حنان درويش عابد

البيت غير المستقر! ما الذي يفعله في عالم الإدارة؟

الثلاثاء - 06 ديسمبر 2022

Tue - 06 Dec 2022

لقد كان الإنسان وسيظل كائنا يتأثر بكل شيء من حوله، ولا يمكن تصديق امتلاك أي إنسان لصفة «الرجل الحديدي» أو «المرأة الحديدية» إلا في سياقات معينة، لكن ليس على إطلاق تلك السياقات، ومن دون الإغراق كثيرا في صناعة توصيف بشري بعيد عن التأسيس لفكر يتجاوز كل المألوف في قدرات الإنسان، فعلينا أن ندرك دائما أن المحيط من حولنا هو المؤثر الأكبر في كل شيء.

والاستقرار الأسري هو حجر الزاوية الأكبر والأعظم على الإطلاق في صناعة الرجل الناجح أو المرأة الناجحة، ومن دون وجود هذا الاستقرار الأسري بالغ الأهمية، فإن الإنجازات في الغالب لا يمكن أن تكون سوى إنجازات متواضعة أو متوسطة، فهل نبالغ كثيرا حين نقول إن نجاح الرجل أو نجاح المرأة ينطلق في أساسه من توفُّر حياة أسرية ناجحة وصحيّة وسليمة؟

لا يمكن لنا في عصر العلم والمعرفة أن نتجاوز حقيقة تأثير الاستقرار النفسي على الناجحين، وكيف أنهم قد برعوا أولا في صناعة محيط بيئي اجتماعي صحي حولهم إيمانا منهم بقدرة هذا المحيط على تزويدهم بدفعة قوية للانتقال من مراحل التخطيط إلى مراحل الإنجاز.

وهكذا فإن الجميع تقريبا يؤكدون على ضرورة تحسين البيئة المحيطة بنا أولا، قبل أن نفكر في تحسين إنتاجنا ومستوى ابتكارنا وإبداعنا، فالإنسان البائس الذي لا يحصل على متطلباته العاطفية من أسرة مُحبّة على وجه الخصوص، هو إنسان لا يمتلك عقلا صافيا أو نفسا تمتلك الحد المطلوب من الدافعية الإيجابية للانطلاق في الحياة والنجاح فيها.

وانطلاقا من كل هذه المفاهيم الإنسانية، فإني أؤكد لكل شاب ولكل فتاة بأن الانتقال إلى مرحلة العمل المميّز ليست هي الخطوة الأولى في عالم الأعمال، ولكن يسبق ذلك مرحلة تأمين الغطاء الاجتماعي والأسري والنفسي المطلوب والذي لا يقل أهمية عن الغطاء الجوي للجيوش في أرض المعركة، فالعمل التجاري مليء بالأزمات الكثيرة، وإذا لم تكن ظهورنا محميّة بشكل جيد من قِبَل الأسرة، فإننا على الأغلب لا يمكننا أن نواجه مصاعب العمل التجاري، فأمِّنوا ظهورهم جيدا على المستوى الأسري والاجتماعي ثم انطلقوا.

لقد كانت الأسرة وستظل عبر التاريخ الإنساني كله بمثابة درع الحماية الأكبر والأول في حياة كل فرد، وسيظل دعم الأسرة لكل واحد منا هو مفتاح النجاح الأكبر والأول ومن بعده تأتي مفاتيح الابتكار والإبداع والهمة العالية والإصرار، ولكن علينا أن نفهم أولوياتنا ونصنّفها جيدا قبل أن نضع الخطط المستقبلية في حياتنا.