نحن بين خيارين
الثلاثاء - 08 نوفمبر 2022
Tue - 08 Nov 2022
كل شيء عمله الناس أو يعملونه يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر وتصحيح لما يحتاج للتصحيح، وكل موروث بشري صنعه الإنسان وأوجدته الحاجة لجيل مضى وزمن انقضى يحتاج إلى التعهد بالمراجعة والأخذ والترك منه، وعلى رأس ما يحتاج إلى المراجعة العادات والتقاليد والممارسات العامة وبعضها إن لم يكن أكثرها انتهى العمل بها حتى عند عشاقها والحريصين عليها، ولا سيما أن العالم من حولنا يمر بتحولات كبرى وتغيرات أكبر وأعظم وأخطر تمس كثيرا من الثوابت عند المجتمعات كلها شرقيها وغربيها.
ولأن في تراثنا وعاداتنا كثيرا مما كان صالحا لزمانه ولأهله الذين أوجدوه لحاجات زمانهم وظروف بيئتهم ومضوا وتركوه بين أيدي الأجيال ينتقل من حقبة إلى أخرى ومن زمن إلى ما بعده من الأزمان وقد لا يحتاج الحاضر إلا القليل من ذلك الموروث الذي نتمسك به، عليه فإن الواجب أن يكون هذا التراث موضع دراسة وتمحيص ومراجعة واعية وقادرة على فرز ما يمكن الإبقاء عليه وهو على كل حال القليل والقليل جدا، وأما الغالب والكثير مما كان معمولا به في الماضي فلا يضر تركه وعدم الأخذ به.
لسبب معروف يدركه الجميع ذلك أنه من المعلوم والمؤكد أن أدوات الحاضر وحاجاته وما يصلح العمل به هي في واقع الحال مختلفة وجديدة وقلما تحتاج أو تستجيب لما كان يمارسه الناس في الماضي وما كانوا يعملونه أو يحافظون عليه.
ولدينا نحن كبار السن عشق للماضي وتمسك به وجفوة من المتغيرات السريعة وموقف من التحولات الخطيرة التي يمر بها العالم من حولنا، وهو موقف تفرضه السن والتجربة والخبرة الماضية الطويلة ولكنه موقف منحاز للرغبة في البقاء لما ألفنا وما مارسنا وعرفنا، والتغيير والتطور يخيفنا؛ لأنه يقتطع شيئا مهما من حياتنا وتجربتنا وذاكرتنا ويغيبها عنا ونحن لا نريد الغياب وانقطاع التجربة ومحو الخبرة.
إن المواقف الحدية التي تتصف بها بعض الآراء والأطروحات وحدة المناقشات تجاه ما يحدث من تطور سريع وتغير أسرع في حراك المجتمع هي مواقف ماضوية مشبعة برغبة خفية تجعلنا نقف منها ونرفضها في الوقت الراهن وهي نفسها المواقف الحدية التي كنا نرفضها ونطالب بالتحلل منها عندما كنا شبابا وكنا نضيق بالتقاليد والعادات ونصفها بأنها تقاليد وعادات بالية مثبطة ومعيقة لحراك المجتمع وتطلعاته.
إن حجم المعلومات التي يمارسها الناس ونوعيتها وأوعية وجودها في الحاضر لا يجعل للاعتماد على تراث الماضي معنى ذا قيمة ولكن القيمة والمعنى هو للاكتساب المعرفي الجديد والعمل على توسيع دائرة الاستقبال للمعارف غير التقليدية تلك التي بدأت تصنع معجزات الحاضر وتفجر إمكانات العقل البشري وتطلعات الناس إلى الطبيعة وما وراءها والسباحة في فضاء المعرفة المفتوح أمام إبداع العقول وشحذ إمكاناتها تلك التي نرى الغرب والشرق يبدع في استغلالها وتحول قدراته إلى تسخيرها لصالح المعرفة ولصالح البشرية جمعا.
وفي النهاية العرب والمسلمون بين خيارين خيار التمسك بما في أيديهم من التراث الذي ورثوه منذ آلاف السنين ومحاولة ترميمه وتجديده والعودة إليه والبقاء فيه حيث هم الآن في ساقة أمم الأرض.
