عبدالرحمن عنايت

فوز السعودية على الأرجنتين.. دعاية مجانية للمملكة وبناء سمعة وطنية

الأربعاء - 30 نوفمبر 2022

Wed - 30 Nov 2022

سيظل يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2022، يوم الفوز التاريخي والمفاجئ للمنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني بهدفين مقابل هدف، ضمن منافسات دور المجموعات لبطولة كأس العالم بملعب لوسيل، يوما تاريخيا في سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA، وفي ذاكرة عشاق كرة القدم في العالم، فالمنتخب السعودي هو أول منتخب عربي يفوز على الأرجنتين، المرشح الأقوى والأبرز للفوز ببطولة كأس العالم.

فوز المنتخب السعودي، تجاوز الجانب الرياضي، حيث جذب اهتماما عالميا كبيرا للمملكة العربية السعودية، وسلط الأضواء عليها بشدة من أكثر من نصف سكان العالم، وأثار تفاعلات ومناقشات مبهجة، وأطلق احتفالات صاخبة لم تقتصر على السعودية فقط، بل امتدت إلى جميع البلدان العربية نظرا لكونه إنجازا تاريخيا للعرب، كما خلق فرحة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر كثيرون من مختلف الجنسيات، عن فرحتهم بفوز «الأخضر» واعتبروه فوزا لهم.

لقد كشف فوز السعودية على الأرجنتين الوجه الجميل للعرب وتكاتفهم مع بعضهم البعض، وغمرت الاحتفالات بهذا الفوز معظم أبناء الوطن العربي، وكأن الفوز كان من نصيب منتخب بلادهم.

السعوديون اعتبروا هذا الإنجاز التاريخي في كرة القدم هو «فجر عهد جديد» للمملكة، وشاركهم في الرأي غالبية العرب في جميع أنحاء العالم، في حين رأى محللون سياسيون أن كلمة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للاعبي الفريق قبل المباراة سبب رئيس في هذا الفوز، حيث رفع عنهم الضغوط، وهو ما جعل اللاعبين يخوضون المباراة بروح بطولية، وصنعوا فوزا كبيرا في لحظة تاريخية فارقة.

وتناولت معظم وسائل الإعلام في العالم كلمة ولي العهد، ووصفتها بالتاريخية، فهي تعد المرة الوحيدة التي يلقي فيها القادة مثل هذه الكلمات، حيث قال ولي العهد للفريق في رسالة متلفزة «كلما أريد أن أخبركم به هو أن تبقوا مسترخين، وأن تلعبوا لعبتكم بشكل هادئ، وأن تبذلوا قصارى جهدكم. ما يهمني هو أنكم تستمتعوا بهذه الألعاب الثلاثة. لا أريد أن يلعب أحد منكم تحت ضغط نفسي قد يؤثر على مستواه الطبيعي».

وأكدت وسائل الإعلام، أن كلمة ولي العهد كانت كلمة السر للاعبي المنتخب السعودي، حيث تصرف كقائد حقيقي في المواقف البالغة الصعوبة.

لقد أعاد الفوز السعودي للأذهان، انتصار الكاميرون على الأرجنتين بهدف دون رد في مباراة افتتاح مونديال إيطاليا 1990م، حيث تفاجأ الجميع بتعرض راقصي التانجو بقيادة دييجو مارادونا المنتشين بكأس العالم عام 1986م، للهزيمة من المنتخب الكاميروني، وهو فوز أعطى شعب الكاميرون شعورا بالكرامة بين الأمم، خصوصا أن الفرق الأفريقية كانت في كثير من الأحيان هدفا للسخرية والاستهزاء، وعرضة للكثير من العنصرية.

إن أهمية فوز السعودية على الأرجنتين، تكمن في الاهتمام العالمي الكبير والدعاية المجانية التي حصلت عليها المملكة، نظرا للشعبية الكبيرة التي تحظى بها كرة القدم بالعالم، فعلى سبيل المثال فإنه في بلد مثل صغير مثل بنجلاديش، شاهد أكثر من 10 ملايين مشاهد مباراة السعودية والأرجنتين على تطبيق «توفي».

وفي حين لم تتوفر بعد إحصاءات عن عدد المشاهدين على مستوى العالم الذين شاهدوا مباراة السعودية والأرجنتين، فإن المؤشرات تشير إلى أعداد هائلة شاهدتها، حيث تؤكد بيانات سابقة أهمية كرة القدم، فمثلا شاهد أكثر من 3.5 مليارات شخص آخر مباريات كأس العالم التي أقيمت في روسيا عام 2018.

ووفقا لاستطلاع TGM العالمي لكأس العالم، شاهد 85.3% من السعوديين مباراة فريقهم ضد الأرجنتين، وتشير التقديرات إلى أن نحو 63.3% من السعوديين شاهدوا المباراة على شاشات التلفزيون أو منصة البث عبر الإنترنت، بينما ذهب 26.6% من المشجعين السعوديين إلى قطر لمشاهدة كأس العالم على الهواء مباشرة.

لقد جعل الفوز السعودي -مع قوة وانتشار وسائل الإعلام غير المتصلة، والمتصلة بالإنترنت والتسويق-، أكثر من نصف العالم يتحدثون عن المملكة وقادتها وشعبها وثقافتها وسياحتها بشكل إيجابي، مما أدى إلى بناء سمعة طيبة وإيجابية للمملكة، وصورة الأمير محمد بن سلمان، وسيؤدي ذلك مستقبلا إلى فوائد مالية ضخمة للسعودية، ويعزز من العلامة التجارية لها، خصوصا بعد أن أعلنت شركة «براند فاينانس» الاستشارية الرائدة في مجال تقييم العلامات التجارية أن قيمة العلامة التجارية السعودية ارتفعت بنسبة 7% إلى 768 مليار دولار خلال 2022.

وفي الختام.. لقد أحدث الفوز السعودي حالة من البهجة لمشجعي كرة القدم بالعالم العربي، كما أدرك الجميع من مشجعين وخبراء الرياضة ومعلقين إعلاميين، أن هذا الحدث غير المسبوق كان أكثر من مجرد فوز، ولم يقتصر على رفع الروح المعنوية للعرب الذين وصفوه بـ «المستقبل العربي»، بل كان أكثر أهمية لقيادة المملكة والسمعة الوطنية للبلاد، ولن يطول الوقت حتى نرى أهميته وقيمته للعلامة التجارية السعودية.