إيمان أشقر

«غياب»

السبت - 12 نوفمبر 2022

Sat - 12 Nov 2022

في الغياب لا يوجد قياس مسافة ولا زمن.

غياب.. يعني المسافة من هنا إلى أبعد مكان، وشوق زمانه من الأن إلى مئة عام، وإن كان ليوم أو مسافة أميال.

هل الغياب مشتق من غياهب؟ والتي تعني ظلمة، وهل في الغياب ظلمة؟ وهل الغياب ظلم؟ لماذا نختار الغياب؟ وهل الغياب اختيار؟ هل هو جرم نعاقب الغائب عليه، أم أنه ابتلاء؟!

حين نقول غابت الشمس نحن على يقين أنها ستعود بأمر الله، وعدا ذلك فكل الغياب لا نضمن العودة منه إلا بأمر الله.

أما أقسى الغياب فهو ذاك الذي يشبه الحب من طرف واحد، حينها يكون عذاب البعد ضعف الضعف.

الغياب لا يعني الفقد الإلهي للأشخاص، ولكنه الغياب وأنت على قيد الحياة، على قيد الذاكرة، على قيد الأمل أن تعود.

لماذا نسمح للغياب باغتصاب أيامنا ولماذا نعين البعيد على بعده ونقبل الابتعاد؟

ماذا عن غياب الوعي؟

غياب الوعي قهرا فلا هو بالميت ولا هو بالحي، هل يشعر بنا أولئك الذين أراد الله لهم أن يكونو في غياب وهم بيننا؟

لا يشملهم العتب ولكن يشملهم الحنين لضحكاتهم وحديثهم وصواب ما يقولون، غياب الوعي قسرا هو أشد الغياب (ذاك هو الابتلاء).

الغياب لا يعني بالضرورة شوقا لفرد، فقد يكون الابتعاد عن الجماعة غياب.

أما إذا إردنا العتاب فهو لمن غاب وعيه باختياره، لم تبعده المسافة ولا فارق التوقيت ولكن أبعده اختلاف النية والهدف، رحلته ليست لنفس المحطة (لا غاية ولا وسيلة يرجو من الطريق) فقد غاب وعيه ولم يعد يهتم بالحضور والغياب.

غياب الوعي ذاك هو الظلمة والابتلاء.

ساعدت لغة الضاد والتشكيل في جعل البعد يحتمل أكثر من معنى، فإن لم يكن بُعدا فهو بَعدْ.

أما بعد.. فإن طال غيابك فاعلم أني سأجهز جيشا من لهفة وجندا من حنين، سيغزو شوقي ديارك ويدكها دكا، سأحتفظ بأعذارك سبايا وعتابك أسيرا، لن يبقى لك إلا العودة ودفن الغياب.

سأغني عائدة (أرفض المسافة والسور والحارس..).

DrEmanMA@