سارة مطر

الفراشة حول القضبان

السبت - 29 أكتوبر 2022

Sat - 29 Oct 2022

ترى ما الرابط بين الكاتبة المبدعة مي زيادة وبين المطربة الأكثر شهرة على ساحة الوطن العربي شيرين عبدالوهاب؟. بكل بساطة، يمكنك أن تجد كثيرا من الأشياء المشتركة بين هاتين المبدعتين.

أحبت مي زيادة جبران خليل جبران، وكانت تمطره بالرسائل والحب والمشاعر والاهتمام، كان يمكنها أن تبلعه بدلا من العنب والرز، وبعدها ستشعر بالشبع طيلة حياتها، وستظل متأكدة أنه لن يهرب بعيدا عنها، وكذلك شيرين أحبت حسام حبيب، حب جنون صاعقا، قويا، داست على كل القوانين البرية والبحرية، لتظهر على الدوام معه.

البعض، وهم كثر، يستلذون بوجود المهوسين حولهم، ويشعرون بالقوة التي يستمدونها من الضعفاء أمثال زيادة وشيرين، هناك كثير جدا من الطبائع السيكوباتية التي يتميز بها على الأخص الموهوبين.

كنت في السيارة هذا الصباح وظهر لي حسام حبيب يغني «قلبي قالي من يوم ما جيت وقابلتك أنك حبيبي حب الحياة».

لم تستطع شيرين أن تحب غير حسام، كانت مرتبطة فيه ارتباطا وثيقا كما كنا نقول عن مي زيادة. نأتي للعكس ولكن بطريقة مختلفة، مثل ما قامت به الكاتبة الكبيرة غادة السمان، حينما نشرت كتابا صغيرا يحمل الكم الكبير الهائل لمشاعر كنفاني، هذا الكتاب أثار حفيظة أسرة كنفاني ولكن السمان لم تهتم، قالت بالحرف الواحد إنها نشرت رسائل غسان، لأنها تريد أن يتعلم القراء كيف يكون الحب، وفي رسائل السمان يمكنك أن تلحظ الشوق واللهفة، والضالة التي يعيشون بداخلها، فكلاهما في بلد يبعد عن البلد الآخر ساعات كثيرة.

بعد أن تم اعتقال الفنانة وإيداعها في مصحة عقلية، كي تتعالج من الإدمان على المخدرات، في الليل خرجت جماهير حاشدة، تصفق وتغني لشيرين التي أطلت عليهم من نافذة غرفتها، وغنوا لها أغنيتها المفضلة «مشاعر تشاور تودع مسافر... مشاعر تموت وتحيي مشاعر». لن أكذب وأقول إنني لم أبك حين مطالعتي المشهد، بل غامت بي السماء، وشعرت أنني لا أستطيع أن أقف على قدمي، على الأخص كنت أشعر بالخوف تجاهها، وألا يحدث لها ما حدث لمي زيادة.

حينما أعلن عن وفاة مايكل جاكسون، سألت شقيقي الذي وصل به العمر لمنتصف الستين عاما، ترى كيف كانت مشاعرك حينما تلقيت الخبر، اختصر لي شقيقي الستيني قائلا: «لقد بكيت، كانت مسيرتي الجامعية كلها برفقة أغاني مايكل، كان هو الحياة بالنسبة لي»، يعبر شقيقي عن ذلك، لكونه كان في نهاية الثمانينات يدرس في الولايات الأمريكية المتحدة.

ولنعد إلى الفنانة الفراشة الشابة شيرين، لقد ذهلنا من منظرها ما إن تطلقت من حبيب القلب، وحلقت شعرها، وحينما أخذها شقيقها للمصحة صرخت قائلة: «لا تجعلوا مني برتني سبيرز أخرى، لا أريد أن أكون النسخة العربية من سبيرز، ولا أريد أن أكره أحدا من أسرتي بسبب ما حدث»، كان هذا في غاية الوجع،

لكن الحال في الوطن العربي أهون بكثير، تعامل القانون مع الخارجين منه أشد هونا ورأفة، لذا، فأنا أعترف بأني أشرع بالبكاء كلما جاءني مقطع فيديو للفراشة وجمهورها يصفق ويغني لها تحت غرفتها.

يا إلهي، يا شيرين ماذا فعلت كي يعشقك الجمهور، ويقف معك في أزمتك.