أيها الفاسد.. لن تنجو
الأربعاء - 23 نوفمبر 2022
Wed - 23 Nov 2022
الفساد له تعريفات عديدة أكثرها شيوعا أنه إساءة استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب خاصة، وهو المعول الأول الذي يهدم حضارة الدول ومكتسباتها الوطنية ويفقدها المكانة الدولية، ومما نفخر به أن قيادتنا الرشيدة كانت سباقة في هذا المضمار وأولت محاربة الفساد كل الأولوية؛ فالملك سلمان -أيده الله- ومنذ اليوم الأول لتوليه الحكم ارتأى أن محاربة الفساد يجب أن تبدأ من رأس الهرم فقام مباشرة بإحداث تغييرات هيكلية في هيئة الفساد استشرافا منه لعلو أهمية هذا المحور، وحين يكون القائد حريصا يكون التوفيق حليفا، وكلمة الأمير محمد - حفظه الله ـ المأثورة لا تزال عالقة في ذاكرتنا جميعا وأصبحت منهجا يدرس (أي أحد تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب كائنا من كان) وهنا يطفو إلى سطح الكلام السؤال: لماذا كل هذا الاهتمام بمحاربة الفساد؟
الفساد والاقتصاد
على الصعيد الاقتصادي (الفساد) هو ثاني أوكسيد الكربون فهو يقوم بإبطاء وتقويض مسيرة التنمية المستدامة، وذلك من خلال تقليل كفاءة الأداء والمنافسة العادلة مما يؤثر سلبا على الثقة بالأجهزة والمؤسسات الحكومية وبكل مرفق له علاقة بالمواطن والمقيم ويخفض معدل النمو وجودة البيئة الاستثمارية فكيف يحدث ذلك؟
أمثلة يومية
التوظيف بالمحسوبية من أشكال الفساد الشائعة التي تسهم في تشكيل هياكل إدارية لا تحقق الإنتاجية المثلى وتتسبب في إلحاق الأضرار المالية والصحية والنفسية كفقدان شخص كفء لفرصة وظيفية، والرشوة شكل آخر ومثال أنكى فمطالبة المراجع بشكل مباشر أو غير مباشر بمبلغ مالي أو عمل يمثل شرطا ضمنيا عليه إن لم يقم به سيقع تحت طائلة التأخير أوالإزعاج أو الترهيب.. كل هذا يتأتى عنه ظهور الاختلال الوظيفي وإعلان بيانات غير صحيحة وشيوع قيم الجشع والطمع وتفشي الظلم، والأهم إفلات أهل الفساد من الحساب والعقاب؛ فما هو حال النزاهة اليوم يا ترى؟
(نزاهة) عيون الصقر
الفاسدون ظلوا محصنين عقودا طويلة فظنوا أنهم في مأمن وأمان، حتى بدأ زخم الإطاحة بالكثير منهم في تصدر الأخبار ساعة بساعة وهي رسالة شديدة اللهجة إلى كل فاسد ومفادها أن عيون «نزاهة» ساهرة ولن تغفو عن حماية المال العام، اليوم غدت (هيئة الرقابة ومكافحة الفساد) نموذجا عالميا في الضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه الإضرار بالنظام أو إهدار المال العام.
لغة نزاهة
هيئة الرقابة ومكافحة الفساد صارمة قائمة وبأقصى قوة على محاربة جرائم الفساد المالي والإداري بأنواعه كالرشوة واستغلال السلطة وغسل الأموال والتزوير، وأبطالها البواسل يشرفون على حماية المال العام بجهود حثيثة لا تكل ولا تمل كشفت عن قضايا فساد كثيرة وضخمة منها على سبيل المثال لا الحصر - استعادة مبالغ مالية للخزينة العامة للدولة تجاوز قيمتها 400 مليار ريال في عام 2019م والكشف عن فساد بنكي بأكثر من 11.5 مليار ريال في عام 2021م وقيامها في أكتوبر الماضي بـ3426 جولة رقابية و 148جولة تحقيق أدى إلى توقيف 60 شخصا من جهات حكومية في وزارات سيادية عدة منها الدفاع والداخلية والصحة والشؤون البلدية والقروية والإسكان، كما ضبطت أكثر من 500 مليون ريال مؤخرا في قضية صادمة في صرح أكاديمي جامعي في العام الجاري 2022م، فإذا كان للفساد مرتع خصب في كل مكان فهل تكتمل مواجهة الفساد بدون المواطن؟
ثمرة النزاهة
الدولة حازمة حد اللانهاية في مكافحة الفساد واجتثاثه ولعلنا بدورنا نكمل الدائرة فنشكر بالقول ونعاضد بالفعل من خلال دورنا بالمبادرة بتقديم المعلومات أو المستندات حول أي واقعة أو حتى شبهة فساد لا سيما أن آليات البلاغ متنوعة ومتاحة وبسيطة والتيقن (ليس مطلوبا) وهذا هو الأهم، وفي الطريق سنرسم لأنفسنا وأبنائنا والوطن صفحة مضيئة مبدؤها رضا الله ثم رفع الظلم وتسريع المعاملات وحفظ مقدرات المستقبل الواعد، هذا عن الطرف الثاني.. فماذا عن الطرف الأول؟