أما الخيار الثاني فهو استصحاب الثابت من التراث بعد تجريده من هوامشه العريضة المثقلة بالآراء والأفكار البشرية وبعد ذلك الانطلاق في مرحلة التحديث وأخذ ما وصل إليه العالم دون تردد والبدء من حيث انتهت مكاسب الأمم التي قادت مشروع الحداثة وتلك الأمم التي لحقت بها، ولا خيار غيرهما مهما قلنا وتحدثنا عن مكاسب أسلافنا وماضيهم الذي نردد الاعتزاز به (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم).
Mtenback@
ولأن في تراثنا وعاداتنا كثيرا مما كان صالحا لزمانه ولأهله الذين أوجدوه لحاجات زمانهم وظروف بيئتهم ومضوا وتركوه بين أيدي الأجيال ينتقل من حقبة إلى أخرى ومن زمن إلى ما بعده من الأزمان وقد لا يحتاج الحاضر إلا القليل من ذلك الموروث الذي نتمسك به، عليه فإن الواجب أن يكون هذا التراث موضع دراسة وتمحيص ومراجعة واعية وقادرة على فرز ما يمكن الإبقاء عليه وهو على كل حال القليل والقليل جدا، وأما الغالب والكثير مما كان معمولا به في الماضي فلا يضر تركه وعدم الأخذ به.
لسبب معروف يدركه الجميع ذلك أنه من المعلوم والمؤكد أن أدوات الحاضر وحاجاته وما يصلح العمل به هي في واقع الحال مختلفة وجديدة وقلما تحتاج أو تستجيب لما كان يمارسه الناس في الماضي وما كانوا يعملونه أو يحافظون عليه.
ولدينا نحن كبار السن عشق للماضي وتمسك به وجفوة من المتغيرات السريعة وموقف من التحولات الخطيرة التي يمر بها العالم من حولنا، وهو موقف تفرضه السن والتجربة والخبرة الماضية الطويلة ولكنه موقف منحاز للرغبة في البقاء لما ألفنا وما مارسنا وعرفنا، والتغيير والتطور يخيفنا؛ لأنه يقتطع شيئا مهما من حياتنا وتجربتنا وذاكرتنا ويغيبها عنا ونحن لا نريد الغياب وانقطاع التجربة ومحو الخبرة.
إن المواقف الحدية التي تتصف بها بعض الآراء والأطروحات وحدة المناقشات تجاه ما يحدث من تطور سريع وتغير أسرع في حراك المجتمع هي مواقف ماضوية مشبعة برغبة خفية تجعلنا نقف منها ونرفضها في الوقت الراهن وهي نفسها المواقف الحدية التي كنا نرفضها ونطالب بالتحلل منها عندما كنا شبابا وكنا نضيق بالتقاليد والعادات ونصفها بأنها تقاليد وعادات بالية مثبطة ومعيقة لحراك المجتمع وتطلعاته.
إن حجم المعلومات التي يمارسها الناس ونوعيتها وأوعية وجودها في الحاضر لا يجعل للاعتماد على تراث الماضي معنى ذا قيمة ولكن القيمة والمعنى هو للاكتساب المعرفي الجديد والعمل على توسيع دائرة الاستقبال للمعارف غير التقليدية تلك التي بدأت تصنع معجزات الحاضر وتفجر إمكانات العقل البشري وتطلعات الناس إلى الطبيعة وما وراءها والسباحة في فضاء المعرفة المفتوح أمام إبداع العقول وشحذ إمكاناتها تلك التي نرى الغرب والشرق يبدع في استغلالها وتحول قدراته إلى تسخيرها لصالح المعرفة ولصالح البشرية جمعا.
وفي النهاية العرب والمسلمون بين خيارين خيار التمسك بما في أيديهم من التراث الذي ورثوه منذ آلاف السنين ومحاولة ترميمه وتجديده والعودة إليه والبقاء فيه حيث هم الآن في ساقة أمم الأرض.
أما الخيار الثاني فهو استصحاب الثابت من التراث بعد تجريده من هوامشه العريضة المثقلة بالآراء والأفكار البشرية وبعد ذلك الانطلاق في مرحلة التحديث وأخذ ما وصل إليه العالم دون تردد والبدء من حيث انتهت مكاسب الأمم التي قادت مشروع الحداثة وتلك الأمم التي لحقت بها، ولا خيار غيرهما مهما قلنا وتحدثنا عن مكاسب أسلافنا وماضيهم الذي نردد الاعتزاز به (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم).
Mtenback@