أحمد محمد الألمعي

شيرين عبدالوهاب وإدمان المخدرات

الأربعاء - 02 نوفمبر 2022

Wed - 02 Nov 2022

أعاد نشر خبر دخول الفنانة المعروفة ذات الاثنين وأربعين عاما؛ شيرين عبدالوهاب إلى مصحة لعلاج الإدمان إلى الواجهة، هذا المرض النفسي والاجتماعي الخطير. وحسب ما نشر فقد تم إرغام المطربة المعروفة بواسطة أسرتها على الدخول إلى مصحة لعلاج الإدمان. وقد أثار ذلك الكثير من الجدل لأسباب عدة منها أحقية المريض في إقرار العلاج من عدمه، ومدى قانونية هذا السلوك من ذوي المرضى، ودور الجهات الأمنية، وغيرها من التساؤلات المرتبطة بهذا الموضوع. وقد صرح شقيقها بأنها تتعاطى نوعا من المخدرات لم يوضح ماهيته، واتهم زوجها السابق بأنه شجعها على تعاطي المخدرات، ولجأت أسرتها إلى لجنة طبية تابعة لمستشفى خاص للصحة النفسية، لتصطحب المطربة رغما عنها لتلقي العلاج.

ذكرت هذه القصة كمدخل لهذه المشكلة التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتنخر في كيان المجتمعات والأسرة في منطقتنا العربية ومن حول العالم وحتى في منطقة الخليج. وبعيدا عن الإعلام الذي سلط الضوء على هذه الواقعة بحكم كون الشخص المعني شخصية مشهورة، فهذه القصة تتكرر كثيرا في سرية تامة بحكم طبيعة المشكلة والتي يتجنب الجميع الإعلان عنها أو مواجهتها بسبب الوصمة الاجتماعية، وهي سبب للتدخل الأمني وأحكام السجن بسبب السلوك المنحرف وكثير من الجرائم التي تشمل العنف، السرقة، النصب، الدعارة، الاغتصاب، وحتى القتل. المحظوظون هم من يجدون طريقهم إلى العلاج بعيدا عن أصدقاء السوء ومروجي المخدرات، وقبل أن يفقد المدمن وظيفته وأسرته وكل شيء ذا قيمة في حياته بعد تدخل الجهات الأمنية.

هناك الكثير من التساؤلات التي تمر في مخيلة القارئ وكل من له علاقه بالموضوع من قريب أو بعيد مثل: هل الإدمان مرض؟ وهل يمكن العلاج منه؟ وهل هناك أنواع للمخدرات التي تسبب أعراضا مختلفة وهل يختلف أسلوب العلاج؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة، سأذكر أنواع المخدرات المعروفة وتشمل؛ مواد تباع من قبل المروجين أو بعض الأدوية العلاجية التي تصرف بوصفة طبية، أو تباع بطريقة غير قانونية مثل: مجموعة المنشطات «أمفيتامين» (وتوجد في حبوب الكبتاجون و»الشبو» وحبوب الريتالين التي توصف لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عندما يساء استخدامها)، «كوكايين»، وغيرها من مواد تصنع في المختبرات بعضها غير معروف الاسم والتركيب.

وهناك ما يصنف بالمهدئات؛ وتشمل الكحول، الحشيش، باربتيورات، بنزوديازيبين Benzodiazepine (مثل الفاليوم وزاناكس)، أفيون وينقسم إلى أفيون طبيعي مثل مورفين وكودين، أفيون نصف مصنع مثل هيروين، وأفيون مصنع مثل فينتانيل، وأخيرا حبوب الهلوسة Hallucinogens مثل؛ إل إس دي وهناك أنواع أخرى طبيعية مثل القات وأخرى مركبة. وتختلف أعراض تعاطي هذه المواد وأعراض الإدمان والأعراض الانسحابية حسب المادة المستعملة.

فالمخدرات من فئة الأمفيتامين ومشتقاتها مثل الشبو قد تسبب أعراضا ذهنية أثناء الاستعمال مثل الهلاوس البصرية والسمعية والضلالات مثل الشكك والسلوك العدواني، بينما تسبب المهدئات مثل الكحول وزاناكس او الباربيتيورات أعراضا انسحابية شديدة تشمل الأرق والتوتر الشديد والهيجان وأحيانا الصرع ومضاعفات أخرى قد تسبب الوفاة، وذلك حسب كمية ومدة التعاطي.

