أحمد بني قيس

الإسلاموفوبيا أسباب وتداعيات

الخميس - 17 نوفمبر 2022

Thu - 17 Nov 2022

ظاهرة «الإسلاموفوبيا» أو «رهاب الإسلام» التي تتجلى في التحامل والكراهية والخوف من الإسلام والمسلمين بصفة عامة كما تعرفها «الويكيبديا»، والتي أصبحت علامة فارقة في الذهن الغربي بل والعالمي، فكيف نشأت هذه الظاهرة؟ وما أسباب وجودها؟ ومن هم المتأثرون بها؟ وماذا كانت عواقبها؟ وكيف يمكن علاجها والتخلص منها؟ وهل يوجد أصلا إمكانية حقيقية لفعل ذلك؟.

هذه الأسئلة وغيرها يحاول هذا التناول التطرق إليها وتسليط الضوء عليها حتى نتمكن من استخلاص الدروس المستفادة من أجوبة هذه الأسئلة المثارة سعيا لقياس مدى قدرتنا على الوصول إلى نقاط مشتركة وجامعة بين المعنيين بهذه الظاهرة من المسلمين قد تساعد في معرفة كيفية مواجهتها، وإثبات أن جميع ما تستند عليه من قناعات فاسدة هي قناعات تسودها النمطية والجهل بحقيقة الإسلام كدين محب للسلام والرحمة والعيش المشترك، وبحقيقة أن المسلمين من منظور شرعي واجتماعي أمة مسالمة بطبعها سواء في نهجها أو فكرها أو حتى في سلوكها، ورغم ذلك فالمسلمون لا ينكرون وجود من يشذ عن هذه القاعدة حالهم في ذلك حال بقية الأمم.

ولكن دعونا أولا نستعرض نشأة هذه الظاهرة التي كانت أول من أشار إليها مجموعة يسارية بريطانية متطرفة تسمى «رنيميد ترست» وكان ذلك في 1997م، وأوعز بعض الباحثين إلى أن تداولها وتبنيها بكثافة بدأ بعد أحداث التاسع من سبتمبر الشهيرة والتي كان مسرحها الولايات المتحدة الأمريكية، ونتج عنها مقتل ما يقارب الثلاثة آلاف نفس، وكان من قام بها مسلمون جميعهم تابعين (كما نعلم) لتنظيم القاعدة الإرهابي.

وتتالت عقب هذه الأحداث كثير من الحوادث المتفرقة في عدد من دول العالم كان غالب مرتكبيها مسلمين، ما عزز انتشار كراهية الإسلام والمسلمين في كثير من بقاع العالم، الأمر الذي أسهم وبشدة في انتشار مصطلح «الإسلاموفوبيا» وكثرة استخدامه إعلاميا وفكريا، وترجمته إلى سلوك معاد في معظمه لكل ما هو مسلم في تلك البقاع.

وما زاد الأمر تعقيدا وجود أعداء طبيعيين للإسلام والمسلمين استغلوا وقوع هذه الأحداث للنيل من الإسلام كمعتقد وكرسالة، وعملوا على تكذيب أي محاولات تصحيحية تهدف لتصويب النظرة الظالمة تجاهنا وتجاه ديننا، مرجعين سبب ذلك التكذيب إلى وضوح شرعنة بعض المسلمين لتلك الأحداث واحتفائهم بها ما جعل هذه الشرعنة والاحتفاء تسهم إلى حد كبير في تكليل جهود هؤلاء الأعداء الكارهين لنا ولديننا بالنجاح.

فلكل هذه الأسباب والتداعيات مجتمعة نجد أن العلاج الوحيد الذي قد يفلح في تغيير هذه الصورة القاتمة التي ترسخت في أذهان كثير حول العالم عن الإسلام والمسلمين، يكمن في أن نسير كمسلمين في مسارين متوازيين: الأول، يستهدف تصحيح أية أفكار أو مفاهيم أو سلوكيات دينية خاطئة داخل مجتمعاتنا التي، وللأسف، أصبح عدد من المسلمين يتبناها ويؤمن بها ويراها عين الصواب.

وفي الوقت نفسه علينا تفعيل المسار الثاني الذي يجب أن يرتكز على منح كثير ممن يتبنون ظاهرة «الإسلاموفوبيا» أو من هم متأثرين بها خارج حدودنا فرصة التعرف على الإسلام الحقيقي، ورؤية كيف تتم ترجمة مفاهيمه من قبل كثير من معتنقيه، وذلك من خلال تسهيل عملية قدومهم إلى دولنا والتخلص من أي عقبات قد تحول دون ذلك، لتمكينهم من الاطلاع عن كثب على حقيقة ما يجري فيها. لعل هذين المسعيين ينجحان في إزالة الغشاوة عن أعين كل من يحمل صورة نمطية سيئة عنا وعن الإسلام، إن لم يكن كليا فعلى الأقل جزئيا.

ahmedbanigais@