حسن علي القحطاني

السعودية حديث ثلثي كوكب الأرض

الأحد - 27 نوفمبر 2022

Sun - 27 Nov 2022

الرياضة قوة ناعمة، حسب تعريف جوزيف ناي (Joseph Nye) أستاذ العلوم السياسية وعميد سابق لمدرسة جون كينيدي الحكومية في جامعة هارفارد والذي عمل مساعدا لوزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية في حكومة بل كلينتون ورئيس مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي؛ فإن القوة الناعمة هي القدرة على الحصول على ما تريد من خلال الجاذبية وليس الإكراه، وتهدف لجعل الآخرين يعجبون أو يرغبون في تبني وتكرار ثقافاتك الجذابة، والأيديولوجيات المرغوبة، وتجعل المؤسسات والسياسات ذات مصداقية مبتكرة.

والرياضة من أهم الأنشطة جاذبية؛ فبالتالي سيكون المجال فيها واسع لاستخدامها كقوة ناعمة، فنجد أن معاهدة لشبونة اللي تعتبر دستور الاتحاد الأوروبي تنص في المادة (165) على تطوير البعد الأوروبي في الرياضة، وخصصت دولة كفرنسا سفيرا خاص للرياضة؛ بل إن هناك مؤشرا عالميا يقيس القوة الدبلوماسية والسياسية للدول وفق عدد ممثليها في المناصب القيادية للاتحادات والهيئات الرياضية الدولية.

وعلى مستوى الأفراد نجد أن كأس العالم عام 2018م التي أقيمت في روسيا شاهدها نصف سكان كوكب الأرض، ودورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في طوكيو 2020م شاهدها أكثر من ثلاثة مليارات مشاهد وهذا يعادل ثلث سكان العالم، ولك أن تتخيل أن الدوري الإنجليزي الممتاز يتابعه 4,7 مليارات شخص مما يجعله من أهم صادرات بريطانيا، ولو أضفنا لها أن استضافة مناسبات رياضية ضخمة تنعكس على سمعة الدولة المستضيفة وتعكس عنها صورة إيجابية؛ سنجد مبرر الدول لصرف مبالغ مليارية عليها.

أما على مستوى الرياضيين فهناك من حقق من خلال الرياضة إنجازات أبهرت العالم وشدت الانتباه لدولهم، وسآخذ مثالين ونختم بالثالث؛ الأول ما حققه العداء الدولي السعودي هادي صوعان الصميلي الذي كان أول لاعب سعودي يحصل على ميدالية في الأولمبياد بحصوله على الفضية عام 2000م في سيدني في سباق 400 متر حواجز، مسجلا ثاني أفضل زمن تلك السنة؛ ويعتبر الرقم الذي سجله رقما عالميا صعبا، وهو أيضا حامل الرقم الآسيوي في نفس اللعبة، وحقق صوعان المركز الأول في سباق 400 متر حواجز الذي أقيم في لقاء برشلونة الدولي بإسبانيا في نفس العام؛ وذلك بزمن (48,87)ث وبفارق بسيط عن الجمايكى (مورجن دنسرديل) (49,11ث)، ولن ننسى الكابتن سعيد العويران ورفاقه عندما كان المنتخب السعودي يخوض نهائيات كأس العالم لأول مرة فسجل أحد أفضل أهداف كأس العالم حسب تصنيف FIFA في الولايات المتحدة الأمريكية 1994م بعد أن ركض العويران لمسافة 70 ياردة واخترق بشكل رائع الدفاع البلجيكي ورغم كونها المشاركة الأولى في هذه البطولة إلا أنه سلط الضوء في وسائل الإعلام على مدى التقدم الذي وصلت له المملكة العربية السعودية.

أخيرا.. ما قدمه المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في بطولة كأس العالم 2022م المقامة حاليا في دولة قطر بعد هزيمة الأرجنتين المرشحة الأولى للفوز بكأس هذه البطولة بنتيجة وأداء مشرف، ثم تقديم مستوى فني كبير في مباراة بولندا رغم خسارتها النتيجة، جعل المملكة العربية السعودية حديث ثلثي سكان العالم، وبلغ تقديرات أحد المواقع الاقتصادية المتخصصة لقيمة هذه الدعاية الإيجابية (القوة الناعمة) حوالي 30 مليار دولار على الأقل وهذا الرقم يزيد كل يوم، وهذا هو سر الفرحة الكبيرة بهذا الإنجاز الذي أتمنى أن يستمر بالوصول للأدوار النهائية يوم الأربعاء المقبل.

hq22222@