عبدالله قاسم العنزي

الشروط الشرعية والقانونية في الخبير

الأحد - 20 نوفمبر 2022

Sun - 20 Nov 2022

يعتبر الخبير من أهم معاوني القضاة وسائر السلطات المختصة بسير الدعوى في أداء رسالتها لتحقيق العدل بين الناس، حيث عرفه فقهاء القانون بأنه شخص ذو اختصاص فني، يعهد إليه القيام بعمل خبرة في شأن الدعوى.

كما أن الخبرة القضائية وسيلة من الوسائل التي تؤدي إلى إقامة العدل بين الناس، وقد قرر الفقهاء قاعدة فقهية عامة تقول بأن الأمور بمقاصدها لذا كان المقصود من الخبرة الإعانة على كشف ملابسات النزاع ودقائقه، ومن هذا الباب كان على القاضي أن يستعين بأصحاب الخبرة ويأخذ برأيهم في بناء قناعته وإصدار أحكامه.

ونظرا لمكانته الكبيرة في الفصل بين المتخاصمين، اشترط فقهاء الشريعة وفقهاء القانون جملة من الشروط الضرورية والواجب توافرها فيه حتى يمكنه التوصل إلى المعاونة الحقيقة للقاضي، لا أن يكون عبئا على الجهة القضائية أو معيقا لعملها أو طامسا لمعالم رسالتها النبيلة، وبناء على هذه الأهمية نذكر جملة من الشروط التي ذكرها الفقهاء على النحو التالي:

أولا: الإسلام، حيث ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم قبول خبرة الكافر لأنهم اعتبروا الخبرة بمنزلة الشهادة، واشترطوا فيها ما يشترط في الشاهد إلا أن المالكية ذهبوا إلى جواز اعتماد خبرة الكافر عند الضرورة.

ثانيا: العقل والبلوغ، حيث لا يجوز للصبي ولا المجنون ولا المعتوه أن يكون خبيرا لدى جمهور الفقهاء لأن البلوغ والعقل من شروط التكليف الشرعي؛ فلا يصح التصرف من هؤلاء.

ثالثا: العدالة، أي الاستقامة على طريق الحق باجتناب ما هو محظورا شرعا لذا اشترط الفقهاء في الخبير أن يكون عدلا أمينا، غير معروف بفسق، وبطبيعة الأحوال فإن فقهاء المالكية أجازوا الاعتماد على خبرة الفاسق أو من هو في محل تهمة وذلك عند الضرورة؛ لأن إخباره ليس على جهة الشهادة وإنما هو على جهة العلم فيجوز للقاضي الأخذ بقوله ولو كان غير عدل.

رابعا: الخبرة، حيث لا بد للخبير أن يكون عالما بما يخبر به، وكما أن لا يجلس للقضاء والفصل بين الناس جاهل، فكذلك لا ينتصب للخبرة من يجهلها فلو كان الخبير جاهلا غير عالما بمهنته فلا يجوز الاعتماد على قوله، وقد نصت المادة الـ110 من نظام الإثبات في الفقرة (2) على أن يراعى في اختيار الخبير تناسب معارفه الفنية وخبراته مع موضوع النزاع.

خامسا: التعيين، وهو أن يكون الخبير معينا من القاضي، لأن عمل الخبير المتطوع غير ملزم للمتخاصمين، ولذلك نصت المادة الـ111 من نظام الإثبات على أنه يجب أن يتضمن منطوق قرار ندب الخبير بيانا دقيقا بمهمته، وصلاحياته، والتدابير العاجلة التي يؤذن له في اتخاذها.

سادسا: العدد، فالأصل أن قول أهل الخبرة إن كان على جهة الشهادة يجب فيه شاهدان اثنان عند جمهور الفقهاء، ولذلك أجاز المنظم في نظام الإثبات على تعدد الخبراء والاستئناس برأيهم والموازنة بين آراء الخبراء، ويؤكد ذلك ما نصت المادة الـ120 من نظام الإثبات في حالة لم يكمل الخبير أعماله أو أهمل ما كلف به من قبل المحكمة أن ندب خبير آخر أو أكثر لاستكمال أوجه النقص في عمل الخبير السابق.

ختاما: يعتبر القاضي هو الخبير الأول القائم على تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع وذلك فيما يتعلق بتخصصه الشرعي والقانوني المحض غير أن المنظم منحه سلطة اللجوء إلى أهل المعرفة والخبرة الفنية إذا اعترضته مسائل علمية وفنية بل أصبح لازما على القاضي أن يستنير برأي الخبير، ولا غرابة إن قلت إن قول الخبير أضحى دليلا علميا قاطعا لا يمكن طرحه وعدم اعتباره كما هو واضح في مواد الكشف عن التزوير، والكشف عن أسباب الوفاة عن طريق الطب الشرعي.

expert_55@