محمد علي الحسيني

تحريك العقل والتفكير

الأربعاء - 30 نوفمبر 2022

Wed - 30 Nov 2022

العقل هو الحجة الباطنة على الإنسان، وهو أحد مصادر التشريع الإسلامي، ويعد محل الثواب والعقاب كما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام «لمّا خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إليّ منك، بك آخذ، وبك أعطي، وعليك أثيب».

جاء الإسلام ليحيي العقل الإنساني ويحركه ويفعله بعدما سيطرت عليه الخرافات وتلبسته الأوهام وجمدته العادات، واتبع التقاليد وتوقف عن العمل والتفكير، في ظل موانع متعددة أهمها اتباع الغير صاحب النفوذ والسلطة المالية والاجتماعية والسياسية وحتى الدينية في الجاهلية، بحيث أصبح الإنسان الذي ميزه الله عز وجل عن الحيوان، كالأنعام بل أضل سبيلا؛ لأنه ترك عقله وجمده وترك الغير يفكر ويقرر عنه، فأصبح مسلوب العقل والتفكير والإرادة، بل بات أداة بيد غيره وينفذ ما يقرره الغير عنه وهذه الطامة الكبرى والمصيبة العظمى.

إن المسلم الحقيقي هو من يؤمن بأن الإسلام جاء لإخراجه من العبودية الفكرية للآخرين، وإعطائه حرية الرأي والتعبير وحثه بل طلب منه عبر الكثير من الآيات تحريك عقله والتفكير: (أَفلا يتدبرون) ،(أفلا يعقلون)،(أفلا ينظرون) ،(أفلا يتفكرون)، كما بين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) فضل التفكير والتدبر بقوله: «تفكر ساعة خير من عبادة سنة».

بعدما بينا أهمية التدبر والتفكير وعدم جواز اتباع الغير أو تقليده في التفكير، مهما علا شأنه، علينا كمسلمين وخاصة في زماننا هذا زمن الفتن والمحن أن ﻻ نتبع إلا فكرنا ومنهجنا الوسطي المعتدل، النابع من إنسانيتنا بعيدا عن تحريض الشياطين ورفضا لفتاوى قتل الإنسان لأخيه الإنسان، بل علينا أن نعي خطورة سيطرة الجهلة على عقولنا باسم الدين تارة، وباسم الطائفية تارة أخرى، لأن ذلك من أخطر المخدرات على عملية التفكير الصحيحة، ولنعلم أننا سنقف بين يدي الله عز وجل يوم الحساب ووحدنا سوف نسأل عن أفعالنا فهل سوف نقول: يا رب فلان أمرني وفلان أفتى لي! فيقول عز وجل: أين عقلك؟ أين تفكيرك؟

sayidelhusseini@