لا مؤدب كالدهر!
الاثنين - 17 أكتوبر 2022
Mon - 17 Oct 2022
لا مؤدب كالدهر، ولا واعظ كالزمان، ولا كاشف للحقائق مثل الوقت، ولا فاضح لما استتر مثل الانتظار، وكفى بالزمن معلما ومرشدا، لمن أراد العلم والحكمة، وكفى بالزمن يزيد من غباء الغبي وحمق الأحمق إن تجاهل دور الزمان، فما أتعس من طال به الزمن ولم يتعلم!، وما أغبى من توقف به عقله وطال به زمنه!، ولا أعظم حظا ممن علمته الأيام (كل يوم) علما جديدا، فقال في نفسه نتعلم هذه، ونتعظ من تلك، ونستفيد مما حدث، حتى تنقضي أيامه وهو يتعلم، ويحتضر جسده ولا يموت عقله، وفي كل لحظة هي له موعظة.
فما أعدل الزمان ينصف الضعيف حتى يرى القوي يتهالك وينهار، وتخور قواه، ويرى بأم عينه كيف كان أثرا بعد عين، وكيف كان ضعفا بعد قوة، وكيف أن سطوته التي لم يهزمها أحد، هزمتها الأيام ونخر في جبروته الزمن، فكفى بالصبر واعظا.
وما أعدل الدهر الذي ينصف الناس باسم التاريخ، فلا يحكم بالحمق على ابن آدم من لحظة غضب من رجل حليم طوال عمره، ولا يحكم بالحلم على أحمق أصاب بضربة حظ للحظة واحدة فلا يوصف بالحلم طوال حياته.
ولا يزال الوقت هو أداة العقلاء الرجال في فك الأزمات، وحل المعضلات، فما من مشكلة إلا والزمن كفيل بحلها؛ فقد حلت قضايا كثيرة بعد مرور وقت عليها، ليس لأن الزمن أداة حل، بل لأن صبر الإنسان ينفد ولا تنفد الأيام فيذعن الإنسان أولا وأخيرا للوقت، ولا يذعن الوقت للإنسان، ولذلك إن أعيت مصيبة، فدع الزمن يتكفل بحلها نيابة عنك!
ومن أعجب عجائب الزمن هو أنه الوحيد القادر على تغيير الأفكار والمعتقدات، فما كان معتقدا سائدا بالأمس نساه الناس اليوم، وما كان محرما بالأمس صار حلالا مستساغا اليوم، ولا تثق بيومك، فما تؤمن به الآن، قد يحول عليه الحول ويتغير وتنكر إيمانك بالأمس وتزعم أن جهلك هو من قادك لذلك الإيمان، والعكس صحيح مقبولا مستساغا هو الآخر.
ويستسلم الرجل الحكيم لدورة الزمن، فلما كان هذا الرجل الهرم -الذي شاخ به الوقت- شابا؛ كان يبعد عن طريقه من شاخوا وكبرت بهم الأيام، ومن إنصاف الدهر أن الرجل الحكيم يؤمن أن الوقت حان لإبعاده عن طريق الشباب ليأخذوا نصيبهم من الوقت ومن الحياة ومن هذه الدنيا وإن كانت الحكمة تستلزم أن يجتمع نشاط الشباب وحكمة الكبار، وإلا لكرر الزمن نفسه، وأعادت التجارب نفسها وزاد حمق الإنسان وبقي الزمن شامخا!
ومحال دوام الحال، لا يؤكد هذه العبارة إلا الزمن، ولا يجبرك على الإيمان بها إلا تأملك الصغير في هذا الوقت الكبير، فإن رأيت متبخترا بمال حال عليه الحول فقيرا لا يملك مالا أو ضعيفا لا يستفيد من مال أو هرما محروما من التصرف بماله نتيجة تدهور عقله، فما أعدل الزمان به وما أنقص عقولنا في الرغبة العارمة من الحكم على الأشياء من لحظتها.
