عبدالله العولقي

القمة العربية الصينية

الثلاثاء - 06 ديسمبر 2022

Tue - 06 Dec 2022

تحتضن الرياض عاصمة العرب، قمة استراتيجية تجمع الدول العربية مع الصين، ومن اللافت للقول الحديث عن تاريخ العلاقات الصينية العربية، والتي تعود إلى أكثر من 2000 عام، عبر طريقي الحرير والبخور الشهيرين في التاريخ الإنساني القديم، حيث كانت الممالك العربية القديمة في وسط وجنوب الجزيرة العربية ترتبط بعلاقات تجارية مع مملكة الصين، إذ كانت بمثابة التأمين التجاري لطريق قوافل تجارتها نحو شمال آسيا وأوروبا.

قبل عدة أشهر، أقيمت قمة استراتيجية عربية أمريكية في الرياض بحضور الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، وقد أثمرت القمة عن عدة شراكات اقتصادية وأمنية، واليوم تعقد قمة استراتيجية أخرى مع قطب العالم الآخر الصين وبحضور الرئيس الصيني شي جين بينج، وبالتالي فهاتان القمتان لهما دلالة حيوية وبالغة الأهمية تجاه القضايا الدولية المختلفة، فالدول العربية وبقيادة المملكة العربية السعودية يحجزون مكانتهم المرموقة في عالم اليوم في ظل المتغيرات الدولية الحالية.

وهنا يمكن القول أيضا، إن العرب لديهم نقاط اتفاق مع الصين ولا يتفقون بها مع الغرب مثل موضوع القيم مثلا، فما يسميه الغرب قيما من وجهة نظره ثم يجيره سياسيا ضمن أدواته الأساسية في دبلوماسيته الخارجية لا يتفق مع وجهة نظر العرب والصين معا، وكما هو معروف هذه الأيام تقوم ترسانة الإعلام الغربي ولا تفتأ بتحويل معاني تلك القيم الغربية إلى قيم إنسانية عالمية، ومن يتخل عنها فهو مخالف للقوانين الدولية كما نلحظه مؤخرا في قضية الشذوذ والمثلية، وبالتالي فموضوع القيم من ضمن نقاط التوافق في وجهات النظر بين العرب والصين أمام وجهة النظر الغربية.

أيضاً، الصين تمتلك ثاني اقتصاد في العالم، وتعتبر مصانعها في شانغهاي الشريان الذي يغذي استهلاك العالم، وإقامة شراكة تجارية مع دولة بحجم الصين له عوائد استثمارية واقتصادية ضخمة، فالتجربة الصينية في التنمية ملهمة للعالم لا سيما أنها تخطت أكبر حاجز تنموي وهو الكثافة السكانية، فقد تمكنت برامجها التنموية من نقل ملايين الصينيين الغارقين في أصقاع الفقر إلى فساحة الطبقة المتوسطة، كما أن لديها أكبر نظام تكافلي اجتماعي في العالم يؤمن صحيا لأكثر من مليار شخص، فالشراكة الاستراتيجية مع هذه التجربة تمثل رافدا حيويا لاقتصاديات الدول العربية، لا سيما أن العديد منها يرتبط مع بكين ضمن مبادرتها الشهيرة الحزام والطريق.

وفي الختام.. العالم يتهيأ اليوم إلى التعددية القطبية، ومن الحكمة إقامة الشراكات الاستراتيجية مع أقطاب العالم الكبرى، فالعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية متوطدة تاريخيا ضمن الشراكة الاقتصادية والأمنية، وهذه القمة تشهد علاقة شراكة استراتيجية مع الصين القطب الآخر، وهذه نقطة حيوية وفي غاية الأهمية، فمن الحكمة الواقعية أن ينتهج العرب بقيادة المملكة العربية السعودية سياسة التوازن في العلاقات الدولية ضمن واقع المتغيرات الدولية الحالية.

albakry1814@