حسين باصي

عصير طبقات شمسية

الاثنين - 28 نوفمبر 2022

Mon - 28 Nov 2022

دخلت إلى مجلس مليء بالرجال والعلماء في تخصصات مختلفة، بعضهم عرفني وهمس في أذن من يجلس بجواره ويوحي لي أنه يعرفه علي عن بعد، والآخر لا يعرفني تماما.

نأتي لمن هم يعرفونني كمختص في الطاقة المتجددة وتبدأ حلقة الأسئلة المحببة لي.

تبدأ مجموعة من الأسئلة عن الطاقة الشمسية ما إن كانت ذات جدوى اقتصادية للسائل وأنا بدوري أعد دوران الأسئلة بطريقة ما حتى أتمكن من معرفة بعض الأمور ومن ثم أدلو بدلوي في هذه المسألة.

ما يثير إعجابي في هذه الحوارات والنقاشات هي تلك الأسئلة المتعلقة بالأمور العلمية للألواح الشمسية، على سبيل المثال. واحدة من تلك الأسئلة الجميلة هو «كيف للضوء أن ينتج كهرباء من خلال الألواح الشمسية؟»

هذا السؤال يتعلق بشكل كبير بمفاهيم ميكانيكا الكم (Quantum Mechanics). عندما كنت أدرس الدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية كان علي أن أدرس مواد صعبة تتعلق بهذا المفهوم وهي مواد لتصميم أدوات أشباه الموصلات.

المضحك في الموضوع أني فتحت أحد الكتب عن هذا الموضوع لرغبتي في الاستزادة من المعرفة الأساسية ومن ثم التوغل في الموضوع الأصعب، ومالي إلا أن تفاجأت بهذه العبارة في أول صفحة «إن كان هناك أي شخص يدعي أنه يعرف كيف تسير الأمور في ميكانيكية الكم فاعلم أن هذا كذب ولا أحد يعرف شيئا عن هذا الموضوع» وبعدها بدأ المؤلف شرحه عن ميكانيكية الكم.

لذلك سأطرح الإجابة التي درستها ودرستها في الجامعة وبنت عليها مصانع العالم ثقتها كي تخرج لنا الألواح الشمسية الموجودة في الأسواق الآن.

إن أشعة الضوء مليئة بالفوتونات وعند ارتطامها بالألواح الشمسية تتمكن من تحرير بعض الالكترونات المتواجدة في ذرات السيليكون لتشق طريقها خارج الألواح الشمسية ومن ثم إلى الأجهزة الكهربائية التي تتغذى من تلك الكهرباء.

هذه الألواح الشمسية مكونة من عدة طبقات تماما مثل عصير الطبقات الشهير في الكثير من المطاعم ابتداء من أفخمها إلى الكافتيريات.

لذلك تجد أن الألواح الشمسية عبارة عن «عصير طبقات شمسية» تكون لكل طبقة فيه فائدة مهمة.

الطبقات الأهم هي أشباه الموصلات الموجودة في وسط تلك الطبقات والتي يتم تحرير الالكترونات منها عند وصول أشعة الشمس عليها.

طبعا عندما نستخدم كلمة (أشبها) نحن لا نقصد الإهانة للألواح الشمسية بأي شكل وإنما استخدموا هذا المصطلح العالمي لأن التيار الكهربائي يسير في اتجاه واحد وهذه المواد موجودة في المجموعة الرابعة في الجدول الدوري أي بين مجموعة الموصلات والعوازل.

إحدى المعاهد البحثية العملاقة في ألمانيا عرفت كيف تسير اللعبة، حيث قامت بتطوير عصير الطبقات بإضافة طبقة واحدة لتحسين الكفاءة وسمته TOPCon.

الذكاء هنا أنها لم تغير العصير بآخر وهذا عادة مكلف لأي مصنع في تغيير المنتج وإنما أضافت هذه الطبقة فتكون خطوات التصنيع نفسها مع إضافة بسيطة.

وهذه التقنية تستحوذ على الأسواق لمدة 5 سنوات تقديريا.

الاستمرار في التطوير مستمر وهنا لا يسعني إلا أن نكون جاهزين لكل هذه المجهودات العالمية في التطوير والتحسين، من كان يتخيل أن يكون جهاز صغير في أيدينا يدعى بالجوال يصلنا بالأحبة ليس بالصوت فقط وإنما بشكل مرئي واضح.

HUSSAINBASSI@