إيمان أشقر

زبد البحر

السبت - 19 نوفمبر 2022

Sat - 19 Nov 2022

القطيع جماعة والسرب جماعة، وبين هذا وذاك ما بين الأرض والسماء.

يقال: للحياة طريقان، وإن أردت أن تظفر فعليك بالطريق الأقل مرورا بالعابرين، فذاك أسلم (كما هو الحال في الطرق وتجنب الزحام).

لماذا يقبل البعض أن تقوده عصا وراع، لا يملك حق التحليق وإن انتحى طريقا آخر عوقب بالذبح.

كيف نختار أن نكون سربا أم نكون مع القطيع؟!

لماذا كل هذا الزحف نحو الشهرة والإعلام الزائف وإسداء النصائح المقروءة، وإن لم يحسن مقدمها قراءتها قبل تقديمها؟ هل هذا الأمر أمر سوي؟ لماذا كل النصائح باتت تأتي من خلف مقود سيارة (راع وخلفه قطيع)، علما هناك كثير من أهل الخبرة والتجربة والعلم من يقدم النصيحة ليحلق بك مع السرب، وتزداد بريقا كنجم ساطع، لا ليزداد عدد المعجبين.

كم من العمر نملك حتى نتابع يوميات أولئك، ونتجسس بموافقتهم على خصوصياتهم؟ لماذا نقايض ساعات من يومنا في متابعة يوميات باهتة، في مقابل أن تزداد أرصدتهم؟ لماذا كل هذا النهم للثراء بعدد المتابعين (القطيع)؟ لماذا أصبح حديث المجالس واللقاءات عما قدمه هذا أو ذاك، أو ما كان يرتديه أو ما يملكه، او ما قام به بالأمس (ولا إضافة للمجلس إلا زيادة في السيئات).

لماذا نتابع من يحمل لقب (مشاهير)، أسماء وألقاب لا تعني شيئا غير أن من تابع يومياتهم الهزيلة أضاف إلى ثرواتهم ليصبحوا مشاهير (أسماء ما أنزل الله بها من سلطان).

ظاهرة باهتة لا تملك من روح الجمال ولا الجلال، أن يقضي البعض عمره متابعا ليوميات راعي قطيع.

والوجع حين يتغنى البعض بأطفالهم في تسجيل أحداث ومواقف لهم، لا تضيف شيئا سوى الضحك الهزيل وتعزيز الغرور، وهتك براءتهم بحب الأنا والشهرة، وكان الأجدر أن يعلموهم قراءة كتاب أو رسم لوحة أو الانخراط في عمل أو لعب جماعي، حدث يبقى زمنا وليس لسويعات تنتهي بعد غروب الشمس.

ما أقوله ليس مثالية ولا ادعاء الكمال، ولكنه كلمة حق أبت أن يلجمها لساني (أبت أن تكون أضعف الإيمان).

حزنا وأسفا أقول: أصبح الإعلام التجاري بوابة لمن أراد الدخول إلى نفاية الدنيا وهاوية (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر).

يختزن البحر ثرواته ليظفر بها من غامر وصبر، أما زبد البحر فيقذفه الموج على الساحل، لينقي أعماقه من الشوائب (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال).

DrEmanMA@