شاهر النهاري

ما أكثر العِبَر بمونديال قطر

الاثنين - 28 نوفمبر 2022

Mon - 28 Nov 2022

قلب نظر، وعقل سطر، وزرع تبارى بالثمر، والثقة تسد الفراغات، وتثني الصعوبات، ولا بد للعرب من وعي واستشفاف للصور:

فالكرة المستديرة لا قمة لها مضمونة، ونسمة الهواء قادرة على جعل الأعلى أسفل، وارتقاء الداني، فلا حياة لغرور، ولا ديمومة حظ منحسر.

وأن العالم فعلا أصبح قرية صغيرة، وشعوبا تعارفوا، واهتمامات الإنسان الأصيل شائعة، وإن تأثرت بقناعات كرات هلام، ولكنها حينما يبتعد الهدف، وتتعاظم سدود الدفاع، ويستبسل الحراس تظل مأمولة بمن حضر.

أن قطر عرفت قيمتها ونواياها وقدراتها، ومشت طريقها بجدية ومتانة سياسية طوال سنوات اثنتي عشر، في مواجهة التشكيك والاتهامات، والصعوبات، وكم بذلت لاكتساح مكامن الخطر.

أن التمسك بالمبادئ أمر لا يمكن للدول القوية، فرضه بالقوة على الدولة المضيفة، التي تمتلك خصوصيتها، وقوانينها وعاداتها واحترامها لذاتها، وتراثها، فلا تعطي الفرصة لثقافة الزائر المنحرفة أن تشوه معطيات الفخر.

أن للفوز شنة، ورنة، وعدوى حميدة تصيب أنفاس المحبين بالتعاطف والتلاحم المنتصر.

أن مباراة صغيرة يمكن أن تعطي مفعولا أكبر وأعظم من قمم ومؤتمرات ومعاهدات سياسية ودبلوماسية، تدعي خير البشر.

وأن السعودية عمق عربي تليد، ومهما اختلف الأشقاء حولها أو معها، تظل قبلة ماثلة في أنفسهم، ومصدر فخر لهم حينما يحضر شبابها وصقورها على سجيتهم، مسلحين بيقين وثقة، وقدرات وثمر.

وأن الشباب العربي الطموح قادر على التحليق الشامخ لبلوغ أفضل وأعلى المستويات العلمية والتنافسية والحياتية ومسابقة الحاضر وتخطي العقبات، وفرض القدرات، وجعل المستحيلات شيئا من الماضي، ينقشه الواقع المزهر، على أنصع صحائف الدهر.

وأن الأخوة العربية عهود كامنة بالأنفس، والوحدة ممكنة، وأن القلوب الأصيلة مهما قست، سرعان ما تحن وتشجع وتحتضن، فالدم والمصير والأرض واحدة يا بشر.

أن الروح الرياضية أبقى، وأجزل بركة وقناعة، وليت أن السياسة تستلف بعض روح الوعي الرياضي، وتدرك أن الحياة لا ديمومة فيها لفوز مبين ولا لهزيمة مهلكة، وأن يد الأخ الكبير يمكن أن تنتشل يد أخيه المأزوم أو المتكاسل، ليستمر التواد والتقارب على طريق الحياة والأمن والسلام والنماء وأخوة تنتشر.

أن الحماس يخلق الحماس، بعدوى حميدة مفيدة تدفع عجلات التسابق على الطريق ذاته، برضا وتوافقية، واحترام ودعم، ودون تلويث الإخاء بنزوات سياسات الشرر.

وأن كرة الوعي فنارة تضيء وسط تلاطم قسوة الأمواج، يحكي وميضها الكثير، ويهدي مسارات من ينتشرون حولها وعلى البعد، وتنذر من يجهل قسوة الجروف الحادة، وتمكن من يقصد رسو سفنه على شطوط وموانئ الخير والحب والنماء، وتصد من يحيل نوايا سفنه إلى حصان طروادة الغدر.

من يمد الكف الأخضر، تنبت على أنامله الأغصان الخضراء، نابضة بالحب، ومن رعى بقلبه برعم الأمل، فلا ندم، ولا توقف عن العطاء، أيا برزت حوله الأشواك، فالحب حينما يصل، ولو متأخرا، يبقى أثره كالسيل على عطش تربة مشاعر المحبين بروح بركات المطر.

وأن الشعوب العربية قاطبة رافضة لأي تطبيع مع المحتل الإسرائيلي مطلقا، ومهما حاول المطبعون، ودندنت أعذارهم على نشاز الوتر.

وأن الشعوب مهما حرمت وانتكست، وتعثرت في مهالك الصعوبات تظل قادرة على النهوض وطرد عجاج الهموم، بمجرد مشاركة أنفس أبنائها منافسات وعي حماسية مبهجة تشعرها بكيانها وتوحد طبقات مجتمعاتها وتضم الإخوة لتنوع إنسانها، بوقفة عز ونشيد وطني، يحقق الخيال في عقول ناشئة يحيون بواقع محترف وسط خضرة وعي مزدهر.

shaheralnahari@