أحمد الهلالي

الديموقراطيون يشوهون القيم العالمية!

الثلاثاء - 01 نوفمبر 2022

Tue - 01 Nov 2022

أصبحت دعوات مثل (حقوق الإنسان وحرية التعبير) شعارات متهمة، بعد أن كنا نراها شأنا حضاريا رفيعا، لكنها للأسف أصبحت صادمة، كما صدمتنا سابقا شعارات قوى الإسلام السياسي، فوجدناهما تتشابهان، تجمعهما الأدلجة، فالأولى تنطلق من أيدولوجيا السيطرة على الآخر وتحقيق المصالح، والثانية تنطلق من أيدولوجيا الوصول إلى السلطة عبر السلم الديني، وكلتاهما تتقاطعان في أن تلك الشعارات ما هي إلا وسائل، ولن تكون غايات حقيقية في مهب الأدلجة!

شعارات الديموقراطيين الأمريكيين، وبعض أشياعهم الأوروبيين باتت أدوات ضغط تستخدم لتحقيق المصالح الخاصة عبر العالم، فإن كنت تلبي مطالبي وتسير في ركاب سياساتي فلن ألتفت إلى مخزن الشعارات، أما في حال اختلال هذه العلاقة، فسأستخدم الشعارات ضدك وسأبحث في سجلاتي عن تجاوزاتك المرصودة وسيبدأ الحساب العسير، وهذه التصرفات الغربية التي باتت تلعب (على المكشوف) تثبت زيف تلك الشعارات وذبولها.

يفاجئنا الديموقراطيون وأدواتهم الإعلامية الصاخبة، وهم يقلبون صفحات متعلقة ببلادنا، بعضها انتهت وبادت مثل أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، التي ما تزال الآلة الإعلامية الأمريكية تجترها صباح مساء، دون تدخل من الإدارة الأمريكية لتصحيح المعلومة، وقد برأ القضاء الأمريكي بلادنا منها، لكن لأن سياساتهم ومصالحهم الحزبية تقاطعت مع مصالحنا، لاذوا بالصمت، في حين لا يزال تأليب أسر الضحايا على مطالبة السعودية بالتعويض على أشده، حشدا لأدوات الضغط الزائف!

تتهاوى مثل وقيم الحضارة الغربية التي كنا نظنها مقدسة، ذلك الغرب الذي أرعبه نمو القوة الروسية منذ تولي بوتين مقاليد السلطة، فتخلى عن كل مبادئه التي يحاسب العالم عليها، وزج بأوكرانيا فريسة بين براثن الدب الروسي، فمنذ أوباما وأحداث الإطاحة بحكومة كييف الموالية لروسيا بزعامة فيكتور يانوكوفيتش، وتنصيب حكومة موالية للغرب يتزعمها بيترو بوروشينكو، وإسهام الغرب في التنكيل بالأوكرانيين الموالين للروس في إقليم دونباس (لوغانسك ودونيتسك)، ثم بناء المعامل البيولوجية، واستمروا يحشدون لجر روسيا إلى الحرب الدائرة اليوم في أوكرانيا، ثم بعد ذلك يحاولون تشكيل العالم على ضوء هذه الحرب، فإن لم تكن معنا فأنت مع روسيا، فالحياد أصبح تهمة، حين حذفوه من حيز شعارات حرية التعبير والمواقف، المعطلة حاليا!

هذه الحرب خطط لها الديموقراطيون، وعطل مخططاتهم ترمب، لكن بعد ولايته القصيرة (أعادوها جذعة) وزجوا في أتونها بضحيتهم أوكرانيا، والهدف الرئيس منها إضعاف روسيا، ولم يتنبه الأوروبيون إلا متأخرين، فتعالت أصواتهم مؤخرا وخرجوا في مظاهرات ومسيرات في بعض العواصم الأوروبية لتعديل مواقف دولهم السياسية من حرب أوكرانيا، ومعظم التعبيرات تتجه إلى اتهام أمريكا باستغلال الأوروبيين، وقد أدركوا أنهم سيدفعون الثمن في فصل الشتاء، فلن تمنحهم أمريكا الغاز، وهي الآن تبيعه عليهم بأربعة أضعاف سعره، وها هي التباينات في المواقف تتوالى في مظاهرات المجر، وموقف ألمانيا، وجهود ماكرون المتهمة بالتراخي من زلينيسكي، وربما هناك التفافات ليست معلنة لتفادي الأزمات الاقتصادية المحدقة بأوروبا!

مؤسف أن نرى العالم يتهاوى، والمثل تتشوه وتتقزم، من أجل أن تظل أمريكا القطب الأوحد، تحطم كل قوة تحاول التشيؤ، وتلقي بها في أتون حرب طاحنة على حساب شعوب بريئة، وتتدخل في سيادة الدول، بل ولم تكتف بأوكرانيا، فهي تحاول استفزاز الصين لالتهام تايوان، هدفها من ذلك إقحام بكين في حرب وصراعات داخلية تثبط من تقدمها وتعاظم قوتها، فنعوذ بالله من شرور الديموقراطيين وأجندتهم السامة!

ahmad_helali@