حسن علي القحطاني

الفيدرالي الأمريكي وجرس الركود العالمي

الأحد - 20 نوفمبر 2022

Sun - 20 Nov 2022

بينما كان اقتصاد دول العالم كله يحاول الخروج من تأثير الإغلاق بعد وباء كورونا؛ دخل في مواجهة شرسة مع موجة غلاء تضرب أسواق الكون كله لأسباب غيرت شكل الاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق؛ فكورونا جعلت الشركات غير قادرة على نقل السلع وتوفير الخدمات مما زاد الطلب عليها فارتفع سعرها، واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية رفعت تكلفة نقلها وتأمينها؛ مما سبب تضخم في الاقتصاد العالمي، والتضخم بشكل بسيط يعني لو كان عندك مبلغ مالي لشراء سلعة أو خدمة معينة قبل عام فهذا المبلغ المالي لن يغطي قيمتها هذا العام.

ولحل هذا (التضخم) بشكل مؤقت تقوم أغلب حكومات الدول برفع نسب الفائدة على القروض والودائع؛ وهذا يسحب فائض السيولة من السوق فتقل الطلبات وبالتالي تهدأ الأسواق وتقل الأسعار نسبيا وبالتالي يخف أثر التضخم؛ لكن استمرار هذا الأمر يعني بطء في النمو الاقتصادي.

ولقلة الطلب على الخدمات والسلع يتعطل الإنتاج ويتعثر الاستثمار، وتتسع الموجة وندخل في الركود (عكس النمو)؛ ثم ندخل في دوامة الكساد وعليه نجد دول كانت تنتج يتوقف إنتاجها والديون عليها تزيد فسعر السلع يرتفع وهكذا تصبح دائرة مغلقة يصعب توقع متى تنتهي، مما يعني معالجة مشكلة التضخم بمشكلة أكبر؛ وهذا الذي جعل (ماري إيلكا بانغيستو) المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي تتوقع تباطؤ الاقتصاد العالمي في العام المقبل؛ بل إن البنك الدولي في تصريح آخر يقول «إن الاقتصاد العالمي يمر بأشد مرحلة من التباطؤ منذ عام 1970م».

ولعل من أسباب هذه الأزمة أو تضخمها بعض السياسات المالية في الدول الكبرى؛ وعلى سبيل المثال وصل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 8.25%؛ وهذا أعلى رقم يصل إليه خلال الأربعين عاما الماضية؛ مما دفع المركزي الفيدرالي لرفع نسبة الفائدة أربع مرات متتالية خلال الفترة بين شهر مارس الماضي إلى بداية هذا الشهر؛ يعني خلال ثمانية أشهر، ومن 0.25% إلى 4%؛ وهذه الزيادة هي الأكبر منذ 28 عاما، يقول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي جيروم باول بعد رفع سعر الفائدة بنسبة 0.75% في اجتماعه أول هذا الشهر (أن التضخم مازال مرتفعا للغاية ونحن مصممون على السيطرة عليه)؛ وأشار لاحتمال رفع الفائدة ثلاثة أرباع نقطة مئوية الشهر المقبل أيضا.

أخيرا.. أتوقع أن استمرار الفيدرالي الأمريكي في رفع نسب الفائدة سيجعل العالم مهدد بشدة بالركود بسبب الإجراءات الأمريكية التي تهدف لسحب الأموال من اقتصاد الدول الناشئة؛ أو اقتصاد دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا وتوجهها إلى الولايات المتحدة؛ لتستفيد من أسعار الفائدة المرتفعة، وأن الدولار الأمريكي قد يبلغ قمما جديدة في مواجهة العملات الأخرى؛ مما سيجعل سوق العملات ذو اتجاه واحد بدرجة كبيرة في الفترة المقبلة، كما أنه سينعكس في الداخل الأمريكي فالدراسات تشير إلى احتمال بلوغ البطالة 4.2% إذا استمر اتجاه الرفع الحالي للفائدة مع احتمالية حدوث الركود في 2023؛ وإذا استمر هذا التصرف الأمريكي الأناني قد يعني انطلاق جرس الإنذار لكارثة الركود العالمي؛ والأخطر من ذلك على الأمريكان هو زيادة القناعة عند الكثير من الدول بأهمية ولادة اقتصاد موازي أو بديل لاقتصادها الذي أصبح كالمقصلة على رقاب الدول.

hq22222@