سارة مطر

الشهرة وهز الأكتاف

الأحد - 06 نوفمبر 2022

Sun - 06 Nov 2022

منذ فترة مراهقتي وحتى الآن، حينما تصر الصديقات وبنات العم على الرقص في أي مناسبة عائلية، كنت أواجه كثيرا من الخجل والاستيحاء، لم أكن أستطيع أن أتجاوز حتى هذه اللحظة لحظات الخجل ووجهي يتضرج بالدم من شدة الخجل، والخوف من نظرات الآخرين لي، حينما يأتي الرقص من التعبير عن مشاعرك يبدو مختلفا عن القوة التي تفرض عليك لتكون نجم حلبة الرقص.

في الحقيقة، حينما يطلب منك الرقص في الأعراس أو أية مناسبة، يأتي الأمر في سياق المشاركة، ورغبة الجميع في أن تكون معهم تشاركهم لغة الفرح.

الرقص في الأفراح والأعراس والليالي الملاح تشكل بالنسبة لي طاقة من السعادة والبهجة، يقدمها الضيف لأصحاب الفرح.

في الجانب الآخر، تظل الأمهات على مقربة من حلبة الرقص، حتى يتمكن من التقاط فتاة تصلح للزواج لأحد أبنائها، كل منا لدينا أهدافه، والطريقة التي يفكر بها.

الآن في وسائل التواصل الاجتماعي، الرقص بالنسبة للمشاهير مصدر رزق، بعد أن كان أمرا مخجلا، وأنت ترقص بمفردك أو مع أقرب الناس إليك، وتبثه على الملأ، وعلى الأخص حينما تزيد من حماستك وتبدأ تمارس كل التمارين التي حفظتها لتكون النجم الأوحد في «استيج» الرقص.

حينما يتحدث الجميع عن صناعة المحتوى في أي برنامج اجتماعي، تكتشف أن ثلاثة أرباع المشاهير كانت بدايتهم أنهم هزوا أكتافهم، ورقصوا طربا ورغبة في زيادة المشاهدات.

هؤلاء الذين يتخذون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا للرزق، أمر في غاية المأساة، كل شيء في حياتهم يتحول إلى محتوى، طفل صغير يتم استخدامه في الضحك والتنكيت.. و و و، سيدة تنتهج كل الطرق كي تثبت أنها امرأة مشغولة في أن تصل إلى الكمال، تصور حياتها الشخصية وهذا حق من حقوقها، لكن المشكلة التي تعيشها هذه الشهيرة، أن عليها أن تقدم كل ما بين فترة وأخرى محتوى مختلفا عن سابقه، مرة تتحدث عن الزواج بسذاجة مراهقة صغيرة وليس أما لأربعة مراهقين، المرة الثانية تقدم رسالة لا أعرف كيف لا تشعر بالحرج، وهي في المطبخ تقطع البصل وتتراقص يمنة ويسرة، الرقص بالنسبة لها ليس نوعا من الفنون، إنما هو رسالة مبطنة لا نعرف من المقصود بها، شيء أقرب من الفراغ النفسي الذي تعيش به، أتخيل لو كانت هذه أمي ماذا كنت أفعل معها، وهي تقضي نصف نهارها تركز على المؤهلات الجسدية لبناتها، وكأن ابنتها منتج من المنتجات التي تعلن عنها، مؤهلات تافهة مثل الدعايات التي تنشرها بين حين وآخر، وأتساءل ماذا ستقول ابنتها بعد كم من السنين، حينما ترى أن والدتها استغلت جسدها المراهق كي تثير شهوة الآخرين تجاهها، وترتفع نسبة المشاهدات، يا إلهي أمر مفزع أن تجعل من أعضاء جسد أطفالك ومراهقيك مجرد محتوى خال من أي هدف!.

ترى ماذا ستقول لأبنائك حينما يصلون إلى مرحلة من النضج الكامل؟ ماذا ستخبرهم بالأسباب التي دفعتك لأن تفعل ذلك؟.

المشكلة أن الشهرة تبدأ لدينا في هز الأكتاف، وبعد كم من المشاهد الراقصة يصبح في مستوى أعلى، فيقوم بالتنظير، وعقب ذلك يبدأ في لملمة القصور النفسي داخله، وأنا هنا أتحدث عن الجنسين، ويبدأ يصور أمام باب طائرة خاصة، وتضع الأخرى شنطتها باهظة الثمن على المنضدة، وتصورها من جميع الجوانب لإكمال النقص الداخلي.

يا إلهي متى ينتهي كل هذا؟.