طارق حريري

من يكتب التاريخ؟

الأربعاء - 24 أغسطس 2016

Wed - 24 Aug 2016

تعد قراءة التاريخ بمثابة خارطة ترشدك من أين أتيت وإلى أين ستصل، وفي ذلك تكمن أهمية التمعن في التاريخ حتى يتسنى معرفة الأسباب التي أوصلت الحاضر بكل عوامله المختلفة إلى وضعه الحالي، وتبقى المعضلة الكبرى من يكتب التاريخ؟



هنا تجد أنك أمام روايتين مختلفتين كليا بين رواية الشعوب المنتصرة ورواية الشعوب المهزومة في كتابة التاريخ، وكما قال الروائي دان براون «التاريخ دائما ما يقوم بكتابته الفائزون، عندما تتصادم ثقافتان يتم طمس الخاسر ويكتب الفائز كتب التاريخ - كتبا تمجد قضيته هو وتنتقص من الخصم الذي احتل».



وأيهما أصدق وأدق في رواية التاريخ الغالب أم المغلوب؟



مع الأسف عزيزي القارئ لا أحد فيهما عادة يتصف بالمصداقية الكاملة في سرد حقيقة التاريخ لنا، خذ مثلا أكبر مجزرة حدثت في التاريخ الإنساني حين ألقت أمريكا قنبلتها النووية على مدينة هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية وتسببت في مقتل 146 ألف مدني، معللة ذلك بأنها اتخذت قرار ضرب هيروشيما ونجازاكي بالقنابل النووية لكي تجنب العالم ويلات استمرار الحرب وتنقذ أرواح الجنود الأمريكان وتخلص الشعب الياباني من الطبقة العسكرية التي كانت تحكمه.



بينما نرى في الرواية الأخرى اليابانية ويستطيع أي شخص أن يطلع عليها إذا زار متحف الكارثة المقام الآن في هيروشيما في مكان سقوط القنبلة بالتحديد، على أن اليابان كان في طريقه للاستسلام وأن أمريكا بالفعل انتصرت في الحرب وليست في حاجة إلى ضرب اليابان بالقنابل النووية، وتبقى هذه الحادثة قريبة من حاضرنا وفي عصر المعلومات، فكيف بأحداث حصلت قبل مئات وآلاف السنين في زمن لم تكن فيه الكتابة والطباعة والتوثيق منتشرة على مستوى كبير كما في عصر قنبلة أمريكا النووية!



هنا يجدر بنا إعادة النظر في قراءة التاريخ بعين الشك، كما قال لي الصديق العزيز الكاتب غسان حامد عمر «ينبغي اتخاذ مبدأ الشك الديكارتي في كل ما وصل لنا من تاريخ ومورثات ما بين روايات المغلوبين على أمرهم والغالبين لأمرهم».