فيصل الشمري

المنتخب الوطني السعودي ومنتخب الملالي

الخميس - 01 ديسمبر 2022

Thu - 01 Dec 2022

تختلف تعليقات الناس حول كأس العالم من ناحية كثير من أحداث هذه المسابقة الرياضية الممتعة، لكنها تتفق في منحى واحد، ألا وهو أن لاعبي المنتخب الوطني السعودي يلعبون بروح البسالة والقتال، لتشريف بلادهم ورفع رايتها عالية خفاقة بين الأمم المتسابقة، بينما يحاول اللاعبون الإيرانيون ـ قدر جهدهم ـ توصيل رسالة احتجاج قوية وشديدة اللهجة إلى نظام حكم الملالي في إيران، لوقف سلبهم حقوق الشعب الإيراني.

وفي هذا الصدد، تختلف آراء المحللين السياسيين، إذ يرى معظمهم أن أداء الفريق السعودي لكرة القدم في مباريات كأس العالم، التي تدور حاليا في دولة قطر، ما هو إلا عامل يضيف إلى النهضة الشاملة والطموحة التي تأخذ بالمملكة إلى أطوار أكثر من التقدم والازدهار. بينما من الناحية الأخرى، يذهب الخبراء السياسيون إلى اعتبار مشاركة إيران في كأس العالم بداية لثورة ضد الجمهورية الإسلامية، ودعما لحركة الاحتجاجات التي تسود إيران، والتي ستمتد وتنتشر لتطيح بالنظام الإيراني الديني والمتخلف والبغيض، قريبا إن شاء الله.

يشكل فريق كرة القدم الإيراني مشكلة للنظام الإيراني الحاكم، لكن الفريق الوطني السعودي يضيف إلى إنجازات المملكة، ويؤازر السعودية حكومة وشعبا.

الأعلام السعودية ترتفع في ساحة الملاعب عالية هاماتها، عزيزة صواريها، بينما لا يرتفع العلم الإيراني إلا كرسالة احتجاج على إيران ودعائم الحكم فيها.

وكثرت الملاحظات من أن جماهير المشاهدين والمشجعين لمنتخب السعودية، تتباهى بحب وطنها وترديد أناشيده الوطنية، بينما تقوم جماهير المشجعين الإيرانيين بعكس ذلك، عن طريق الصياح بهتافات ضد آيات الله، والجمهورية الإسلامية الإيرانية. كأس العالم لكرة القدم هو امتحان للأمم، لأنه يكشف أخلاقياتها.

في هذا الصدد، قدمت الجماهير السعودية الحاضرة للمباريات صورة راقية مهذبة لحضارة السعودية، بينما تقوم أحداث شغب بين الجماهير الإيرانية في شوارع قطر، بين المعارضين لحكومة إيران والمؤيدين لها من العملاء، الذين تم إرسالهم قبيل المباريات للصدام والاشتباك مع المعارضين الإيرانيين.

جمعت ساحات الملاعب المبتعثين والمغتربين السعوديين، مع أبناء وبنات الوطن في حب بلادهم، بينما عادت صفوف المعارضة الإيرانية مرة أخرى إلى منطقة الخليج، لإظهار تحديها للنظام في إيران.

هناك شكوك كثيرة تحوم حول مستقبل أعضاء المنتخب الوطني الإيراني بعد انتهاء كاس العالم، فقد يطلب بعضهم اللجوء السياسي إذا كانت لديهم الفرصة المتاحة للقيام بمثل هذا الإجراء، بينما لا يفكر ولن يخطر على بال أي لاعب سعودي أو فرد من الوفد السعودي الرياضي الموجود في كأس العالم، من الفرار خارج المملكة، بل سيعودون جميعا بروح النصر والتفاؤل بمستقبل وطنهم الزاهر.

يحاول المنتخب الوطني السعودي تشريف بلاده في مباريات كأس العالم، بينما أضحى المنتخب الوطني الإيراني قوة سياسية وليدة تعمل على فضح بلادها.

المنتخب السعودي يمدح بلاده، والمنتخب الإيراني يسب ويلعن بلاده. السعودية عام 2022 في كأس العالم هو توقيت في تاريخ نهضة المملكة، لكن إيران عام 2022 في كأس العالم هو ميعاد في تاريخ الثورة المضادة التالية القادمة، والتي ستحدث في الجمهورية الإسلامية.

حتى الأزياء والملابس، فهي تعبر عن روح السعودية، إذ يظهر أهل السعودية بملابس تعبر عن ثقافتهم وحضارتهم، بينما يبدو المشجعون الإيرانيون بملابس تحمل رسالة احتجاج أو حتى صورا لأفراد قتلوا بأيدي قوات الأمن الإيرانية، في أحداث الاحتجاجات ضد الجمهورية الإسلامية على مدى عقودها.

مشاركة السعودية في كأس العالم بقطر هي رسالة حب من السعودية إلى كل العالم، بأن السعودية تسهم في حدث رياضي راق يمتع البشرية، أما مشاركة إيران في كأس العالم بقطر هي رسالة احتجاج من اللاعبين والمسؤولين الرياضيين الإيرانيين، بأن إسهامهم هو أمر له صلة بالسياسة الإيرانية، وأنهم غير راضين عن حكم بلادهم ممن هم على قمة السلطة في بلدهم.

وتكثر التكهنات من أن اللاعبين الإيرانيين قد يتعرضون لعقوبات صارمة، إذا لم ترض عنهم القيادة الإيرانية الدينية والسياسية، لكن القضية مختلفة بالنسبة للاعبين السعوديين، إذ من المتوقع أن يتلقوا مكافآت سخية، لأدائهم الطيب في المباريات التي تنافسوا فيها.

مواجهة الفريق السعودي مع منتخب أي دولة في كأس العالم هو حدث رياضي فقط، بينما تحولت كل مواجهة بين إيران ومنتخب أي دولة إلى نزاع سياسي شرس، وكان هذا واضحا في مباراتهم ضد فريق الولايات المتحدة.

الجميع ينتظر عودة السعودية ليشارك فريقها في كأس العالم عام 2026. الحياة مستقرة في المملكة السعودية، لكن الدنيا لا تعرف إذا كانت إيران سترسل فريقا لكأس العالم بعد 4 سنوات من الآن أم لا، فالحياة غير مستقرة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الجماهير السعودية تحترم بلادها، أما الجماهير الإيرانية لا تحترم بلادها.

تعالت أصوات الجماهير وأعضاء المنتخب السعودي في ترديد النشيد الوطني السعودي، عند بداية كل مباراة، كأنشودة ترنم في عشق الوطن، لكن بقيت الشفاه صامتة والألسنة مقيدة والنفوس متألمة محبوسة عند عزف النشيد الوطني الإيراني، لأن الإيرانيين ـ وعلى رأسهم المنتخب القومي لكرة القدم ـ كانوا يقولون للجميع لا يوجد شيء مشترك بيننا وبين سائر دول العالم، لأنكم تحبون بلادكم، أما نحن، فنحن مكرهون على حب نظام ظالم لبلدنا، وعلى هذا، فإن كاس العالم بالنسبة لنا مناسبة وفرصة لأن نصيح للعالم: أغيثونا من آيات الله وحكم الملالي.

mr_alshammeri@