بين العقل والعاطفة
الأحد - 06 نوفمبر 2022
Sun - 06 Nov 2022
يعد العقل من أهم الصفات البشرية التي ميز الله بها البشر عن غيرهم من المخلوقات، ويظهر ذلك جليا في القصة القرآنية المشهورة في خلق آدم، حينما أمر الله الملائكة والجن بالسجود لآدم، فلم يكن الأمر سجودا للطين لمجرد كونه طينا فحسب، ولكن الله جعل في هذا الجسم الطيني أداة جعل الله من السجود دلالة على أهميتها وتفردها، وهب آدم هذه الأداة التي جعلت منه خليفة الله في الأرض وأمر بالحفاظ عليها وجعلها من الضروريات الخمس بل وجعلها أساسا في العبادات فلا تقبل عبادة دون وجودها بكامل قواها وطاقتها وتلك الأداة التي اهتم بها الشارع الحكيم.
وتتأكد هذه الحقيقة في خطاب الملائكة حينما طلبت من ربها خلافة الأرض، ولكن الله بين لهم أنه اصطفى آدم لحكمة هو يعلمها وحكمة بينها لهم وهي العلم، وبطبيعة الحال فالعلم محله العقل، فلا علم دون عقل ولا عقل دون علم، وهذه الدلالات القطعية في القرآن الكريم التي تشير بكل كلمة فيها بما لا يدع مجالا للشك أن العقل هو الجوهر الذي وهبه الله لآدم وذريته ليكونوا خلفاء لله في الأرض.
بينما تأتي العاطفة في المرتبة متأخرة بعض الشيء ضمن هرم الحاجات الفطرية المشتركة للمخلوقات الحية التي تبدأ بالحاجات الفيسلوجية وتمر بالحاجة للأمان ثم تأتي العواطف، فكل حاجة منها تتحكم فيما يليها وتأثر فيها إيجابا وسلبا حسب نسبة تشبعها من الحاجات السابقة لها، لذلك فإن إعمال العقل في إصدار الأحكام يجب أن يأتي بطبيعته بناء على ما يصدره من قرارات منطقية عقلانية وليست عاطفية.
إن ما يميز الشعوب العربية على وجه الخصوص هو تعاطفها السريع وعواطفها الجياشة، وأكاد أجزم أن هذه الأكاليل الحمراء الباكية والحزينة ليست سوى مشاعر لحظية وهمية لا تمت للواقع العقلاني بأية روابط منطقية، ونحن نتذكر معا أكبر خدعة تعرض لها رواد السوشال ميديا في تاريخها حتى اللحظة في القصة المشهورة «مريضة السرطان الطفلة سارة» وما تبعه من تفاعل جماهيري على مستوى دراماتيكي أحدث صدى كبيرا وجدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والشعبية وبمشاركة الكثير من الإعلاميين والفنانين دون النظر لحقيقة ما يبدو عليه الأمر منساقين خلف الملامح البريئة والحزينة لهذه الطفلة المجهولة وبالقدر نفسه الذي استغل فيه هذا المجهول الذي يقف خلف هذه الصورة البريئة القائم على الحساب استغل أيضا عواطف متابعيه، ثم ما لبث أن ضرب جميع من تعاطف معه في مقتل بقيامه بتوجيه ذلك الزخم العاطفي المتنامي بسرعة هائلة نحو جمع المزيد من المتعاطفين السذج الذين وصل بهم الأمر لحلق رؤوسهم تعاطفا مع تلك الفتاة المجهولة، وربما كاد يتفاقم الوضع ويزداد سوءا لولا كشف الغطاء وظهور الحقيقة.
ودون الخوض في التفاصيل فما يهمنا في هذه القصة هو تسليط الضوء على مشكلة الاندفاع العاطفي وإصدار الأحكام المسبقة بناء على ردة فعل عاطفية غير مبررة، وكأن المجتمع نسي تماما أن يغلق هذا الباب الذي ترك مواربا لمدة طويلة من الزمن عبر من خلاله الإرهابيون والتكفيريون مستغلين العاطفة الدينية لدى الشباب المتحمسين باسم الجهاد والشهادة.
إن تجاهل صوت العقل وسرعة الانجراف تجاه الشجن العاطفي بالسير خلف كل ما هو مثير للعاطفة ليس تصرفا يليق بالبشر الذين وهبهم الله العقل وأسجد له الملائكة، وليسأل كل من لديه هذا الحس العاطفي نفسه سؤالا مخلتفا هذه المرة، ولكن بطريقة أكثر عقلانية، فبدلا من أن يسأل نفسه «ماذا سأخسر لو تعاطفت ودعمت؟» فليسأل نفسه «ماذا لو كانت هناك قصة أخرى ستغير قراري عندما أعرفها؟» وقد قيل قديما في الأمثال لا تصدق ما تسمع وصدق نصف ما ترى، فعندما تتعادل نسبة الصواب والخطأ فيما ترى فما هو الحال فيما تسمع، عندها فقط تستطيع أن تطلق العنان للعقل لإصدار قراره بالقبول من عدمه دون النظر لدموع التماسيح.
