسميه ما بين السطور، فكيف يمكن أن نستفيد من الكتب باللغة الإنجليزية العميقة منها، ليفوتنا فعلا في الكتب الإنجليزية البعد الآخر في المعنى!
إن البعد الأخطر في الموضوع أن الهزيمة النفسية صارت تحاصرنا، وليست الهزيمة تجاه اللغة إلا مظهرا من مظاهرها، وإلا الأشكال متعددة لهذا الألم!
Halemalbaarrak@
وفي قصة أخرى يقوم الشاب العربي في جامعة أمريكية برعاية أستاذ المادة ليلقي عرضا عن موضوع تم اختياره مع أستاذه، وبعد نهاية العرض يلقي الطلاب في مرحلة الماجستير على الطالب بعض الأسئلة، واستطاع الطالب أن يوضح وجهة نظره بلغة إنجليزية بسيطة، وفي تنمر واضح قال أحد الطلاب الأمريكان في سؤال تهكمي مكتوب في ورقة بلا اسم الشخص السائل، «أرجو أن يكون العرض باللغة الإنجليزية» رغم أن العرض باللغة الإنجليزية، لكن كان نقدا للغة الطالب العربي، ولما طرح هذا السؤال على الطالب السعودي أصابه بعض الخجل، هنا تدخل الأستاذ وسأل عن الطالب الذي طرح هذا السؤال، فقام أحدهم وقال أنا: وسأله الأستاذ كم لغة تجيد؟
فقال أجيد اللغة الإنجليزية التي نتحدث فيها هنا وندرسها، رد البروفسور، هذا الطالب يجيد لغتين، بينما أنت لا تجيد إلا لغة واحدة، هو يقرأ بلغتين وأنت لا تقرأ إلا بلغة واحدة، هو استطاع أن يشرح ما يريد بلغة بسيطة ووصلت المعلومة لنا وهذا هدف اللغة، أما أنت فليس لديك لغة ثانية إطلاقا، ولو سافرت لبلد قريب لنا وهو المكسيك لم تستطع أن تتحدث اللغة الإسبانية التي يتحدث بها جيراننا ومعظم الشعب الأمريكي أيضا.
وثمة قصة أخرى، يقول أحد الأصدقاء جلست على طاولة الطعام في الفندق أثناء عشاء عمل، وبطريق الصدفة المحضة استمعت إلى حوار بين اثنين، وكان حديثا عن العمل لكنه باللغة الإنجليزية، كدت أجزم أن هؤلاء أجانب لأنهم لا يتكلمون العربية إطلاقا وبعد مدة التفت فإذا هم عرب، وقد أكد هذا لما جاء ضيف ثالث لهم إذا هم يتحدثون العربية، وكان حديثهم حديثا يوميا وليس حديث عمل، ولا أزال لا أدري ما كان يجبرهم على ذلك.
ويتحدث إلي صديق أمريكي مستغربا يقول أستمع في المقاهي للعرب وهم يتحدثون وهم يدرجون كلمات إنجليزية في حديثهم العربي، ونحن في اللغة الإنجليزية لا ندرج أي لغة أخرى في لغتنا ولا نستخدم مفردات لغات أخرى في لغتنا، فما السبب في ذلك لدى العرب؟ يقول: ورغم أني في السابق كنت ألاحظ هذه في اللغة العربية فقط، لكن بدأت تتسرب القصة نفسها في اللغات الأخرى، ورأيتها في اللغات الأوروبية، حيث تسربت إليهم بعض الكلمات الإنجليزية في حديثهم اليومي.
وفي عرض آخر في كل العمالة الموجودة في بلدنا، لا يوجد أحد يطالب العمالة التي تعلمت اللغة العربية هنا في المملكة أن ترفع المضارع وتبني الماضي وتخرج الاشتقاق الصحيح، وعندما تسأل عن أحدهم هل يجيد العربية، فأنت لا تسأل إلا بمعنى: هل يفهم ما أقول، وهل إذا تحدث أستطيع أن افهم ما يقول وهذا ما يطلق عليه أنه عامل يجيد العربية.
يمكن القول إن الهزيمة النفسية تجاه أي حضارة تتبعها هزيمة نفسيه لغوية، وإلا فإننا حتما لا نحتاج اللغة الإنجليزية في حديثنا باللغة العربية مع بعضنا البعض، وأيضا لو كانت حركة الترجمة قوية لما احتجنا الكتب الإنجليزية أصلا، فإننا نعلم الصعوبات التي نجدها في فك المعاني القوية للكتب الفكرية باللغة العربية أو ما نسميه ما بين السطور، فكيف يمكن أن نستفيد من الكتب باللغة الإنجليزية العميقة منها، ليفوتنا فعلا في الكتب الإنجليزية البعد الآخر في المعنى!
إن البعد الأخطر في الموضوع أن الهزيمة النفسية صارت تحاصرنا، وليست الهزيمة تجاه اللغة إلا مظهرا من مظاهرها، وإلا الأشكال متعددة لهذا الألم!
Halemalbaarrak@