ترامب.. ألا يشكر على صراحته؟

الجمعة - 26 أغسطس 2016

Fri - 26 Aug 2016

منذ إعلان المرشح الرئاسي للولايات المتحدة الأمريكية السناتور دونالد ترامب البروتستانتي الإنجيلي - وهو الأول في تاريخ أمريكا بهذا الطابع- الترشح للرئاسة أطلق تصريحات ضمن البرنامج الانتخابي مثيرة للجدل في الداخل الأمريكي والخارج، إذ الشخصية بطابعها وتشكلها باحثة عن الإثارة المفرطة، وواضع في أسوأ تصور له فيما إذا لم يفز بالرئاسة فإنه قد فاز بصراحته.



الوجه الرئاسي للساسة الأمريكيين والذي يظهر للعالم ومنذ الرئيس العشرين للولايات المتحدة الأمريكية جارفيلد على أبعد تقدير والسياسة الأمريكية قائمة وفق مصطلح البراغماتية التي شاع انتشارها في ذلك الزمن من عام 1881 وتطورت وما تزال مستمرة على ذلك النهج، وفيما يبدو خاصة لدى السيد دونالد ترامب أنه ضرب تلك السياسة بعرض الحائط، وذهب بتصريحات خارجة عن المألوف بل وتصل إلى حد المكاشفة لنمط السياسة الخفية التي لطالما انتهجتها.



ولئن فاز بالدخول إلى البيت الأبيض فتصريحاته ووعوده لا بد أن يفي بها، لأنها معروضة على ملايين من مؤيديه رغم تصريحات التراجعات المتوالية ورغم التفسيرات المتتابعة بعد كل ضغوطات ترد عليه.



وتلك الشخصية إن فازت بالانتخابات فقد آن له الاطلاع عن كثب على ردهات البيت الأبيض وخفاياه ليصل إلى حقيقة الشخصية الرئاسية الشكلية، غير أن التصريحات التي كان مدليا بها إبّان حشد المؤيدين له لن تتوقف، بل ربما يتخذ فيها مواقف وأفعال فهل سيطلب فيما إذا فاز بالانتخابات الرئاسية من رجال العدل التحقيق مع الرئيس الحالي بارك أوباما ومنافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في تأسيسهما المنظمة الإرهابية داعش رغم أن القانون يحميهم، وهل سيعمل على إيقاف التعاون والحماية على حد تعبيره لدول الخليج العربية، وماذا عن تصريحاته الأشهر له لعدائية المسلمين ومنهم المهاجرون إليهم؟



وإعادة النظر في ملفات العراق الذي لم تستفد منه أمريكا على حد تعبيره ولو على الأقل نفطها الذي قُدم على طبق من ذهب إلى إيران وسيطرة تالية لداعش، وماذا عن استراتيجيته لسوريا والحديث عن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هل سيضغط على الإسرائيليين ومن خلال الحميمية التي يتصف بها ترامب معهم للموافقة على المبادرة العربية للسلام التي ربما ينظر إليها ذلك العقل الترامبي أنها أحد الحلول للمشكلات التي طرحها على مؤيديه!؟ ربما من تلك العقلية التي تخلى عنها المقربون منه ومن داخل حزبه أن لديها حلولا خارجة عن المألوف، بل ربما صادمة لمنتقديه.



وفي الجهة المقابلة منافسته هيلاري كلينتون إن فازت بالرئاسة والتي تصبح أول امرأة تحكم الولايات المتحدة الأمريكية، مثل المعادلة التي كانت إبّان ترشح بارك أوباما للرئاسة وكان الناس مستبعدين فوزه نظير لون بشرته التي لم يألفها العالم من قبل لرئاسة أمريكا، والناس هذه الأيام ورغم صراحة ترامب فربما فوزه يكون مغايرا! وغالبية الناس ومنهم المسلمون لا تتقبل تلك التصريحات والصراحة، ومباشرة تميل إلى هيلاري كلينتون.

فأيهما للعالم وللسلام أقرب، من يظهر صراحته دون التواء ليتفطن الصديق قبل العدو لتلك الصراحة والامتثال إليها وفق مقتضيات المرحلة، أم من يكمل التحفظات وسياسة الخفاء؟