علي المطوع

ألمانيا... أخطاء وخطوط

الاحد - 04 ديسمبر 2022

Sun - 04 Dec 2022

ألمانيا بلد عريق، لها في كل مجال باع وسبق، لها قدرة على النهوض من أزماتها وكوارثها لتعود في كل مرة لاعبا مؤثرا على الساحة الدولية، لها مع (الخطوط) حكايات عجيبة ومع كرة القدم قصص أعجب وأغرب.

في بطولات كأس العالم - تحديدا - يحضر الألمان عادة بكامل وهجهم الكروي الذي بوأهم الحصول على هذه البطولة أربع مرات سابقة، ليكتب اسم ألمانيا في سجلات هذه البطولة كفريق كروي عظيم لا يشق له غبار.

في البطولة الحالية، حضر الألمان إلى الدوحة بتاريخهم وعتادهم وعدتهم، الجميع كان ينتظر من هذا الفريق حضورا يواكب تاريخه العريق في هذه البطولة وما قبلها من بطولات، وفي المباراة الأولى كشر الألمان عن أنيابهم ولكن هذه المرة برسائل خارجة على الذوق والعرف واحترام رؤى الآخرين وقوانينهم تحت ذريعة حرية التعبير!، وزيرة داخليتهم كانت هي الأخرى تمارس حقها في التعبير الغريب، ولكن على حساب الآخرين، في سطوة وسكرة تعكس خروج الألمان على نهجهم الكروي المستقيم.

اليابان كانت لهم بالمرصاد ومباراة أولى وخسارة طرب لها الشرق، خسارة أقلقت الألمان وأسعدتنا كجماهير عريضة، رأت في تصرفات الألمان خروجا على نصوص كأس العالم وقواعده السوية.

اليابان مرة أخرى وفي مواجهتها الأخيرة مع الإسبان كان لها حضور أزعج الألمان وبدد حلمهم بالتأهل إلى الدور الثاني، وفي الهدف الثاني راقب الألمان عبور الكرة (خط الملعب) منتظرين إلغاء الهدف الياباني القاتل الذي قتل طموحهم وحظوظهم بالتأهل ولكن الفار كان له رأي آخر!.

الفار رأى أن الكرة لم تعبر الخط بكامل محيطها وحيطتها، والألمان بعيونهم المتعنصرة رأوه عبورا غير مشروع، كونه عبر باليابان إلى الدور الثاني وهزم الجارة إسبانيا وأخرجهم من البطولة وأحرج الفيفا، وانتصر للفار وللمستديرة وقوانينها الرياضية التي تحدد مساحتها وقطرها ومحيطها.

إذن التقنية الغربية تنحاز للشرق ومفاهيمه على حساب الألمان وقضاياهم الأخلاقية المتعثرة في هذا المونديال!.

ليست هذه المرة الأولى التي يشاغب فيها الألمان في كأس العالم، ففي عام 1966 سجل الإنجليز هدفا في المباراة النهائية، ورغم أن الفار لم يظهر بعد في تلك البطولة ولا المثلية وصورها الدعائية، إلا أن رجل (الخط) وحكم المباراة قد باركا ذلك الهدف كونه قد تخطى خط المرمى وهذا يعني هدفا صحيحا لا غبار عليه، مازال الألمان يذكرون تلك المباراة ويلعنون ذلك الخطأ وقبله (خط المرمى) الذي لم ينصفهم ويكون معهم.

وفي نهاية الحرب العالمية الثانية كان الألمان على موعد مع (خط فاصل) قسم ألمانيا إلى قسمين شرقية وغربية، الشرق عاش ردحا من الزمن في كنف الشيوعية ومفاهيمها، والغرب انتصرت له أمريكا وحلفاؤها المناصرون لها في تلك الحرب؛ تحول الخط إلى جدار فاصل بين الفكرتين قبل أن يفصل الألمان إلى معسكرين، بقي الألمان أسرى لذلك الخط حتى حلت لحظة الخلاص وتوحدت ألمانيا وأصبح الخط وجداره أثرا بعد عين.

وفي الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة، كان لألمانيا خيبة أخرى مع الخطوط، وهذه المرة مع (خط الغاز نورد ستريم)، الذي كان يعد الشريان الذي يغذي ألمانيا بالغاز الطبيعي، دمر هذا الخط دون أن يعترض الألمان على من فعل ذلك، الاعتراض الوحيد كان لوزيرة داخليتهم في ملاعب الدوحة، من خلال اعتراضها على القيم الإنسانية ومفاهيمها التي ترفض المثلية وصورها المقيتة!.

ما قصة الألمان مع الخطوط وما سر خذلانها لهم، وما أسباب تعثرهم الأخير في كأس العالم، ولماذا كان اعتراضهم بهذه الطريقة الفجة والممنهجة والتي انعكست سلبا على حضورهم الأخير في البطولة الأخيرة!؟ ، فالألمان كان ينحصر فعلهم في كل بطولات العالم السابقة في المستطيل الأخضر وليس في المدرجات وأمام العدسات ومن خلال لبس الشارات!.

alaseery2@