سارا الضراب

خدعوك فقالوا.. ريادة الأعمال طريق الثروة!!

الثلاثاء - 25 أكتوبر 2022

Tue - 25 Oct 2022

أصبحنا في زمن السوشيال ميديا وقد تبع ذلك ظهور عدد من رواد الأعمال على الساحة مما شجع الشباب لدخول معترك وغمار ريادة الأعمال، وأصبح الكثير من هؤلاء على قدر من الثراء وقد حقق دخلا عاليا وثروة كبيرة وكأن ريادة الأعمال هي الباب السحري لتحقيق الثراء بغض النظر عن النجاح الوظيفي الذي حققه الفرد خلال وظيفته.. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف حقق هؤلاء هذه الثروة في زمن قياسي؟

وهنا نشير إلى أن ريادة الأعمال تتطلب التمتع بخمس خصائص أساسية، يمكن تسميتها بأسس فكر ريادة الأعمال، والتي تعمل على استمرار نجاح العمل، من خلال توفر الوعي والإدراك والمعرفة لتلك الخصائص المميزة، فبالرغم من كون ريادة الأعمال علما من العلوم التطبيقية الحديثة نسبيا، يدرس في عدد من الجامعات والمعاهد التعليمية العليا، ولكونها عنصرا رئيسا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المتقدمة والنامية على حد السواء، لكن هذه الخصائص يمكنك اكتسابها وتنميتها من خلال الفهم والاستعمال الجيد، ثم تطبيقها من خلال التجربة واتخاذ القرار.

من ناحية أخرى تعج شبكة الإنترنت بالأدلة التوضيحية حول ريادة الأعمال، والمصادر التعليمية التي تصف كيفية إنشاء مشروع في مجال معين خطوة بخطوة، وهناك عدد من الأفكار الجاهزة التي يمكنك الأخذ بها وتحويلها إلى مشروع خاص. فليس هذا وحسب، إذ يمكن لرائد الأعمال المبتدئ أن يعثر في شبكة الإنترنت على عدد من النصائح والخبرات التي تساعده على تجاوز المعيقات التي تواجهه في بداية مشواره الريادي.

لكن المشكلة الحقيقية والتي يجهل عنها الكثير هي أن مفهوم ريادة الأعمال وفلسفتها الحقيقية ببساطة هي مدرسة وفلسفة متغيرة كل يوم شيء جديد يحدث فيها؛ فعالم ريادة الأعمال معقد جدا ويحتاج تجارب عدة وتجارب فشل عدة، يجب على الفرد أن تكون فيه روح المبادرة، مبادر دائما مترقب للفرص ولهث حول الفرص، هي ببساطة قائمة على تجارب الفرد ومحاولة للوصول لنتائج في كل فترة.

وخلال هذه الأيام يواجه الشباب ضغوطا عدة في اتجاه محاولتهم الحثيثة لكيفية إيجاد فرص لريادة الأعمال وإذا ضيعها سيصبح لا يستطيع أن يفارق الوظيفة طيلة حياته ولن يحقق أي دخل عال وحرية مادية، فإذا كان الفرد ناجحا وظيفيا فليس شرطا أن ينجح في ريادة الأعمال، وكثير من الأفراد فشلوا وظيفيا لكن حالفهم الحظ في ريادة الأعمال، ولا ننسى هنا البيئة اللي ترعرع فيها الفرد فإنها تلعب دورا في وضع اللبنات الأولى لأساسيات ريادة الأعمال بمعنى من هو التاجر؟ وماذا يفعل؟ إذا كانت بيئته ليست تجارية سيضطر لتعلم الأساسيات وإذا كانت البيئة تجارية فليس شرطا أن تنجح، وإذا كان عند الفرد الأساسيات ومارس العمل التجاري والمهني منذ الصغر فإنها تلعب دورا في تأسيس الفرد وتهيئته لريادة الأعمال في المستقبل.

بيد أن عالم ريادة الأعمال يحتاج فقط إلى سمات شخصية معينة عند الشخص حتى يستطيع في النهاية مع اكتساب بعض المهارات والعلاقات والتجارب العديدة الوصول لنتائج ملموسة ومحسوسة. وفي الآونة الأخيرة استطاعت المئات بل آلاف المشروعات تحقيق النجاح في البقاء؛ من خلال تمكنها من جعل وحداتها الإنتاجية أكثر اقتصادية، مع حل مشكلاتها الفنية، أو خلق الميزات التنافسية للارتباط بسلاسل القيمة أو سلاسل الإمداد، والتميز في الإدارة المالية للمشروع أو المنشأة، مع إمساك الدفاتر المحاسبية المنتظمة، وحل مشكلات التسويق والمبيعات للخدمات والمنتجات القائمة، وتفادي تقادم خدماتها ومنتجاتها المتنوعة، مع التركيز على أهمية تحديث وسائل الاتصال والتواصل مع العملاء من خلال شبكات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، مع التركيز والعمل المستمر على تحديث قواعد البيانات وقوائم دخول وخروج المنافسين والمستثمرين في مجال العمل، مع توثيق وتحقيق متطلبات ورغبات وتوقعات العملاء باستمرار.

فإذا كانت العلاقات المهنية تنبني قديما على الحفلات واللقاءات الرسمية وغيرها من المناسبات التي تستوجب الانتقال من مكان لآخر والالتزام بجملة من البروتوكولات، فإنها اليوم جملة من المنشورات تنشرها أو بعض من العينات من ثقافة اكتسبتها تشاركها مع غيرك في فضاء فسيح، تسمح لك بالولوج شيئا فشيئا إلى عالم الأعمال. إنها وسائل التواصل الاجتماعي التي وإن استعملت بالطريقة المثلى قد تمنحك معارف جديدة وتكسبك صداقات تفتح لك أبواب الاتصال برواد هذا المجال الرحب ويكون ذلك بطرق عدة قد تشمل: متابعة المؤثرين على منصات يوتيوب وانستقرام في مجال ريادة الأعمال بشكل عام أو في مجال متخصص ترغب في الاستثمار وفتح مشروعك فيه. مع توسيع شبكة «لينكد إن» الخاصة بك وتطوير ملفك لتستقطب متابعين مهتمين بمجال عملك، وتشارك معهم الخبرات والمعارف.

وبتعدد الآراء والمشارب تتعدد المعارف وتتنوع المهارات التي يمكن اكتسابها بطريقة غير مباشرة، فاحرص إذن على توسيع معرفتك بهذه المنصات والتمكن من خصوصياتها.

في الختام عزيزي رائد الأعمال.. عزيزتي رائدة الأعمال فإنني أقدم لك النصيحة بأن تكون صبورا وتعلم أن النتائج لا تأتي تباعا وأن السوق فيه منافسون أشداء، وأن العالم يشهد متغيرات شتى من غلاء في أسعار المواد الأولية وصولا إلى كوارث صحية كجائحة كورونا مثلا، والتي غيرت خارطة العالم اقتصاديا وحولت اقتصاديات ومشاريع كبرى إلى عالة على الدول والمنظمات فضلا عن إفلاس الكثير دفعة واحدة. ما قد قيل لا يعني التشاؤم والتخوف لكنه يدعوك إلى الصبر في بعض الأوضاع الحساسة وتفادي التفكير المتهور، والتريث في اتخاذ القرارات المصيرية التي من شأنها التأثير على حياتك الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

S_Darrab@