شاهر النهاري

مآلات انتفاضة الشعب الإيراني

الاثنين - 31 أكتوبر 2022

Mon - 31 Oct 2022

شعب يصعب القول إنه صديق، كون علاقات جيرته مأزومة بأزمات، ما يزيد صعوبة الحكم على نواياهم، حال حصولهم على حريتهم من نظام قمعي تسلطي ظلامي شوه جيرتهم لمحيطهم، ولمختلف دول العالم.

شعب يطمح لأمن واستقرار ورخاء وحرية روحية وجسدية وفكرية، وسط نظام يعاملهم كأرانب التجارب في الداخل المزري، ويتعقب هاربهم للخارج.

وعلى عكس أصحاب القرار ومن يؤازرونهم، فالشعب كادح حائر محبط، بسيطرة أشخاص من أبنائهم عليهم، بعد أن غرتهم السلطة والمادة، وغسلت عقولهم الأيدولوجيات، وكل ذلك نتاج إرث خميني، ودستور بني على فرض الثورة حتى الموت، وتنصيب أوليائه خلفاء لله، حتى تحين العودة المرتقبة.

نظام عنيف خبيث محتاط ليس من السهل تفكيكه، فقد اشتد وجاوز عمره الأربعين عاما، بكهنوت أرعب وجار، وفرض ضيق المشاعر وصولا لتحريم الرأي والأفكار والثقافة ونوعية الملابس والطقوس وتشديد مراقبة خصوصيات الشعب، ومعاقبة من يخالف القطيع بتعنيف واعتقال، وتعليق على مشانق الرافعات المتحركة بين الأقاليم.

نظام حارب العراق 8 سنوات، قتل فيها مئات الآلاف من الطرفين، وزعزع ومكر واستغل الفرص حتى احتل بغداد بأيدي أبنائها.

نظام طور الأسلحة، الصواريخ البالستية، والمسيرات، وبثها إلى شتى الأصقاع، وبالحيلة والخبث يعمل على امتلاك السلاح النووي، لمزيد من السطوة وتعميم الترويع والخراب.

نظام عظم قدرات حرسه الثوري، وبث الزوارق البحرية في مياه الخليج، وبحور المنطقة، وتمادى بقرصنة وتدمير.

نظام تمكن من تجنيد أبناء العرب في خمس دول عربية، وسخرهم عبيدا في خطوطه الأولى، بفدائية عقول مغسولة، وعبودية تعبد الأموال.

نظام فرق بين مكونات شعبه العرقية المتعددة، وميز بينهم في الأحقية والعدالة والحقوق، ليركب بعضهم فوق رؤوس بعض، وبضمان سيطرته وفرقتهم.

نظام حرم الشعب الإيراني من كل ثقافة وتنمية، ومعرفة وعلوم وصناعات سلمية، كونها لا تصب في صالح قواته ومخططاته، وأذرعه وإرهابه.

نظام زرع وصنع المخدرات وأبدع في تهريبها لشتى أصقاع الأرض، وتخطى بأثمانها العقوبات الدولية.

نظام كلما ثار الشارع الإيراني لنيل حقوقه بالحياة، زاد في قمعهم، ووصمهم بالشغب والخيانة والعمالة، وأطلق عليهم زبانيته بالهراوات والرصاص والغازات الخانقة.

نظام ثار الشارع عليه مرات ومرات، فزاد عنته وأحكم كماشته، وعظم من عزلة المحتجين بقطع الاتصالات، فلا يعرف حقيقة أحوالهم إلا عبر تسريبات المعارضة الخارجية، مكتوفة الأيدي.

الشعب الإيراني يستصرخ الدنيا لمساعدته مما يعانيه من ذل وبهدلة، يطولون فيها الموت، ولا يلمحون شعاع شمس حرية.

نسبة فوز الشارع الإيراني في انتفاضته الحالية ضئيلة جدا، حسب ما سبق من محاولات.

والسؤال الحائر يبقى أحجية عصية، فهل من سيأتون - إن حدثت المعجزة وزال النظام - سيكونون أفضل من الموجود، أم أن النهج المتغطرس يستمر، وربما يزداد غيا وفجورا وتشتيتا، بتعمق المبادئ الفكرية الإرهابية الشريرة في أنفس أدمنتها؟

وكارثة كبرى متوقعة حال تفكك الدولة الإيرانية، وتحولها لأوكار خراب وإرهاب وصراعات داخلية لا تنتهي، وفوضى تعبر كل الحدود.

ثم ألا يحق لنا الشك يا من تستبعدون نظريات المؤامرة، بأن تكون المؤامرة هذه أوسع وأوضح مما نتخيل، مؤامرة قميئة مرسومة بأيدي دول عظمى، تريد إكمال مشاريع الفوضى الخلاقة.

أو أنها نتاج تحرك دول أخرى انتهازية، تريد تحويل طهران إلى حديقة خلفية لها، وإلى مختبرات تجارب تكمل من خلالها سلاسل تدمير العرب؟

shaheralnahari@