التفاهة متن ونكهة!
الأحد - 30 أكتوبر 2022
Sun - 30 Oct 2022
الكل يعرف معنى كلمة تفاهة وما يدور حولها من اشتقاقات لغوية عدة، فهذه الكلمة غير مستحبة كصفة وإن كان حضورها في هذا الزمن بات ضرورة تحتمها بعض المواقف لتوصيفها ووصف من قام بها.
التافهون في وسائل التواصل الاجتماعي يعدون الطبقة الأكثر تجسيدا لهذه الكلمة، فحضورهم تفاهة، ومخرجاتهم أتفه من التفاهة، والثقافة التي يرسخونها باتت تشكل نماذج تافهة وقوالب سيئة يعاد تدويرها بين الناس وربما تصبح مع التكرار ثقافة وربما عرفا مجتمعيا يعترف به الناس.
هؤلاء سخروا التقنية لتسليع ذواتهم السيئة لجعل صورهم ومناشطهم الصورة الأكثر تداولا بين الناس، تعليمهم متدن ومعارفهم رديئة وأخلاقهم سوقية، ومع ذلك ينتشرون انتشار النار في الهشيم، بعض هؤلاء التافهين يتكسبون بطرق ممجوجة كأن يستسمنون كل ذي ورم من الظواهر الصوتية المعلبة وصور (الهياط) المجتمعية الخاطئة والمرفوضة عرفا وعقلا، هؤلاء في فعلهم مثل المداحين في عصور مضت، كلتا الفئتين تكذبان لتعيشا وتعيشا لتكذبا!
وهنا يحضر السؤال المهم لماذا يحظى هؤلاء التافهون بكل هذه الشهرة والمتابعة والحضور؟ الجواب يكمن في انزواء أو كمون مناشط المؤثرين الإيجابيين من خلال عدم قدرتهم على صناعة محتوى يضيف ويضفي على المجتمع وأفراده سمت وسمات الإيجابية المنتظرة، إما لعدم استطاعتهم مسايرة هؤلاء في أساليب حضورهم، أو إصرارهم على استخدام الطرق القديمة والعتيقة التي كانت مقبولة في فترات سابقة، واليوم لم يعد لها مكان في خارطة الوعي المجتمعي وللشباب خاصة، مما أتاح للتافهين السيطرة على فضاءات التأثير وفرض أنفسهم كأسماء مؤثرة لها حضورها السخيف ومحتواها الأشد سخافة، وهناك بعد مجتمعي آخر وهو النمو المضطرد للمفاهيم الاستهلاكية التي باتت تشكل منتهى الغايات عند الناس، فالاستهلاك في مجتمعاتنا لم يعد وسيلة للبقاء بقدر ما أصبح غاية في ذاته؛ تطلب به ومنه المتعة والسعادة، وهذا الأمر رفع أسهم هؤلاء التافهين وجعلهم يتمتعون بكل هذا الحضور كونهم يروجون للمفاهيم الاستهلاكية ويجعلونها المتن والهامش لموادهم المبثوثة بين الناس.
نخلص من هذا أن عالم الميديا اليوم صار مفرخة لتفريخ هؤلاء التافهين وتصديرهم للمجتمعات في صور مغلوطة ومكروهة من السذاجة التي أصبحت الإطار الذي يؤطر هؤلاء المجانين، والمجتمع بكل مشاربه أصبح أسيرا لغي وغوايات هؤلاء، ولم يعد قادرا على التخلص من آثارهم السلبية التي ما عادت تحصر، كونها تجاوزت في عددها وعدتها كل ما كان يتصوره العقل الرشيد، ويبقى السؤال الأهم: ألم يحن الوقت لمشاريع مجتمعية جادة تقاوم هذا المد التافه وتحتويه وتعيد صناعه ورموزه إلى جحورهم مدحورين مذمومين؟!
alaseery2@
التافهون في وسائل التواصل الاجتماعي يعدون الطبقة الأكثر تجسيدا لهذه الكلمة، فحضورهم تفاهة، ومخرجاتهم أتفه من التفاهة، والثقافة التي يرسخونها باتت تشكل نماذج تافهة وقوالب سيئة يعاد تدويرها بين الناس وربما تصبح مع التكرار ثقافة وربما عرفا مجتمعيا يعترف به الناس.
هؤلاء سخروا التقنية لتسليع ذواتهم السيئة لجعل صورهم ومناشطهم الصورة الأكثر تداولا بين الناس، تعليمهم متدن ومعارفهم رديئة وأخلاقهم سوقية، ومع ذلك ينتشرون انتشار النار في الهشيم، بعض هؤلاء التافهين يتكسبون بطرق ممجوجة كأن يستسمنون كل ذي ورم من الظواهر الصوتية المعلبة وصور (الهياط) المجتمعية الخاطئة والمرفوضة عرفا وعقلا، هؤلاء في فعلهم مثل المداحين في عصور مضت، كلتا الفئتين تكذبان لتعيشا وتعيشا لتكذبا!
وهنا يحضر السؤال المهم لماذا يحظى هؤلاء التافهون بكل هذه الشهرة والمتابعة والحضور؟ الجواب يكمن في انزواء أو كمون مناشط المؤثرين الإيجابيين من خلال عدم قدرتهم على صناعة محتوى يضيف ويضفي على المجتمع وأفراده سمت وسمات الإيجابية المنتظرة، إما لعدم استطاعتهم مسايرة هؤلاء في أساليب حضورهم، أو إصرارهم على استخدام الطرق القديمة والعتيقة التي كانت مقبولة في فترات سابقة، واليوم لم يعد لها مكان في خارطة الوعي المجتمعي وللشباب خاصة، مما أتاح للتافهين السيطرة على فضاءات التأثير وفرض أنفسهم كأسماء مؤثرة لها حضورها السخيف ومحتواها الأشد سخافة، وهناك بعد مجتمعي آخر وهو النمو المضطرد للمفاهيم الاستهلاكية التي باتت تشكل منتهى الغايات عند الناس، فالاستهلاك في مجتمعاتنا لم يعد وسيلة للبقاء بقدر ما أصبح غاية في ذاته؛ تطلب به ومنه المتعة والسعادة، وهذا الأمر رفع أسهم هؤلاء التافهين وجعلهم يتمتعون بكل هذا الحضور كونهم يروجون للمفاهيم الاستهلاكية ويجعلونها المتن والهامش لموادهم المبثوثة بين الناس.
نخلص من هذا أن عالم الميديا اليوم صار مفرخة لتفريخ هؤلاء التافهين وتصديرهم للمجتمعات في صور مغلوطة ومكروهة من السذاجة التي أصبحت الإطار الذي يؤطر هؤلاء المجانين، والمجتمع بكل مشاربه أصبح أسيرا لغي وغوايات هؤلاء، ولم يعد قادرا على التخلص من آثارهم السلبية التي ما عادت تحصر، كونها تجاوزت في عددها وعدتها كل ما كان يتصوره العقل الرشيد، ويبقى السؤال الأهم: ألم يحن الوقت لمشاريع مجتمعية جادة تقاوم هذا المد التافه وتحتويه وتعيد صناعه ورموزه إلى جحورهم مدحورين مذمومين؟!
alaseery2@