التبليغ الذاتي
الموظف الذي طلب وتسلم الرشوة أو المواطن الذي عرضها ودفعها بنفسه هو الطرف الأول؛ فإذا ما قام أي منهما طواعية بالتبليغ عن نفسه - سواء كان استجابة لصوت الحق أو لتجنب العقوبة القاسية أو طلبا للحوافز والحصانة من المقاضاة - فإنه سيخفف على الأجهزة عبء وتكلفة التتبع والضبط والمراقبة ويعيد تعزيز القيم الإيجابية في المجتمع؛ فالخطأ سمة إنسانية والاعتراف بالخطأ فضيلة، ويقظة الضمير الفردي شيمة تستحق المكافأة، ويبقى السؤال الكبير: من هو المواطن الحقيقي؟
المواطن الأخلاقي
شخص نزيه يحرص على سمعة وممتلكات وطنه كما سمعة وأموال عائلته، هو شريك فاعل وفعال دقيق الملاحظة في كل محيطه كحديقة الحي وعالي الفضيلة في تعاملاته مع المؤسسات العامة، سمته الامتناع عن تقديم الرشوة لإنهاء معاملاته أيا تكن حتى لو كانت مبلغا زهيدا أو فنجان قهوة أو مجرد اتصال لدعم مشروع للموظف ضمن علاقاته ودائرته الشخصية وهذا طبيعي وجيد عموما لكن هل يكفي تماما؟ الفساد معقد.. فهل هناك سلوكا أكثر مثالية يا ترى؟
بكلمة واحدة (الإبلاغ) عن تفاصيل الحالة والجهة التي وقعت فيها الحادثة هو التصرف المثالي.. هنا يتجلى حرص الإنسان على تصحيح المسار بسرعة ويعكس تعاونه الإيجابي واقتناعه الكامل بمبادئ وقيم النزاهة؛ فلا يسأل عما يأخذ من الوطن إنما ما يمكن أن يسديه للوطن.. نعم المواطن هو العين الأولى والأهم، وهو العنصر الأقوى الذي يقطع أواصر أولى حلقات الفساد.
مرساة المواطنة
في سفينة التنمية الكل على متن سفينة واحدة فإما أن تبحر وترسو على شواطئ التقدم والازدهار أو أن تتعطل محركاتها لا سمح الله فتغرق بالجميع، والمواطن المثالي ليس ممن ينتهج أسلوب الفشلة (انظر وانتظر) بل (شارك وبادر) وكن شريكا في ترسيخ الصورة المثالية التي بات العالم كله ينادي باستنساخها في نموذج الراعي الماسي لمكافحة الفساد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
الفساد حلقة مقيتة يطول عمرها كلما انسحب الشرفاء من الميادين، واليوم الأفضل يوصل إلى الغد الأفضل، والوطن يتنفس أكسيجين نزاهة، والتاريخ يقول (لا تنتظر الحدث.. اجعله يحدث)!
@RimaRabah
الفساد والاقتصاد
على الصعيد الاقتصادي (الفساد) هو ثاني أوكسيد الكربون فهو يقوم بإبطاء وتقويض مسيرة التنمية المستدامة، وذلك من خلال تقليل كفاءة الأداء والمنافسة العادلة مما يؤثر سلبا على الثقة بالأجهزة والمؤسسات الحكومية وبكل مرفق له علاقة بالمواطن والمقيم ويخفض معدل النمو وجودة البيئة الاستثمارية فكيف يحدث ذلك؟
أمثلة يومية
التوظيف بالمحسوبية من أشكال الفساد الشائعة التي تسهم في تشكيل هياكل إدارية لا تحقق الإنتاجية المثلى وتتسبب في إلحاق الأضرار المالية والصحية والنفسية كفقدان شخص كفء لفرصة وظيفية، والرشوة شكل آخر ومثال أنكى فمطالبة المراجع بشكل مباشر أو غير مباشر بمبلغ مالي أو عمل يمثل شرطا ضمنيا عليه إن لم يقم به سيقع تحت طائلة التأخير أوالإزعاج أو الترهيب.. كل هذا يتأتى عنه ظهور الاختلال الوظيفي وإعلان بيانات غير صحيحة وشيوع قيم الجشع والطمع وتفشي الظلم، والأهم إفلات أهل الفساد من الحساب والعقاب؛ فما هو حال النزاهة اليوم يا ترى؟
(نزاهة) عيون الصقر
الفاسدون ظلوا محصنين عقودا طويلة فظنوا أنهم في مأمن وأمان، حتى بدأ زخم الإطاحة بالكثير منهم في تصدر الأخبار ساعة بساعة وهي رسالة شديدة اللهجة إلى كل فاسد ومفادها أن عيون «نزاهة» ساهرة ولن تغفو عن حماية المال العام، اليوم غدت (هيئة الرقابة ومكافحة الفساد) نموذجا عالميا في الضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه الإضرار بالنظام أو إهدار المال العام.