وتتأكد هذه الحقيقة في خطاب الملائكة حينما طلبت من ربها خلافة الأرض، ولكن الله بين لهم أنه اصطفى آدم لحكمة هو يعلمها وحكمة بينها لهم وهي العلم، وبطبيعة الحال فالعلم محله العقل، فلا علم دون عقل ولا عقل دون علم، وهذه الدلالات القطعية في القرآن الكريم التي تشير بكل كلمة فيها بما لا يدع مجالا للشك أن العقل هو الجوهر الذي وهبه الله لآدم وذريته ليكونوا خلفاء لله في الأرض.
بينما تأتي العاطفة في المرتبة متأخرة بعض الشيء ضمن هرم الحاجات الفطرية المشتركة للمخلوقات الحية التي تبدأ بالحاجات الفيسلوجية وتمر بالحاجة للأمان ثم تأتي العواطف، فكل حاجة منها تتحكم فيما يليها وتأثر فيها إيجابا وسلبا حسب نسبة تشبعها من الحاجات السابقة لها، لذلك فإن إعمال العقل في إصدار الأحكام يجب أن يأتي بطبيعته بناء على ما يصدره من قرارات منطقية عقلانية وليست عاطفية.
إن ما يميز الشعوب العربية على وجه الخصوص هو تعاطفها السريع وعواطفها الجياشة، وأكاد أجزم أن هذه الأكاليل الحمراء الباكية والحزينة ليست سوى مشاعر لحظية وهمية لا تمت للواقع العقلاني بأية روابط منطقية، ونحن نتذكر معا أكبر خدعة تعرض لها رواد السوشال ميديا في تاريخها حتى اللحظة في القصة المشهورة «مريضة السرطان الطفلة سارة» وما تبعه من تفاعل جماهيري على مستوى دراماتيكي أحدث صدى كبيرا وجدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والشعبية وبمشاركة الكثير من الإعلاميين والفنانين دون النظر لحقيقة ما يبدو عليه الأمر منساقين خلف الملامح البريئة والحزينة لهذه الطفلة المجهولة وبالقدر نفسه الذي استغل فيه هذا المجهول الذي يقف خلف هذه الصورة البريئة القائم على الحساب استغل أيضا عواطف متابعيه، ثم ما لبث أن ضرب جميع من تعاطف معه في مقتل بقيامه بتوجيه ذلك الزخم العاطفي المتنامي بسرعة هائلة نحو جمع المزيد من المتعاطفين السذج الذين وصل بهم الأمر لحلق رؤوسهم تعاطفا مع تلك الفتاة المجهولة، وربما كاد يتفاقم الوضع ويزداد سوءا لولا كشف الغطاء وظهور الحقيقة.
ودون الخوض في التفاصيل فما يهمنا في هذه القصة هو تسليط الضوء على مشكلة الاندفاع العاطفي وإصدار الأحكام المسبقة بناء على ردة فعل عاطفية غير مبررة، وكأن المجتمع نسي تماما أن يغلق هذا الباب الذي ترك مواربا لمدة طويلة من الزمن عبر من خلاله الإرهابيون والتكفيريون مستغلين العاطفة الدينية لدى الشباب المتحمسين باسم الجهاد والشهادة.
إن تجاهل صوت العقل وسرعة الانجراف تجاه الشجن العاطفي بالسير خلف كل ما هو مثير للعاطفة ليس تصرفا يليق بالبشر الذين وهبهم الله العقل وأسجد له الملائكة، وليسأل كل من لديه هذا الحس العاطفي نفسه سؤالا مخلتفا هذه المرة، ولكن بطريقة أكثر عقلانية، فبدلا من أن يسأل نفسه «ماذا سأخسر لو تعاطفت ودعمت؟» فليسأل نفسه «ماذا لو كانت هناك قصة أخرى ستغير قراري عندما أعرفها؟» وقد قيل قديما في الأمثال لا تصدق ما تسمع وصدق نصف ما ترى، فعندما تتعادل نسبة الصواب والخطأ فيما ترى فما هو الحال فيما تسمع، عندها فقط تستطيع أن تطلق العنان للعقل لإصدار قراره بالقبول من عدمه دون النظر لدموع التماسيح.