أبوبكر أحمد ولي

الرخصة المهنية وتطوير التعليم

الاثنين - 28 نوفمبر 2022

Mon - 28 Nov 2022

يعد تطوير التعليم من المشاريع الكبيرة التي تهدف إلى تحقيق التنمية في كافة المجالات، ويعتبر تطوير التعليم من أهم البرامج الحيوية الداعمة لبناء المواطن الصالح المشارك في تنمية مجتمعه ووطنه.

ولا شك أن التعليم بمعناه الواسع الكبير لا يخفى على الجميع؛ فالتعليم هو الطريق والأداة لتحقيق متطلبات العصر الحالي والعبور نحو حياة المستقبل الزاهر. و«العلم نور» كما نردد دائما.

حديثي اليوم عن تطوير التعليم من منظور رأس المال البشري والتنمية المهنية للموارد البشرية في المؤسسات التعليمية والرخصة المهنية للمعلمين وذلك لعدة أسباب منها: أن المعلم عنصر أساسي في العملية التعليمية ونجاحه يعتبر نجاح للعملية التعليمية، وأنه المخطط والمصمم للعمليات التعليمية، وهو من يقوم على عمليات التدريس ودعم تعلم الطلبة للمهارات والمعارف والقيم وهو المقيم لتعلم الطلبة.

ويعد تطوير المعلم من القضايا الاستراتيجية المؤثرة على نواتج عمليات التعليم والتعلم.

ولأهمية ومكانة المعلم فقد تغنى به أحمد شوقي عندما شبه المعلمين بالرسل: «كاد المعلم أن يكون رسولا». وكذلك على المستوى العالمي تهتم المؤسسات التعليمية بالمعلم ومكانته حيث حدد الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» يوم الخامس من أكتوبر ليكون يوما عالميا للمعلم. وتهتم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بالمعلم كجزء من اهتمامها بجودة التعليم.

ومحليا تهتم وزارة التعليم بتطوير المعلم كنقطة تركيز استراتيجية وتضعه ضمن برامجها العامة وبرامج التطوير المهني المتخصصة لتطوير المعلمين في جميع التخصصات التدريسية وبرامج تطوير مديري ومديرات المدارس مرتكزين على البرنامج الوطني لتطوير القدرات البشرية الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمن برامج رؤية المملكة 2030 والذي يهدف بشكل عام إلى أن يمتلك المواطن القدرات التي تمكنه من المنافسة عالميا من خلال تعزيز القيم وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل وتعلم المعارف.

ومن منظور أكثر تخصصية في تطوير القدرات البشرية في المؤسسات التعليمية وخصوصا تطوير أداء المعلمين والمعلمات فإن المتابع لبرامج ومشاريع وعمليات تطوير المعلم يجد أن هناك برامج متعددة تنفذ في إدارات التعليم وبرامج مركزية تنفذ على مستوى الوزارة لتمكين منسوبي ومنسوبات التعليم من مهارات ومعارف وقيم تحسين الأداء وفق المعايير العامة والمعايير المتخصصة للأداء. حيث تركز هذه البرامج على المعايير العشرة المحددة من هيئة تقويم التعليم والمنبثقة من الأهداف الاستراتيجية للبرنامج الوطني لتطوير القدرات البشرية.

وللتوضيح أكثر فقد حددت هيئة تقويم التعليم عشرة معايير كمتطلبات للحصول على الرخصة المهنية ومزاولة مهنة التعليم وفق ثلاث رتب مهنية: المعلم الممارس، والمعلم المتقدم، والمعلم الخبير.

وتتكون هذه المعايير من 3 مجالات.

القيم والمسؤوليات المهنية.

المعرفة المهنية.

الممارسة المهنية.

وتتفرع من هذه المجالات عشرة معايير تركز على تعزيز القيم الإسلامية الوسطية، وأخلاقيات المهنة، وتعزيز الهوية الوطنية، والتطوير المهني المستمر، والتفاعل المهني مع التربويين والمجتمع، والإلمام بالمهارات اللغوية والكمية، والمعرفة بالمتعلم وكيفية تعلمه، والمعرفة بمحتوى التخصص وطرق التدريس، والمعرفة بطرق التدريس العامة، والتخطيط للتدريس وتنفيذه، وتهيئة بيئات تعلم تفاعلية وداعمة للمتعلم، وعاشرا يأتي التقويم.

ويعتمد حصول المعلم على الرخصة إتقانه للمعرفة والمهارات والقيم المحققة لهذه المعايير التي بنيت وفق معايير عالمية لتجويد أداء المعلم وتجويد مخرجات التعليم.

وللتعرف على تفاصيل أكثر عن هذه المعايير والممارسات التعليمية يمكنك الرجوع عزيزي القارئ إلى دليل «المعايير والمسارات المهنية للمعلمين في السعودية» والصادر عن هيئة تقويم التعليم والتدريب إصدار 1439هـ.

ومن وجهة نظري أرى أنه سيكون لهذا الحراك الاستراتيجي لمنح المعلم رخصة مزاولة المهنة أثرا كبيرا على ارتفاع الطلب على حضور برامج التطوير المهني العامة والتخصصية وارتفاع مستوى الدافعية للقراءة والدراسة وحضور حلقات النقاش الخاصة بالممارسات التعليمية وأساليب التدريس ونظريات التعلم وتصميم وتفريد التعليم وتحسين عمليات التقويم الخاصة بالممارسات التعليمية، وزيادة النقاش بين المختصين عن المدرسة السلوكية ونظرية جان بياجيه في النمو المعرفي والنظرية البنائية في التعلم والنظرية الاجتماعية، وعن التقويم وأنواعه وأدواته، وكثرة الاستفسارات عن علماء التربية وعلم النفس مثل ثوراندايك وبافلوف وواطسن جاثري وسكنر وتولمان وباندورا وبياجيه وروجر وماسلو.

الأمر الذي ينعكس تدريجيا على تحسين الأداء والأثر الإيجابي الأكبر على جودة عمليات التعليم وجودة نواتج التعلم وتطوير التعليم بشكل عام.

فشكرا لوزارة التعليم وشكرا لهيئة تقويم التعليم.

ويقول الراوي: المعايير والمسارات المهنية للمعلمين هي أفضل الأدوات العلمية لبناء نماذج حوكمة الأداء.

abubakrw@