دحام مبارك الغالب

المواطنة الرقمية والتعليم

السبت - 29 أكتوبر 2022

Sat - 29 Oct 2022

في ضوء ما يشهده العالم من انفتاح تقني وثقافي أصبحت تقنيات الاتصالات جزءا من الحياة اليومية لا يمكن تجاهلها، فرضت نفسها على المجتمع وغيرت من نمط الحياة، وفرضت كثيرا من التحديات على المجتمع، إن لم يتمكن من توظيفها بشكل إيجابي يخدم المجتمع بشكل عام ويساعد الفرد على تطوير ذاته والنهوض بالمجتمع.

ومع الانتشار المتسارع لتقنيات الاتصال والمعلومات وتوظيفها في مختلف مناحي الحياة، صاحب ذلك كثير من المصطلحات والمفاهيم التي لم تكن موجودة من قبل، وأصبحت مستحدثة على المجتمع، خاصة المجتمعات العربية، إضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما فرضته من مفاهيم وقضايا أخلاقية أثرت في قيم المجتمع بشكل عام وقيم الأفراد بشكل خاص، ومن أبرز تلك المفاهيم مفهوم المواطنة الرقمية Digital citizenship، حيث أصبح مفهوم المواطنة يحمل نفس صفة العصر الذي نعيش فيه وهو العصر الرقمي.

والمواطنة الرقمية تعكس مجموعة كاملة من القضايا المهمة التي تتضمن مجموعة من المبادئ التوجيهية للسلوك المسؤول والمناسب عند استخدام التقنيات، فيجب على كل مواطن يستخدم تقنيات المعلومات والاتصال أن يكون مدركا وفاهما آلية تطبيقها وتوظيفها بشكل إيجابي يحمي بها نفسه ومجتمعه، ويحافظ على كيانه وخصوصيته في ضوء قيم وعادات المجتمع الذي يعيش فيه.

والتقنيات الرقمية لها كثير من الفوائد التي ساعدت في سرعة تبادل المعلومات والبيانات وتنوع أشكال إنتاج المحتوى الرقمي، إلا أن صاحب ذلك ظهور العديد من القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي أثيرت حول العالم بشكل عام والمجتمع العربي بشكل خاص، فالتوظيف السيء للتقنيات الرقمية أدي لظهور سرقة البيانات الالكترونية وقضايا سرقة الهوية، والاحتيال الالكتروني، والقرصنة الالكترونية، والاختراق الالكتروني للمؤسسات والهيئات، والإرهاب الالكتروني، ويضاف إلي ذلك ظهور أمراض اجتماعية جديدة لم يعرف بها المجتمع من قبل مثل أمراض إدمان الإنترنت وإدمان الألعاب الالكترونية، والعنف الالكتروني وغيرها.

أصبح النظام التعليمي مطالبا بإعداد المواطن الرقمي المؤهل للتعايش مع العصر الرقمي الذي نعيش فيه، وأن يركز على تعليم المواطنة الرقمية لتصبح طريقة جديدة للتفكير في توظيف التقنيات الرقمية والاستفادة منها، وذلك بدلا من التركيز على ما يمكن أن تفعله التقنيات الرقمية، ليصبح الهدف هو التفكير في كيفية توظيف التقنيات الرقمية بشكل ملائم ومسؤول من المواطنين، ليصبح كل مواطن لديه من المعارف والمهارات التي تؤهله ليكون مواطنا رقميا مسؤولا.

وعليه يمكن القول، إن المواطنة الرقمية تستهدف الاهتمام بالسلوكيات والقواعد والضوابط التي توجه المواطن نحو التوظيف الصحيح للتقنيات الرقمية، فالمواطنة الرقمية هي أداة للحد من الجوانب السلبية لتوظيف التقنية وصولا إلى عالم صالح في ضوء التوظيف الآمن والصحيح للتقنيات الرقمية لمختلف الفئات العمرية.

ويحتاج الطالب مجموعة من المعارف والمهارات التي تساعده للتحول إلى مواطن رقمي، منها الوعي بالعالم الرقمي ومكوناته ومتطلباته، وتزويده بالمهارات الرقمية التي تساعده على الممارسة الفعلية والمناسبة والتوافق مع القواعد الأخلاقية للمواطنة الرقمية، إضافة إلى الحاجة إلى ترسيخ قيم ومبادئ إيجابية لدى المواطن تؤهله للتعايش في العصر الرقمي بأمان وحماية نفسه ومعلوماته.

لذلك، يجب التركيز على تطوير نظم التعليم ومحتويات البرامج الدراسية لتتوافق مع متطلبات العصر الرقمي وتنتج طالب يملك مهارات المواطنة الرقمية التي تساعده على التعايش في ذلك العصر، ويتمكن من توظيف كل التقنيات الرقمية والاستفادة منها بأمان.

Daham9920@