عبدالله السحيمي

الأنا.. ملامح وفاء

الأربعاء - 02 نوفمبر 2022

Wed - 02 Nov 2022

بين ذكرى رحلت وبقي منها بعض ملامحها، وحديث مضى، ووجوه غابت وتلاشت مع الزمن، وهكذا الحياة نعيشها بكل فصولها ومراحلها ولم يتبق منها سوى أن نذكر من يستحق ونعفو عن من أساء، ونتسامح مع كل ما مضى.

يقال: إن من أساء لك لا تنساه ولا يمكن أن تتناساه وهو أمر في يدينا بأن نكون كبارا بمسح ما مضى والتجاوز عن ما حدث، وفي المقابل نحتاج إلى من يعاملنا بمثل ذلك الصفح.

ولكن هناك أناسا تركوا لك في حياتك ما هو أشبه باليقظة والاختلاف دعما وتعزيزا وتشجيعا، انطلقت وأنا أقرأ بعضا من صور الذكريات ومشاهد الورق وتأشيرات الوثائق، وأسماء حركت مشهد الملامح وحننت لتلك السنوات وتلك الوجوه التي أسرفت فينا لحظة الدهشة وانكسار الضعف في ثقب ذكرياتنا.

أشخاص بقوا معي وهم قد لا يعلمون أنهم تركوا بعضا من الحصاد مغيبا حينما كان المنح بغير حدود ولا هوية ولا أشخاص. مر بي ذلك الصوت وهو يهاتفني ويقول: «ألم أقل لك ذلك يوما».

وجاءت لغة الكتابة منتصرة متوجة ملامح تكاد تكون إرثا شخصيا أوقفته بيني وبين نفسي حينما أمارس بعض الأساليب لأخفي مصروفا منح لي وأقتني به كتابا أو صحيفة أو مجلة.

حقا لا أنسى حريقا كان خلفه والدتي رحمها الله حينما أشعلت النار بمجلات تم تسلفها من أحد الأصدقاء التي انقطعت علاقتي به منذ تلك الحادثة التي كان سببها فتاة الغلاف التي كانت ظاهرة في تلك الفترة، لكن علاقتي بصديقي رحمه الله عادت وأصبح هذا الموقف من المواقف التي نتذكرها ونستذكر لطافات براءة ما يحدث.

لكن هناك أناسا التقيناهم وبعضهم لم نشاهدهم ولم نلتقهم لكنهم كانوا رفاقا وأساتذة ومميزين تركوا أثرا وأبقوا بصمة، وبقيت مدينا لمواقفهم التي ربما يرونها من واجباتهم أو طباعهم أو ضمادا ينثرونه على أصحاب المواهب ومن يحتاج منهم دعما ووقفة.

هذه أسماء وليست كلها، لكنني أعترف أنها تركت لي أثرا وبقيت متأثرا بجمال وسخاء تلك الوقفات التي يعيشها الكثير.

هنا أعترف بأنني انتصرت على كثير من الظروف بدعم الإنسانة التي لن ولن تتكرر، إنها أمي رحمها الله، فقد منحتني ما لا أستطيع ذكره وشكره، ووالدي رحمه الله الذي أثقلني بكرم وعي حواره وسلامة توجيهه، فقد علمني حرية الاختيار ودعمني بدعائه المتجدد الذي يردده: «الله يوفقك». لوالدي رحمهما الله الدور الأقوى والأجمل والأروع.

وهناك محطات أضعها عابرا لملامح لا أنساها ولا أتناسها، وحقا قد غاب عني البعض وقد غفلت عمن يستحق أن أذكره إلا أنني أذكر ما استطعت أن أتذكره.

من ذاكرتي الشاعر المدني عبدالسلام حافظ رحمه الله كنت أتردد عليه في منزله بالحرة الشرقية المجاور لمرور المدينة، أهداني جميع مؤلفاته ودعمني ونشرت عنه في مجلة المنهل والعقيق وأعدت مخطوطا عن صفحات مجهولة من حياته وأدبه.

