وليد الزامل

عاجبك الإيجار وإلا اطلع!

السبت - 10 ديسمبر 2022

Sat - 10 Dec 2022

أشرت في مقالات سابقة إلى أن سوق الإسكان يتأثر بعوامل عدة، منها الوضع الديموغرافي وطبيعة صناعة البناء وحجم الأسرة، وتشريعات البناء وبرامج الدعم والتمويل السكني، والتي تؤثر بدورها على «العرض والطلب».

إن تنظيم السوق الإسكاني لا يتعارض مع مبدأ السوق الحر؛ بل يأتي في سياق تحقيق المصلحة العامة التي تكفل حقوق جميع الأطراف الداخلة في سوق الإسكان، بما فيها الفئات المستضعفة أو المحرومة.

إن السياسة الإسكانية تتخذ كل الأنظمة والتشريعات في المدينة التي تكفل توفير إمدادات كافية ومناسبة للوحدات السكنية وبأسعار معقولة، تتماشى مع حدود القدرة الاقتصادية لمتوسطي الدخل في المدن وبأكبر قدر لحماية استدامة قطاع الإسكان.

تعيش كثير من الأسر في وحدات سكنية مستأجرة، خاصة حديثي الزواج، وتنفق بعض هذه الأسر تكاليف تتجاوز 30% من دخلها في تسديد قيمة الإيجار.

ومع ذلك تعاني هذه الأسر من ضبابية المعلومة حول القيمة الإيجارية للوحدة السكنية عند قرب انتهاء العقد السنوي. في الواقع، إن القيمة الإيجارية للوحدة السكنية لا تخضع لمؤشرات واضحة، فالارتفاع يمكن أن يحدث عند تجديد العقد متى ما رغب مالك العقار دون تقديم أي مبررات.

يمكن أن تتأثر القيمة الإيجارية للوحدات السكنية نتيجة معلومات أو إشاعات عامة حول ارتفاع العقار السكني في المدينة.

وهكذا يسارع المالك برفع القيمة الإيجارية على المستأجرين بمعدلات ربما تتجاوز 50% من قيمة العقد الايجاري للسنة الماضية.

بعبارة أخرى فإن سوق الوحدات السكنية الإيجارية لا يعكس بالضرورة عوامل فعلية أسهمت في رفع القيمة الإيجارية مثل صيانة الوحدة السكنية، أو جودة الوحدة السكنية، أو مؤشرات أثرت بشكل فعلي في هذه الزيادة.

تواجه كثير من الأسر المستأجرة خبر زيادة القيمة الإيجارية للوحدة العقارية كالصاعقة في كل سنة دون التقيد بهامش ارتفاع محدد، وتكون النتيجة في الغالب عند مناقشة صاحب العقار عبارة واحدة لا تتغير وهي: «عاجبك الإيجار وإلا إطلع!». تفضل بعض الأسر البقاء في الوحدة السكنية نفسها رغم ارتفاع القيمة الإيجارية، حفاظا على استقرار الأسرة ونمط حياة يساعد على سهولة الوصولية للمدارس أو العمل أو الأقارب.

وفي المقابل، تضطر بعض الأسر للمغادرة إلى وحدات إيجارية في أحياء سكنية أخرى طلبا لأسعار إيجارية معقولة. وهكذا تتحمل الأسرة أعباء التكيف مع أنماط حياة اجتماعية جديدة، تشمل تسجيل الأبناء في مدارس جديدة ومعاناة نقل العفش في كل مرة يتم الانتقال من وحدة سكنية إلى أخرى.

إن استغلال بعض ملاك العقارات حاجة الأسر للإسكان، يقود إلى توليد سوق إسكاني قائم على أساس تعظيم الأرباح للمستثمرين، دون النظر إلى الفئات المستضعفة أو غير القادرة على التكيف مع حجم الطلب وزيادة الأسعار.

إن سوق الوحدات السكنية الإيجارية يجب أن يخضع لقواعد تنظيمية تكفل حقوق مالك العقار والمستأجر، ويتضمن ذلك سعر الإيجار ومدة الإيجار ومعدل رفع القيمة الإيجارية، وبما يتماشى مع مبدأ تحقيق «المصلحة العامة»، وهو أحد أهم أهداف التخطيط العمراني.

تعطي هذه القواعد التنظيمية الحق للمستأجر الأولوية بالاستقرار وتجديد العقد في الوحدة السكنية المستأجرة، في حال التزامه بدفع مستحقات الإيجار.

كما تمنح هذه القواعد التنظيمية الحق للمالك برفع القيمة الإيجارية وفق ضوابط محددة، وبنسب لا تزيد على 5% من قيمة الإيجار.

وأخيرا من الأهمية بمكان توفير منصة للوحدات السكنية الإيجارية المدعومة، بحيث تخصص للأسر التي متوسط دخلها أقل من المتوسط العام للدخل في المدينة.

تساهم هذه المنصة بتوفير إمدادات كافية من الوحدات السكنية الإيجارية المدعومة مرتبطة بدراسات عن واقع السوق لكل مدينة لتعيد التوازن في الأسعار وتوفر بديلا اقتصاديا للأسر المستأجرة بعيدا عن استغلال بعض الملاك العقاريين لحاجة المواطن للسكن.

@waleed_zm