عبدالله قاسم العنزي

خصوصية النزاعات الرياضية

الأحد - 27 نوفمبر 2022

Sun - 27 Nov 2022

تنشأ من العلاقات القانونية في نطاق ممارسة الألعاب الرياضية نزاعات كثيرة خصوصا في كرة القدم التي أصبحت في زمننا الحالي ليست مجرد لعبة بل باتت رافدا من روافد الاقتصاد والسياحة ومهنة تحقق ثراء فاحشا للاعبي الكرة.

كما أخذت حيزا كبيرا وواسعا من اهتمام دول العالم بها لاعتبار أن جمهور لعبة كرة القدم هم الأكثر في العالم عن سائر الألعاب الرياضية ولجمهورها – أي كرة القدم – تفاعل واضح مع أحداث المباراة فتراه يتحمس إذا قدم الفريق أداء جيدا، ويعبر عن إحباطه في حال الأداء السيئ كما يعلو صوته وينخفض وفقا لأحداث المباراة.

وفي هذه الأيام تتجه أنظار جماهير كرة القدم في جميع أنحاء العالم نحو قطر لأول مونديال لكرة القدم لعام 2022م في بلد عربي وبهذه المناسبة نعبر عن الفخر الذي حققه المنتخب السعودي بفوزه على منتخب الأرجنتين ويعتبر ذلك من أعظم مفاجآت كأس العالم 2022م.

وبهذه المناسبة العالمية والرياضية يحسن الحديث عن النزاعات الرياضية التي ملأت الأوعية الإعلامية وحركت الرأي العام في بعض الأحيان بسبب الاهتمام الكبير في مثل هذه النزاعات وتعد النزاعات الرياضية هي الأبرز في الإعلام الرياضي وعلى ذلك نذكر خصوصيتها على النحو التالي:

أولا: أن النزاعات الرياضية في الغالب تكون نتيجة مخالفة وعدم احترام قواعد اللعبة وفي هذه الحالة يتم حسم النزاع بتدخل الحكم في اللعبة عن طريق توقيع الجزاء المناسب على اللاعب المخالف إلا أن النزاعات الرياضية قد تأخذ بعدا آخر لا يقتصر على ممارسة اللعبة الرياضية وإنما قد يتعلق النزاع الرياضي بإدارة وإشراف وتنظيم الأنشطة الرياضية وتنظم العلاقات بين القائمين عليها وبين ممارسيها كما هو الحال بالنسبة للعقوبات التي تفرضها الأندية والاتحادات الرياضية على اللاعبين والمدربين والحكام، والنزاعات التي تتعلق بالعقود الرياضية كعقد الاحتراف والانتقال وعقد الرعاية الرياضية ...إلخ.

ثانيا: إن النزاع الرياضي قد يخرج من النطاق الداخلي فيصبح ذا صفة دولية وبالتالي فإن دولية النزاع وخروجه من نطاقه الداخلي يثير تطبيق قواعد قانونية عديدة، لذلك يجب أن تكون هناك جهات مختصة بالفصل في هذه المنازعات بحيث تكون متخصصة في مجال الرياضة وتكون قادرة على إصدار القرارات اللازمة والملائمة للأنشطة والنزاعات الرياضية.

ثالثا: إن النزاعات الرياضية لا تحتمل وجود إجراءات طويلة وبطيئة بسبب تعلق الحقوق والقرارات الحاسمة بها، حيث إن مصير لاعب أو ناد أو عقد رياضي يتوقف على حسم هذه المنازعة مما يتطلب أن تحسم في أسرع وقت وبأقل إجراءات ممكنة وهذا يقتضي وجود قواعد قانونية خاصة تلائم الأنشطة الرياضية وتتطلب وجود جهات تحكيم متخصصة مثل مركز التحكيم الرياضي السعودي وغيره من مراكز التحكيم الرياضي على المستويين المحلي والدولي.

رابعا: إن القضاء في الوقت الحالي يواجه العديد من النزاعات التي تتطلب منه معرفة متعمقة بها، لذلك فإن الاتجاه السائد حاليا يتجه نحو ضرورة تخصص قضاة متخصصين فكما يوجد قاض لحسم النزاعات المدنية والتجارية والجنائية والعمالية كان من الضروري وجود قاض متخصص في المجال الرياضي أيضا ولا سيما في ظل الانتشار الواسع والتطور الكبير الذي تشهده الرياضة بكافة أنواعها حيث أصبحت تدر أموالا طائلة وتسهم في بناء الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل ومكافحة البطالة ودعم السياحة وغيرها.

ختاما: لقد أصبحت الرياضة في العصر الحالي ظاهرة ذات قيمة اقتصادية، تتجلى في وجود عقود ذات قيمة مالية عالية تثير العديد من المسائل القانونية المعقدة وتتسبب في منازعات كثيرة يهتم في حيثياتها الرأي العام الدولي والمحلي.

expert_55@