لغة نزاهة
هيئة الرقابة ومكافحة الفساد صارمة قائمة وبأقصى قوة على محاربة جرائم الفساد المالي والإداري بأنواعه كالرشوة واستغلال السلطة وغسل الأموال والتزوير، وأبطالها البواسل يشرفون على حماية المال العام بجهود حثيثة لا تكل ولا تمل كشفت عن قضايا فساد كثيرة وضخمة منها على سبيل المثال لا الحصر - استعادة مبالغ مالية للخزينة العامة للدولة تجاوز قيمتها 400 مليار ريال في عام 2019م والكشف عن فساد بنكي بأكثر من 11.5 مليار ريال في عام 2021م وقيامها في أكتوبر الماضي بـ3426 جولة رقابية و 148جولة تحقيق أدى إلى توقيف 60 شخصا من جهات حكومية في وزارات سيادية عدة منها الدفاع والداخلية والصحة والشؤون البلدية والقروية والإسكان، كما ضبطت أكثر من 500 مليون ريال مؤخرا في قضية صادمة في صرح أكاديمي جامعي في العام الجاري 2022م، فإذا كان للفساد مرتع خصب في كل مكان فهل تكتمل مواجهة الفساد بدون المواطن؟
ثمرة النزاهة
الدولة حازمة حد اللانهاية في مكافحة الفساد واجتثاثه ولعلنا بدورنا نكمل الدائرة فنشكر بالقول ونعاضد بالفعل من خلال دورنا بالمبادرة بتقديم المعلومات أو المستندات حول أي واقعة أو حتى شبهة فساد لا سيما أن آليات البلاغ متنوعة ومتاحة وبسيطة والتيقن (ليس مطلوبا) وهذا هو الأهم، وفي الطريق سنرسم لأنفسنا وأبنائنا والوطن صفحة مضيئة مبدؤها رضا الله ثم رفع الظلم وتسريع المعاملات وحفظ مقدرات المستقبل الواعد، هذا عن الطرف الثاني.. فماذا عن الطرف الأول؟
التبليغ الذاتي
الموظف الذي طلب وتسلم الرشوة أو المواطن الذي عرضها ودفعها بنفسه هو الطرف الأول؛ فإذا ما قام أي منهما طواعية بالتبليغ عن نفسه - سواء كان استجابة لصوت الحق أو لتجنب العقوبة القاسية أو طلبا للحوافز والحصانة من المقاضاة - فإنه سيخفف على الأجهزة عبء وتكلفة التتبع والضبط والمراقبة ويعيد تعزيز القيم الإيجابية في المجتمع؛ فالخطأ سمة إنسانية والاعتراف بالخطأ فضيلة، ويقظة الضمير الفردي شيمة تستحق المكافأة، ويبقى السؤال الكبير: من هو المواطن الحقيقي؟
المواطن الأخلاقي
شخص نزيه يحرص على سمعة وممتلكات وطنه كما سمعة وأموال عائلته، هو شريك فاعل وفعال دقيق الملاحظة في كل محيطه كحديقة الحي وعالي الفضيلة في تعاملاته مع المؤسسات العامة، سمته الامتناع عن تقديم الرشوة لإنهاء معاملاته أيا تكن حتى لو كانت مبلغا زهيدا أو فنجان قهوة أو مجرد اتصال لدعم مشروع للموظف ضمن علاقاته ودائرته الشخصية وهذا طبيعي وجيد عموما لكن هل يكفي تماما؟ الفساد معقد.. فهل هناك سلوكا أكثر مثالية يا ترى؟
بكلمة واحدة (الإبلاغ) عن تفاصيل الحالة والجهة التي وقعت فيها الحادثة هو التصرف المثالي.. هنا يتجلى حرص الإنسان على تصحيح المسار بسرعة ويعكس تعاونه الإيجابي واقتناعه الكامل بمبادئ وقيم النزاهة؛ فلا يسأل عما يأخذ من الوطن إنما ما يمكن أن يسديه للوطن.. نعم المواطن هو العين الأولى والأهم، وهو العنصر الأقوى الذي يقطع أواصر أولى حلقات الفساد.
مرساة المواطنة
في سفينة التنمية الكل على متن سفينة واحدة فإما أن تبحر وترسو على شواطئ التقدم والازدهار أو أن تتعطل محركاتها لا سمح الله فتغرق بالجميع، والمواطن المثالي ليس ممن ينتهج أسلوب الفشلة (انظر وانتظر) بل (شارك وبادر) وكن شريكا في ترسيخ الصورة المثالية التي بات العالم كله ينادي باستنساخها في نموذج الراعي الماسي لمكافحة الفساد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
الفساد حلقة مقيتة يطول عمرها كلما انسحب الشرفاء من الميادين، واليوم الأفضل يوصل إلى الغد الأفضل، والوطن يتنفس أكسيجين نزاهة، والتاريخ يقول (لا تنتظر الحدث.. اجعله يحدث)!
@RimaRabah