عبدالحليم البراك

كرة القدم والإدارة

الاثنين - 24 أكتوبر 2022

Mon - 24 Oct 2022

قد يجوز لنا القول - ساخرين - إن مصطلحات كرة القدم تتشابه مع مصطلحات الإدارة في المنشآت والمؤسسات إلى حد ما، والذي يبدو أن الصراع الكروي يتقاطع مع الصراع الإداري في بعض مصطلحات وأساليبه، ولأن الإنسان يكرر نفسه في الإدارة والفن والحياة؛ فإنه أيضا يمكن إسقاط مصطلحات كرة القدم على الإدارة، ويتضمن ذلك الأساليب والخطط والتنفيذ وكذلك العمل خارج الملعب أو حتى ما يسمى بالتهيئة النفسية.

يستخدم المدرب في كرة القدم أسلوب التوجيهات خارج نطاق الملعب، وهي تشبه توجيهات المديرين والرؤساء قبل بدء العمل، وهي غالبا ما تكون لكسب الوقت، وإن كان يعتبر ما قبل المباراة وما بين الشوطين هو الوقت المفضل للمدربين لإلقاء توجيهاتهم للاعبين، فالذي يبدو أن أفضل وقت لتمرير توجيهات المديرين والرؤساء هو أول المساء، حيث يستعيد الجميع قواهم بعد يوم منهك، ولذلك معظم المكالمات التي تخص العمل تكون بعد الغروب حتى يتسنى للموظفين الاستمتاع بما تبقى من وقت قبل البدء بالتوجيهات، أما ما بين الشوطين في كرة القدم فهو يشبه «بريك الشاي» أو يشبه «فترة الإفطار» التي يستغلها المديرون لتمرير توجيهات للموظفين قبل بدء العمل!

وأثناء العمل يستخدم بعض اللاعبين الكتف في الصراع الكرة، ويعتبر الاصطدام بالكتف عملا جسديا قانونيا ومسموحا به في المباراة، وربما يشبه إلى حد ما تهديدات المديرين والرؤساء في الخصم من الموظف نتيجة تأخيره أو تقصيره أو تهديده بإنهاء عقده، إذا يعتبر هو الضربة القانونية التي تشبه الضرب بالكتف للموظف حتى يصلح من حاله!

أما أسلوب الضغط في كرة القدم على الخصم وحامل الكرة، فهو يشبه الإنجاز بالأداء في الدوائر والمؤسسات، فهو عبارة عن ضغط موقت بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من الأهداف، وربما صار هو الضربة الوقائية التي تستخدمها الإدارة.

إن كانت بعض الفرق تلعب في الدوري وليس في الكأس فإنها ترفع غلتها من الأهداف بهدف تجاوز الخصوم ولو بفارق الأهداف، وكذلك بعض الإدارات تنجز أكبر قدر من الأهداف بهدف أن تكون هذه الأهداف ملحوظة في عين الإدارة العليا مقارنة بالإدارات الأخرى. ذلك أن الفريق الأكثر أهدافا أكثر حظا بمركز متقدم، والإدارة التي تحقق ظهورا أكثرا هي أكثر حظا من غيرها.

ويخطئ بعض الإداريين ببعض الأعمال غير المناسبة وهي تشبه إلى حد كبير عندما يكون اللاعب في وضع تسلل، فهو رغم الجهد الذي يفعله اللاعب إلا أنه غير محسوب له هذا الهدف، والإداري الذي يقوم بجهد غير مدروس وفي غير محله يعتبر تسللا إداريا غير محتسب له بل إن تكرر كثيرا صار عبئا على فريق العمل وعلى من فعله، كما أن حالة التسلل على اللاعب عبء على فريق كرة القدم واللاعب معا!

والعامل النفسي في الإدارة وكرة القدم عامل حاسم جدا لأنك في كليهما تتعامل مع بشر، لكن في كرة القدم معظم اللاعبين صغار السن ولذلك تحتاج إلى حزم أكثر من احتياجك إلى تشجيع، وفي الإدارة إن كان عدد المستحقين للتقاعد المبكر أكثر فهذا يعني أنك بحاجة للتشجيع أكثر من الحزم، أما إن كانوا أقرب للتقاعد فهو أشبه بالفريق الذي يلعب على الخبرة من الفريق الذي يلعب بحماس لأن الفريق صغير السن!

يمكن أن نعتبر أي عمل متوقع في العمل الإداري يعتمد على سرعة الإنجاز ويحقق الهدف منه، ما هو إلا هجمة مرتدة إدارية قد تنجز أعمالها بمهارة عالية أو يعتبر جهدا ضائعا.

ويعتبر المستفيدون من الخدمة هم الجمهور الغاضب دوما منك الذين يرمون علب الماء في الملعب على اللاعبين غضبا، وهي تشبه إلى حد كبير كمية الشكوى الكيدية وغير الكيدية التي تتلقاها الجهة إذا ما أغضبت أصحاب المصلحة والمستفيدين!

Halemalbaarrak@