أيضا من ذاكرتي لأستاذنا المربي محمد صالح البليهشي حينما أخذني في أول زيارة للنادي الأدبي بالمدينة ومنحني جميع إصدارات النادي، وكانت حفاوة ثقافية مختلفة، ولكنها متألقة في نفسي لدعمه وتشجيعه.

كذلك من ذاكرتي دعم الأستاذ الأديب محمد موسم المفرجي رحمه الله المشرف على الصفحة الأدبية في صحيفة الندوة نشرا وتشجيعا ولن أنسى هديته من كتابه الأجمل.

ومن ذاكرتي كانت بدايات متعثرة سقاها الأستاذ: فلاح دخيل الله الجهني حينما كان مشرفا على صفحة أفكار وخواطر في صحيفة المدينة، لا أنسى تشجيعه وتحفيزه وتمكينه ودعمه.

من ذاكرتي أدرت ندوة للنشاط الطلابي راغبا لا مرغما وشجعني على ذلك الدكتور محمد سالم شديد العوفي الدخول في مسابقة أدبية على مستوى جامعة الإمام وفروعها، وحصلت على المركز الأول في مسابقة القصة.

لن أنسى تدوين المقدمة لأستاذنا الدكتور عائض الردادي مدير إذاعة الرياض السابق ووكيل وزارة الإعلام آنذاك في مجموعتي القصصية في ذاكرة المستحيل، وكنت في حينها طالبا جامعيا على مقاعد الدراسة وفازت هذه المجموعة بجائزة أبها الثقافية.

من ذاكرتي الأستاذ الشاعر الحميدي الحربي الذي مكنني في فترة من الفترات في الكتابة في الصفحة الشعبية التي كان يشرف عليها في صحيفة الجزيرة، ولن أنسى سجالي مع أحد الشعراء والذي غير المسار والتوجه.

لا أنسى وقفات الأستاذ عابد الحربي في مجلة اقرأ على دعمه وتشجيعه وعلى بعد نظره ووقفاته ومنحه مساحة لي لا أنساها في إجراء لقاءات رياضية كان أبرزها مع الحكم الدولي محمد فودة، ولأبي خالد مكانة خاصة لبساطة تعامله وعمق تعليمه.

من ذاكرتي لذلك الرجل النبيل الصحفي الأميز محمد عبدالستار المشرف على ملحق الأربعاء في صحيفة المدينة، تمكينه وتحفيزه ومنحي مساحة للنشر في ذلك الملحق الذي يجد رواجا ومتابعة في حينه.

ولا يمكنني أن أنسى دعم الأستاذ الدكتور محمد يعقوب تركستاني المشرف على ملحق ألوان من التراث في صحيفة المدينة ونشره لي مقالاتي وتشجعيه وتحفيزه ولن أنسى قصاصة بخطه الجميل المميز.

من ذاكرتي وقفات الصحفي والناشر الأستاذ: أحمد بادويلان من الذين أخذوا بيدي وشجعوني ودعموني في الكتابة في صحيفة المسائية ومن الذي شجعوني على طباعة مجموعتي القصصية في ذاكرة المستحيل بعد فوزها في جائزة أبها الثقافية.

ولن أنسى وقفة الأستاذ قينان الغامدي الذي مكنني في إعداد صفحة أسبوعية في صحيفة البلاد تحت عنوان «أزمنة» وكانت تصدر كل جمعة.

من ذاكرتي التي لا أنساها وقفات الأستاذ: سعيد الصويغ المشرف على تحرير صحيفة المسائية، الذي له دعم مختلف، ووعي متقد، أعترف أنه ترك لي وثيقة دعم لا أنساها في مجال الصحافة توجيها وتمكينا ودعما.

مضت وكأنها رحلت أسرع من السنين التي احتضنتها تلك الأيام، وبقيت منها ذكريات نسطرها هنا حفاظا على وقفات أعتز بها، وقد ذهب الكثير منها وهناك الكثير من الذين يستحقون أن نذكرهم ونشكرهم على كل ما يقدمونه من تشجيع ومؤازرة تركت أثرا وأبقت مساحة اعتراف وعرفان لا أملك فيها إلا تسطيرها بكلمات تحفظ على مرور الزمن شيء من الوفاء.

Alsuhaymi37@