باسل النيرب

أصلي أم مزيف؟

الاحد - 27 نوفمبر 2022

Sun - 27 Nov 2022

توفر وسائل التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول إلى معلومات لم يسبق الوصول لها وهو أمر مفيد؛ ولكن وفي نفس الوقت أمر ضار وخاصة مع شيوع الأمية الإعلامية، وساهم كذلك ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة المعلومات المضللة، كما سهّل الذكاء الاصطناعي العبث بمقاطع الفيديو والصور، وجعلها مزيفة لدرجة أن معظم الجمهور لا يستطيعون التمييز بين الأصلي والمزيف والكثير منهم لا يهتمون بالحقائق حتى بعد نشر التصحيح، وهذا يفسر سبب انتشار المعلومات الخاطئة على الشبكات الاجتماعية أسرع من المعلومات الموثوقة.

وهناك مجموعة من القرائن أو البصمات التي يمكن أن تخبرنا إذا كان كاتب المحتوى ينشر أخبارا مزيفة، ومن أشهر بصمات المعلومات الخاطئة التي تجدها واضحة دون الرجوع إلى المواقع التي توفر خدمات التحقق من المعلومات والأخبار؛ البحث والتدقيق في اللغة المستخدمة؛ فعند تدقيق المعلومات المضللة ستجد بصمات «لغوية» واضحة للدلالة على أن المحتوى مزيف؛ ومن أوضح البصمات اللغوية:

1 - بنية نحوية أبسط من الأخبار الموثوقة.

2 - عدم وجود جهد معرفي في التحرير والصياغة مع انتشار الأخطاء الإملائية.

3 - الأخبار المزيفة أكثر عاطفية من الأخبار الحقيقية ولكن بصورة سلبية.

4 - الهجوم على الهوية الاجتماعية (الجنس/ الدين/ الجنسية/ وغيرها).

5 - توليد (الغضب/ الخوف/ الحزن/ الفرح) المبالغ فيه.

6 - تناول عبارات للدالة على الهوية (الدينية/ الجنسية/ الوطنية).

وتفيد إحدى النظريات الرائجة أن الانخداع بالمعلومات الزائفة من قبل الجمهور يعود إلى افتقارهم لمهارات «المعرفة الرقمية»، ويعني هذا المصطلح: «امتلاك المهارات الرقمية الأساسية المطلوبة للعثور على المعلومات بفاعلية على شبكة الإنترنت»، وتفيد النظرية أن الشخص الذي يفتقر إلى مهارات المعرفة الرقمية أكثر تعرضا لتصديق المعلومات المضللة وتشاركها مع الآخرين، وبناء عليه، فإن الأشخاص الذين ليس لديهم القدر الكافي من المعرفة الرقمية يؤدون دورا كبيرا في نشر المعلومات المضللة.

الملفت في مراقبة بعض تصرفات المدونين والمغردين أنه حتى الأشخاص الذين لديهم كم وفير من المعرفة الرقمية لم يكونوا بمنأى من «المشاركة» للأخبار الكاذبة، يبدو ذلك مستغربا؛ فإذا كنت تتمتع بمعرفة رقمية كافية وبمقدورك أن تميز بشكل أفضل بين الأخبار الصحيحة والكاذبة، فلماذا لا تتراجع احتمالية مشاركتك للمعلومات المغلوطة؟

الإجابة عن هذا السؤال من طبيعة عمل وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسبب في تشتيت انتباههم؛ فهم يتنقلون سريعا بين منشوراتها وأخبارها، وينساق اهتمامهم وراء التحقق الاجتماعي والتقييمات الأخرى، مثل عدد مرات الإعجاب التي ستحصل عليها منشوراتهم، هذا معناه أننا ننسى أن نسأل أنفسنا في كثير من الأحيان عما إذا كان الخبر صحيحا أم زائفا عندما نريد أن نتخذ قرارا سريعا بشأن مشاركة هذا الخبر من عدمها.

وشتان ما بين تصديق الخبر ومشاركته، فعندما تنتشر معلومة كاذبة في صورة خبر، ويتشاركها الجمهور بينهم ملايين المرات، فإن هذا -في حد ذاته- ليس معناه بالضرورة أن الملايين من الجمهور يعتقدون أن المعلومة صحيحة؛ فقد يكون السبب ببساطة أن من شاركوا هذه المعلومة لم يفكروا في مدى صحتها، كذلك فإن امتلاك أحدهم المهارة اللازمة التي يستطيع بها التمييز بين الحقائق والأكاذيب، وإذا أعطى نفسه الفرصة للتفكير في الأمر ليس معناه بالضرورة أنه سيشارك الآخرين معلومات أكثر دقة.

ختاما نقول إنه من المثير للدهشة أن المعرفة الرقمية قد لا تمثل عاملا جوهريا في التنبؤ بمن ينشرون معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذا عليك أن تعطي لنفسك الفرصة بأن تتوقف متسائلا عما إذا كان الخبر الذي تراه صحيحا قبل «المشاركة».

B_Nerab@