والعلاج يتطلب الدخول لمستشفى متخصص وتحتاج للتدخل الدوائي والطبي حسب الحالة، ويتم إدخال الشخص إلى مصحة علاجية طويلة الأمد بعد الخروج من المستشفى لمدة 6 - 12 شهرا. وتكون الأعراض الانسحابية خفيفة عادة في تعاطي الحشيش ولكن قد تكون شديدة حسب مدة وكمية الاستعمال، ويمكن علاج مثل هذه الحالات في مصحات لعلاج الإدمان من 6 - 12 شهرا ولا تتطلب علاجا في مستشفى.

يستمر الإحساس بالشوق والرغبة الشديدة للتعاطي لمدة طويلة قد تستمر سنوات بعد العلاج والتوقف عن تعاطي المواد المخدرة، ولذلك ينصح بتغيير الأصدقاء والأماكن التي تعود الشخص ارتيادها حيث يلتقي بالمروجين والأصدقاء المتعاطين أو كل ما يذكره ويزيد من شوقه للتعاطي، وذلك لتجنب الانتكاسة وهو جزء أساسي من العلاج، ومن المهم في هذه الفترة توفر الدعم النفسي للمدمن المتعافي من قبل جهة علاجية في العيادات الخارجية أو مجموعات العلاج، إضافة إلى الأسرة والأقارب والأصدقاء غير المتعاطين.

وقد تنتج عن التعاطي مضاعفات تشمل أمراضا نفسية مزمنة قد تستمر لسنوات حسب المخدر وكمية ومدة التعاطي، فينبغي تذكر أن المخدرات مواد كيميائية تغير من كيميائية.. إلخ، وقد تنتج عن ذلك أمراض مثل الاكتئاب والذهان (شيزوفرينيا) أو اضطرابات المزاج والقلق وغيرها من الاضطرابات النفسية التي قد تتطلب علاجا دوائيا ونفسيا لمدة سنوات.

وقد وفرت المملكة مراكز إقليمية لعلاج الإدمان بأنواعه وعلاج الأمراض النفسية المصاحبة (مستشفيات إرادة) كما أن هناك جهات مثل نبراس رقم تليفون (1955) يمكن لأسر المدمنين الرافضين للعلاج التواصل معهم لتسهيل العلاج في مستشفيات إرادة وغيرها بدون تبعات قانونية.

وتاريخ المخدرات واستعمالها مثير وغريب وطريف في بعض الأحيان، فقد أجبرت الدول الغربية الاستعمارية دولة الصين في القرن الثامن عشر على السماح ببيع الأفيون بهدف نشر الإدمان في الشعب الصيني، وعندما حظر إمبراطور الصين هذه التجاره شنت هذه الدول حربا بدعوى التضرر التجاري، كما كانت كثير من المواد المخدرة تباع من حول العالم في محلات العطارة في القرن التاسع عشر قبل أن يتم اكتشاف ضررها كمواد مخدرة تسبب الإدمان، كما تم حظر الكحول في الولايات المتحدة الأمريكية في عشرينات القرن الماضي بقرار فيدرالي، وقد انتشرت أعمال التهريب والبيع غير القانوني للكحول أثناء هذه الفترة قبل أن يتم إلغاء الحظر بعد سنوات عدة.

وتنتشر أنواع من المخدرات في مناطق معينة حول العالم حسب طرق التهريب وقربها من مواقع الزراعة والتصنيع والتوزيع. ففي المملكة يتم التهريب من مناطق محاذية في الشمال أو الجنوب، ففي الشمال من جهة لبنان أو سوريا حيث تتحكم ميليشيات معينة في التصنيع والتهريب لمواد مثل الكبتاجون والشبو (كريستال أمفيتامين) أو الحشيش، وتأتي عادة حبوب الباربيتيورات (Barbiturates) والشبو من إيران إلى منطقة الخليج، ويتم تهريب القات والحشيش عادة من مناطق محاذية في جنوب المملكة برعاية ميليشيات وعصابات معينة، ويتم تهريب الأفيون عادة من مصادر داخل أفغانستان. ومن المعروف أن معظم تجارة الكوكايين تأتي من مصادر في جنوب أمريكا، وتستهدف عادة دول شمال أمريكا وأوروبا.

ويتم ضبط كميات هائلة من هذه المواد من خلال منافذ برية وبحرية عدة في المملكة وحتى جوية بفضل جهود ويقظة الجمارك السعودية والقيادة الساهرة على سلامة المواطن، ويعلن عنها بين الفينة والأخرى. وتستخدم المخدرات كسلاح من دول معادية بهدف الضغط السياسي وتدمير البنية الأخلاقية والاجتماعية للدول.

almaiahmad2@