شاهر النهاري

وتفيأنا ظلال ثقافة ضافية

الاثنين - 17 أكتوبر 2022

Mon - 17 Oct 2022

بعض المسميات تكتم الطموح، بمحدوديتها، وانغلاقها، وبعضها يكون متوسطا، لا يحفز على الاستحسان أو النقد، والبعض النادر منها يكون عظيما مبهرا متسعا راسخا حاويا للمزيد والأفضل، كما في اختيار تطلعات الرؤية السعودية لمسمى هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت مظلة ضافية.

المسمى عبقري، والمفهوم حلم طالما داعب تطلعات أدباء ومبدعي ومثقفي الوطن السعودي، فنارة سمو يرنون إليها على شواطئ الطموح، بعد هجير وشتات وألوان كالحة، وضيق حدقات، وتخبط في المسار وسط تراكم الأنواء، الهادمة لأحلام الطموح.

فعلا لقد كانت المسميات القديمة شتاتا يتنافس في العنت، وضيقا يحد التكامل والوصول والتنوير، والقرار والحوار، والدعم، بمزاجية انغلاق أدى لطغيان مفهوم الشللية.

ولكنا اليوم تحت حنو المظلة الجديدة نستجلي روح ونشوة عطاء الشباب، وتجانس التخصصات الفاعلة في تكوين الثقافة المتكاملة ضمن هيئة واحدة، بكرم حكومي يدعم التشارك والبناء والنفع والطموح، ما أثمر بباكورة تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب 2022، والذي جمع الإبداع وتجاوز أطياف القدرة، وغازل سماء كسر الأرقام، في المكان، والتنظيم، والامكانيات البشرية والتقنية الحديثة، والنقل الإعلامي، ومناطق الاستقبال والراحة، والأنشطة النوعية، من ندوات وعي ثقافي دُعي إليها أغلب مثقفي الوطن السعودي، وأعلام الثقافة الخليجية والعربية، وضيوف دوليين، ومشاركين، نغموا في جنباته الفسيحة مظاهرة ثقافية متنوعة غنية رسمت أعظم الصور، وجمعت طيب الفكر، واختلافه، بتبجيل الرؤى المتقدمة مرصودة بوعي الراعي، صوتا وصورة، تصوغ سجلا شرفيا، وصحفيا، وتاريخيا، وسط حلبات مقارعة العصف الذهني، وتهيئة أجواء البحوث الثقافية، بصروح مستقبل ثقافي عتيد، ووقود التاريخ والتحسين، وعصرية التجدد.

معرض الكتاب النموذجي في الرياض لم ينبت صدفة، بل كان نتاج تجارب خمسين عاما لثقافة وجدت نبعا فزمزمته، بنوايا انبثاق أنهار معارض سنوية ومبادرات، وتطلعات لا تنتهي خططها المدروسة المثمرة.

معرض عرف فيه المبدع أقرانه ممن يسمع عنهم، وناقشهم، وعانق بهم الوعي بإمكانيات ارتقاء المجال والمنال، وتفهم أكسيد البوتقة، والإبريز، والامتزاج بأذواق الأقران، وعقد الصداقات المهنية الراسخة، وتواصل الأديب والكاتب والمبدع مع من يقرؤون لهم، في حوارات أخوية وتمازج وعهود تواصل وانفتاح ثقافي يهد عزلة الأبراج العاجية.

تعرف المبدع على دور النشر والترجمة المحلية والدولية وتبين رؤيتها، ووسائلها وخططها، وامكانياتها المتاحة للمشاركة والتسابق، واستوضح وقارن، ووجد الفرص، للخروج عن حدود الضيق.

واحتك الناشر بإمكانات الفاعلين بالسوق، وخلص إلى أفضل وسائلهم في صنع أسس العمق والربح، والمنافسة الشريفة، وكتابة أبجديات الترقي.

والترجمة اختبرت وسط هذه المظاهرة التميز، وارتفاع سقوف المتطلبات وقدرة وأمانة نقل وتقريب وتغريب الأدب بحرفية منقوشة بخليط مشاعر المنشئ، ضمن تنوع اختيارات يريح جميع الأطراف، ويخلق الرموز، دون تنازع جهات، واحتكار شلة.

معرض كتاب وحشد شعبي حضاري بملايين زواره، ضمن مهرجان أثير، وجدت فيه الأسرة طموحاتها، بتميز ما صاحبه من فنون ومسرح، وقدرة المريد على احتواء ثقافة الأرض مخطوط بين يديه.

الرائع الدكتور محمد حسن علوان، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة: لا أحبذ سكب أقداح المديح لمن يؤدون واجباتهم بمثالية، ولكني هنا مضطر لقهوة، برائحة هيل وزعفران شديد العرفان للإشادة بعملك المتقن المبهر، أنت وفريقك المتفاني بجد وتقدير ومعرفة ومنتهى الطموح، وبما يبيض الوجه، ويصنع نقطة نظام، وفقكم الله لبلوغ القادم الأفضل.

shaheralnahari@