وما أحكم علي بن عبيدة الريحاني المتوفى حوالي 219هـ حيث يقول في كتابه «المصون والزمام»: «الدهر أنصح المؤدبين، وأفصح الواعظين وكفاك من كل يوم خبر يورده عليك ونبأ ينقله إليك وعبرة يكشفها لك، وإنما الأيام مراق في الأدب، ودرجات العلم الأكبر، فمن فهم عنها غيرها وتفكر في صروفها ومحنتها سعد بعلمه ولم يفتقر إلى غير نفسه» والكتاب من تحقيق عبدالله بن سليم الرشيد ومن منشورات نادي القصيم الأدبي!
Halemalbaarrak@
فما أعدل الزمان ينصف الضعيف حتى يرى القوي يتهالك وينهار، وتخور قواه، ويرى بأم عينه كيف كان أثرا بعد عين، وكيف كان ضعفا بعد قوة، وكيف أن سطوته التي لم يهزمها أحد، هزمتها الأيام ونخر في جبروته الزمن، فكفى بالصبر واعظا.
وما أعدل الدهر الذي ينصف الناس باسم التاريخ، فلا يحكم بالحمق على ابن آدم من لحظة غضب من رجل حليم طوال عمره، ولا يحكم بالحلم على أحمق أصاب بضربة حظ للحظة واحدة فلا يوصف بالحلم طوال حياته.
ولا يزال الوقت هو أداة العقلاء الرجال في فك الأزمات، وحل المعضلات، فما من مشكلة إلا والزمن كفيل بحلها؛ فقد حلت قضايا كثيرة بعد مرور وقت عليها، ليس لأن الزمن أداة حل، بل لأن صبر الإنسان ينفد ولا تنفد الأيام فيذعن الإنسان أولا وأخيرا للوقت، ولا يذعن الوقت للإنسان، ولذلك إن أعيت مصيبة، فدع الزمن يتكفل بحلها نيابة عنك!
ومن أعجب عجائب الزمن هو أنه الوحيد القادر على تغيير الأفكار والمعتقدات، فما كان معتقدا سائدا بالأمس نساه الناس اليوم، وما كان محرما بالأمس صار حلالا مستساغا اليوم، ولا تثق بيومك، فما تؤمن به الآن، قد يحول عليه الحول ويتغير وتنكر إيمانك بالأمس وتزعم أن جهلك هو من قادك لذلك الإيمان، والعكس صحيح مقبولا مستساغا هو الآخر.
ويستسلم الرجل الحكيم لدورة الزمن، فلما كان هذا الرجل الهرم -الذي شاخ به الوقت- شابا؛ كان يبعد عن طريقه من شاخوا وكبرت بهم الأيام، ومن إنصاف الدهر أن الرجل الحكيم يؤمن أن الوقت حان لإبعاده عن طريق الشباب ليأخذوا نصيبهم من الوقت ومن الحياة ومن هذه الدنيا وإن كانت الحكمة تستلزم أن يجتمع نشاط الشباب وحكمة الكبار، وإلا لكرر الزمن نفسه، وأعادت التجارب نفسها وزاد حمق الإنسان وبقي الزمن شامخا!
ومحال دوام الحال، لا يؤكد هذه العبارة إلا الزمن، ولا يجبرك على الإيمان بها إلا تأملك الصغير في هذا الوقت الكبير، فإن رأيت متبخترا بمال حال عليه الحول فقيرا لا يملك مالا أو ضعيفا لا يستفيد من مال أو هرما محروما من التصرف بماله نتيجة تدهور عقله، فما أعدل الزمان به وما أنقص عقولنا في الرغبة العارمة من الحكم على الأشياء من لحظتها.
وما أحكم علي بن عبيدة الريحاني المتوفى حوالي 219هـ حيث يقول في كتابه «المصون والزمام»: «الدهر أنصح المؤدبين، وأفصح الواعظين وكفاك من كل يوم خبر يورده عليك ونبأ ينقله إليك وعبرة يكشفها لك، وإنما الأيام مراق في الأدب، ودرجات العلم الأكبر، فمن فهم عنها غيرها وتفكر في صروفها ومحنتها سعد بعلمه ولم يفتقر إلى غير نفسه» والكتاب من تحقيق عبدالله بن سليم الرشيد ومن منشورات نادي القصيم الأدبي!
Halemalbaarrak@